مخاوف من إقدام السلطات الليبية على إخلاء مقر البرلمان من جرحى الثورة بالقوة بعد فشل الوساطة

حكومة زيدان في المجهول وسط جدل بين الليبراليين والإسلاميين

TT

بينما بات مصير الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور علي زيدان عرضة للخطر بسبب التجاذبات السياسية بين أكبر حزبين يهيمنان على مقاعد المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، أبلغ أعضاء في المؤتمر الوطني «الشرق الأوسط» بأن السلطات الليبية قد تضطر إلى إخلاء المقر الرئيسي للمؤتمر بالعاصمة طرابلس، الذي تحتله مجموعة من الثوار والجرحى منذ نحو أسبوعين بعد فشل محاولة التوسط للتوصل إلى اتفاق لإخلاء المقر بصورة ودية.

وعلى الرغم من أن بشير الكبتي، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، قال إنه لا معلومات لديه حول اعتزام حزب العدالة والبناء، الذي يعتبر الذارع السياسية للجماعة، الانسحاب من حكومة زيدان، فإن مسؤولا في الحزب تحدث لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم تعريفه، وأكد في المقابل أن هناك تململا كبيرا من جانب قيادات الحزب إزاء أداء حكومة زيدان. وأضاف «دورنا في الحكومة بات إلى حد ما هامشيا. دورنا محدود، ونعتقد أن تحالف القوى الوطنية الذي يقوده الدكتور محمود جبريل يسيطر على هذه الحكومة». لكنه تحدث أيضا عن مساع لتحسين وضع الحزب في الحكومة أو تطوير عملية التنسيق بين الطرفين خلال المرحلة المقبلة التي لفت إلى أنها لا تتحمل انهيار الحكومة أو إسقاطها بالنظر إلى خطورة الوضع على كل المستويات في البلاد».

وتفادى تحالف جبريل الليبرالي، وأيضا حزب العدالة الإسلامي، إصدار أي بيانات رسمية تعكس مواقفهما حيال حكومة زيدان التي تضم نحو 35 وزيرا، وتشكلت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. بيد أن الأحاديث الجانبية لمعظم مسؤولي الحزبين تكشف في المقابل عن صعوبات جمة ستواجهها حكومة زيدان خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

في غضون ذلك، وزع مكتب الإعلام التابع للمؤتمر الوطني العام بيانا لعضو المؤتمر عبد الرحمن الشاطر يتحدث فيه عن فشل مساعيه للتوصل إلى اتفاق يسمح للمؤتمر باستعادة مقره الرئيسي بأحد فنادق طرابلس، والذي يحتله عشرات من الجرحى ومبتوري الأعضاء احتجاجا على تردي أوضاعهم الصحية والمعيشية على الرغم من دورهم في الحرب التي أدت إلى الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي بمساعدة من حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في أكتوبر (تشرين الأول) 2011. كما وزع المؤتمر مذكرة تفاهم موقعا عليها من نفس العضو ومسؤولين آخرين في الحكومة ومجلس شورى طرابلس، تتضمن منح الجرحى المزيد من الضمانات بتحسين أوضاعهم، بالإضافة إلى توفير مساكن وفرص للحج والعمرة ومنحهم نوط الدولة من الدرجة الأولى.

وبدا أمس أن الإعلان عن فشل جهود الوساطة بين الجرحى والمؤتمر قد تمهد لاحتمال إقدام السلطات الليبية على استخدام القوة لإخلاء المقر من المعتصمين.

وكان كل من محمد المقريف رئيس المؤتمر، والدكتور علي زيدان رئيس الحكومة، قد أعلن الأسبوع الماضي أنه يفضل الحوار كوسيلة لإقناع المعتصمين بإخلاء المقر، فيما اضطر أعضاء المؤتمر إلى عقد اجتماعاتهم في خيمة نصبت على عجل بحديقة الفندق الذي يتخذه المؤتمر مقرا له. وفيما قال أعضاء في المؤتمر إنهم لا يعتقدون أن استخدام العنف سيحل المشكلة، بل سيزيدها تعقيدا، قال أعضاء آخرون إنه لا يصح القبول بالتلاعب بهيبة الدولة ممثلة في المؤتمر الوطني، الذي يمثل أعلى سلطة دستورية في البلاد منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في يوليو (تموز) الماضي.

ومع ذلك، فقد واصل المؤتمر مناقشة مشروع قانون العزل السياسي لمنع المحسوبين على نظام القذافي من التسلل مجددا إلى السلطة، لكن لا يوجد تاريخ محدد لموافقة المؤتمر على المشروع أو التصويت لصالحه بالنظر إلى الخلافات التي تسود المناقشات.

على صعيد آخر، قررت المحكمة العسكرية في بنغازي بشرق البلاد، تأجيل النظر في قضية اغتيال الفريق عبد الفتاح يونس، الرئيس السابق لهيئة أركان الجيش الليبي خلال الحرب ضد القذافي، مع رفيقين له، إلى الرابع عشر من الشهر المقبل. وقال القاضي العسكري المقدم سليمان الرملي، رئيس الدائرة المكلفة، في تصريح لوكالة الأنباء الليبية، إن تأجيل الجلسة يهدف إلى إتاحة المجال أمام النيابة العسكرية لاستيفاء تحقيقاتها في القضية، وإحالة قرار الاتهام الجديد لهيئة المحكمة للنظر فيه.

يشار إلى أنه كان يفترض مثول المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق، في هذه الجلسة، لكنه تغيب لقيامه حاليا بجولة علاجية شملت بريطانيا وتركيا.