جنرال أميركي يرفض أرفع منصب عسكري في أوروبا بسبب مرض زوجته

جون ألن قرر التقاعد من أجل المكوث في المنزل ومساعدة شريكة حياته العليلة

الجنرال جون ألن
TT

بعد أربعة أشهر من توليه منصبه، وافق الرئيس الأميركي باراك أوباما على إقالة الجنرال الذي يقود الحرب في أفغانستان، وفي الصيف الذي يليه أقال الرئيس خلفه الجنرال ستانلي ماكريستال، للإدلاء بتصريحات عاصفة لمجلة أميركية. أما الجنرال ديفيد بترايوس، الذي حل بديلا لماكريستال، فغالبا ما كان يختلف مع أوباما بشأن مستوى القوات واستراتيجية الحرب.

وما إن تولى جون ألن قيادة الحرب في يوليو (تموز) 2011 حتى وجد أوباما ضالته في جنرال يمكنه التفاهم معه، إذ أبدى ألن مزيدا من المرونة بشأن عدد القوات وتغيير الاستراتيجية أكثر من سابقيه. في المقابل، كان مساعدو أوباما أكثر رغبة في الإنصات إلى آراء ألن حول أفضل الطرق لشن الحرب.

أراد أوباما أن يمنح ألن، الذي يترك القيادة في كابل الشهر الحالي، أرفع منصب عسكري أميركي في الخارج: القائد الأعلى لقوات التحالف في أوروبا. لكن ألن أعلن أول من أمس أنه يعتزم التقاعد من الجيش بسبب خطورة المرض الذي تعانيه زوجته.

سيحرم هذا القرار الرئيس من جنرال رفيع المستوى، ربطتهما علاقة وثيقة إبان الحرب، ويجبر البيت الأبيض على العثور على مرشح جديد لقيادة عمليات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أوروبا. وقال الرئيس في بيان عقب لقائه الجنرال في البيت الأبيض: «أبلغت الجنرال ألن تقديري الشخصي العميق لخدماته الاستثنائية على مدى 19 شهرا في أفغانستان، وسنوات الخدمة التي أمضاها في قوات البحرية الأميركية».

وأشار ألن في مقابلة معه يوم الاثنين إلى أنه يرغب في التركيز على مساعدة زوجته كاثي، التي تعاني عدة مشاكل صحية، من بينها اضطرابات المناعة الذاتية. وقال: «في الوقت الراهن، ينبغي أن أعتني بها جيدا. حان الوقت لرعاية عائلتي».

أشرف ألن على التحول الاستراتيجي من عمليات مكافحة الإرهاب كثيفة القوات إلى إنشاء قوات أمن محلية في أفغانستان. وخلال قيادته لهذا التغيير، نجح في سحب 33.000 جندي أميركي من البلاد والرد على عدد كبير من الهجمات ضد قوات التحالف، من خلال قوات أمن أفغانية.

وأوضح ألن، الذي يترك قيادة الحرب بعد تسعة أيام، أن قراره لم يتأثر بتحقيق البنتاغون في رسائل البريد الإلكتروني التي تبادلها مع جيل كيلي الشخصية البارزة في تامبا (فلوريدا)، والمتورطة في الفضيحة التي دفعت الجنرال بترايوس إلى تقديم استقالته من منصبه كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية العام الماضي. وتمت تبرئة ساحة ألن الشهر الماضي بعد فحص المحققين للرسائل.

ورغم وصف مسؤولين بوزارة الدفاع محتوى بعض الرسائل بالفجة والغزلية، أصر المفتش العام للبنتاغون على أن ألن لم يخالف الحظر العسكري بشأن ممارسة سلوك لا يليق بضابط. ووصف حلفاء ألن التحقيقب أنه مبالغ فيه، مؤكدين أن رسائله إلى كيلي، التي تضمنت عبارات مثل «حبيبتي»، لا تعكس شيئا أكثر من صداقة.

تم الكشف عن هذه الرسائل خلال تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن مجموعة رسائل التحرش التي تلقتها كيلي. وتمكن المكتب في النهاية من تحديد كاتب الرسائل، الذي تبين أنه كاتبة السيرة الذاتية للجنرال ديفيد بترايوس، باولا برودويل، وأن بترايوس وبرودويل كانت تربطهما علاقة عاطفية.

وقال ألن عن زوجته: «لقد كان للتحقيق أثر سيئ عليها». وأشار إلى أن حالة زوجته الصحية تدهورت خلال السنوات القليلة الماضية، وأنه يعتقد أنه سيكون من الصعب بالنسبة لها الحصول على التصريح الطبي اللازم من الجيش للسفر إلى بلجيكا، حيث مقر حلف الأطلسي. وتعيش ابنتاهما البالغتان، اللتان أسهمتا في العناية بكاثي ألن، في شمال فيرجينيا أيضا. وأضاف ألن: «قلت لها منذ وقت طويل: عندما لا تستطيعين تحمل المزيد، يمكنك فقط أن تخبريني وسوف أقدم استقالتي على الفور»، لكنه لم يعد يرغب في إلقاء ضغوط هذا القرار عليها، وقال: «الآن، ينبغي أن أخفف عنها هذا العبء».

كان ألن، (59 عاما)، جنرال البحرية الوحيد الذي تم اختياره لقيادة مسرح العمليات، قال إن قيادة حملة عسكرية دولية في أفغانستان تمثل بالنسبة له «شرفا مدى الحياة». وأوضح أن التحول الاستراتيجي، بعيدا عن مكافحة التمرد، وانسحاب القوات الأميركية، وهجمات القوات الأفغانية، وإغلاق مسارات الإمداد في باكستان لعدة أشهر، كان يراد منها «إبعاد الحملة عن مسارها. لكننا تمكنا من الصمود، وبذلنا في سبيل ذلك جهدا خارقا».

ورغم ذلك، لا يزال العنف في أفغانستان أعلى مما كان عليه، قبل أن تأمر إدارة أوباما بزيادة القوات الأميركية في البلاد، بحسب أحدث تقييمات البنتاغون، الذي أشار إلى أن كتيبة واحدة فقط من كتائب الجيش الأفغاني الثلاث والعشرين قادرة على العمل من دون دعم من الجيش الأميركي أو قوات «الأطلسي»، وهو ما يجعل من الصعوبة بمكان على الأفغان الاضطلاع بقيادة القتال ضد طالبان رغم الجهود الأميركية لنقل المسؤولية إليهم.

ويوضح القرار الرئاسي بسحب 34.000 جندي أميركي من أفغانستان بحلول فبراير (شباط) 2014، الذي أعلن خلال خطاب حالة الاتحاد الأسبوع الماضي، العلاقة بين أوباما وألن، بحسب مسؤولين بارزين مطلعين على الأمر. وأوصى مساعدو ألن بألا يتم سحب أكثر من 25.000 جندي هذا العام، وهو التقييم الذي دعمه الجنرال في بداية الأمر.

غير أنه عقب توضيح البيت الأبيض لألن أن الرئيس أراد سحب نصف القوات الموجودة في أفغانستان والبالغ عددها 68.000 جندي، أعد الجنرال خطة لإرضاء الرئيس، فأوصى ألن بسحب 34.000 جندي، لكنه طلب من أوباما أيضا تأخير الموعد النهائي شهرين، أي من نهاية العام إلى فبراير (شباط) 2014، ليتيح لمن سيخلفه، جنرال البحرية جوزيف دانفورد، تفادي سحب 25.000 جندي بحلول الخريف عندما يبدأ مقاتلو طالبان الراحة الشتوية، كما جرت العادة.

وافق أوباما على خطة ألن، التي تسمح لكلا الطرفين بالحصول على مراده، وسيكون بمقدور البيت الأبيض القول إن سحب 34.000 جندي جاء بالتوافق مع توصيات ألن، بينما يمكن للجنرال أن يظل قريبا من هدف الانسحاب الأول.

يعد ألن أول ضابط بحري يعمل قائدا لمتدربين في الأكاديمية البحرية الأميركية وقضى عامين في محافظة الأنبار في العراق، حيث أشرف على عملية التفاوض مع قادة القبائل السنية لمحاولة إقناعهم بقتال تنظيم القاعدة، وهو التحول الذي ساعد في تغيير مسار الحرب في غرب العراق.

كان ألن قد أطلع وزير الدفاع المنتهية ولايته ليون بانيتا قبل عدة أسابيع بأن حالة زوجته الصحية قد تدفعه إلى رفض الترشيح للمنصب في أوروبا، لكن ألن قال إنه لم يتوصل إلى قرار نهائي حتى عدة أيام قلائل. ويذكر أن مسؤوليات قيادته ومهامه العسكرية قد أبعدته بعيدا عن أسرته أغلب العقد الماضي. ولم ينل سوى أسبوع واحد لقضائه مع أسرته بين عمله في العراق وعمله في القيادة الوسطى وأسبوع واحد فقط قبل ذهابه إلى أفغانستان، وقضى أغلب عمله فيه في التنقل والإعداد لجلسة التصديق على تعيينه. وأكد أنه لم يمض مع زوجته عطلة منذ كانت ابنتاه صغيرتين. وقال: «كل ما أسعى إليه الآن هو قضاء وقت مع كاثي، أنا أريد الوجود في المنزل بشكل دائم».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»