إسرائيل تحاكم 4 سجانين بتهمة الإهمال في انتحار عميل «الموساد»

عملية كبرى خططها الموساد في إيطاليا ألغيت خوفا من كشف تفاصيلها لأستراليا

TT

قررت النيابة العامة الإسرائيلية تقديم أربعة ضباط في إدارة السجون للمحاكمة وذلك بتهمة الإهمال، الذي تسبب في انتحار السجين عميل جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية (الموساد)، بن زايغيير في مرحاض زنزانته قبل أكثر من سنتين لكن القضاء الإسرائيلي وافق على إبقائه طي الكتمان.

وقالت مصادر في القضاء الإسرائيلي إن زايغيير تمكن من خداع السجناء الذين يحرسونه، إذ رتب سريره بطريقة يظهر منها أن شخصا نام عليه، واستغل ذلك بالتوجه السريع، وهو يحمل ملاءة السرير، فبللها بالماء وربطها بقضبان الزنزانة وشنق نفسه فيها.

وكانت جمعية حقوق الإنسان في إسرائيل، قد حاولت كشف القضية في فترة وقوعها لكن المحكمة منعتها من ذلك يومها. وسمح لها بالنشر يوم أمس فقط وبشرط عدم الكشف عن هوية الأسماء، الواردة في الملف.

وكانت مصادر عليمة في أستراليا، قد ذكرت أمس أن عميل الموساد، بن زايغيير، سرب معلومات للمخابرات في أستراليا عن عملية كبيرة جدا كان يخطط الإسرائيليون لتنفيذها وبسبب تسريباته جرى إلغاؤها. وعندما وصل إلى إسرائيل لمتابعة عمله في الموساد، اعتقل بطريقة بشعة تدل على رغبة في الانتقام منه أكثر من مجرد محاسبته على جرم اقترفه.

وكان وزير الخارجية الأسترالي السابق، الكسندر داونر، الذي شهدت فترته اعتقال وانتحار العميل زايغيير، قد أدلى بتصريحات رجح فيها أن يكون بن زايغيير، قد «اعتقل في إسرائيل لقيامه بجرائم أكثر خطورة من مجرد نقل معلومات عن عمله في الموساد إلى المخابرات الأسترالية». وأضاف الوزير داونر في مقابلة أجرتها معه محطة الإذاعة «أي بي سي» التابعة للشبكة الأسترالية، أمس، أن العميل أقدم على فعلة خطيرة في مفاهيم المخابرات وأنه «استحق» عليها العقاب. وأشار إلى أنه كان قد طرح في الماضي (في أعوام 2005 - 2007) قضية استخدام الموساد لجوازات سفر أسترالية حقيقية أو مزيفة، فوجه تحذيرات واضحة بهذا الشأن وقال للإسرائيليين إن استخدام الجوازات الأسترالية هو خط أحمر. وأضاف أن إسرائيل تلقت تحذيراته بهذا الخصوص.

في المقابل كسرت عائلة زايغيير الأسترالية حاجز الصمت وقال مقربون منها لمبعوث صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، إلى مالبورن، إنهم يطلبون من إسرائيل الكشف عن الحقيقة كاملة وإنهم ينتظرون بفارغ الصبر نشر نتائج لجنة التحقيق الإسرائيلية. وقد فوجئ الإسرائيليون بهذا الطلب، قائلين إن «العائلة تعرف كل التفاصيل وقد تم التوصل معها إلى صفقة قبل سنتين بأن تصمت مقابل بضعة ملايين من الدولارات»، وفقا لمصدر تحدث مع الصحيفة.

وكانت شبكة «أي بي سي» قد أوردت أمس أن بن زايغيير قد استدعي للتحقيق لدى المخابرات الأسترالية عندما باشر تعليمه الجامعي هناك. ومع أن التحقيق معه تركز على سبب تقربه من طلبة إيرانيين ولبنانيين، لكنه فسر هذا التقارب على أنه ضمن عمله السري كعميل للموساد. وعندها تطور التحقيق معه إلى موضوع المشاركة في عملية اغتيال القائد الحماسي محمود المبحوح في دبي في مطلع سنة 2010. وراح يثرثر في أمور طلبت منه أو لم تطلب، حتى يعرف كل من اقترب إليه أنه ثرثار. فزود المحققين الأستراليين أيضا بتفاصيل كاملة عن عمليات غير معروفة للموساد في العالم، منها مخططات لمهمة سرية جدا في إيطاليا استغرق الإعداد لتنفيذها عدة سنوات. الأمر الذي أغاظ مشغليه الإسرائيليين جدا واضطرهم إلى إلغاء عدد من هذه العمليات.

يذكر أن إسرائيل ما زالت تحظر النشر عن هذا الموضوع، بحجة أمن الدولة، لذلك فإن الإعلام الإسرائيلي يستقي معلوماته مما ينشر في أستراليا وغيرها من دول العالم، علما بأن الموضوع ما زال يحتل عناوين الإعلام فيها.

بيد أن الإعلام الإسرائيلي لم يكتف بذلك ويقوم سوية مع وجهات سياسية مختلفة بممارسة الضغوط على الحكومة أن تكشف حقائق هذا الملف. وأعلنت مصادر مقربة من وزارة القضاء أن هناك احتمالا كبيرا لأن يفتح الملف للإعلام ولو بشكل جزئي في القريب. وقال المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، يوسف شبيرا، إنه سيتخذ قراره في هذا الشأن في غضون أيام قليلة.

وكانت لجنة الشؤون السرية في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي، قد قررت إجراء فحص حول ملابسات قضية اعتقال وانتحار زايغيير. وأثار هذا القرار ترحيبا حتى لدى مجلس المنظمات اليهودية في أستراليا. وفي ساعة متأخرة من مساء أمس، وافقت محكمة الصلح في ريشون لتسيون على طلب النيابة العامة الإسرائيلية بتقليص حظر النشر المفروض على التحقيق القضائي المتعلق بملابسات وظروف انتحار العميل زايغيير وصادقت على نشر التفاصيل التي سيسمح بنشرها خلال الـ24 ساعة القادمة.

وأفادت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية في موقعها على الشبكة، أمس، أن العميل كان قد استخدم ملاءة سريره من أجل شنق نفسه في مرحاض زنزانته. وقالت الصحيفة، إنه بموجب تحقيق أجرته سلطة السجون الإسرائيلية بعد العثور على زايغيير مشنوقا في زنزانته مباشرة، تبين أنه خطط مسبقا لانتحاره. وذكر التحقيق أنه بعد أن استيقظ زايغيير من نومه وتناول طعامه أخذ ملاءة سريره إلى المرحاض، حيث لا تستطيع الكاميرا رصد حركاته، متظاهرا بأنه يريد غسلها، وعندها ربطها بقضبان نافذة في زنزانته وتمكن من شنق نفسه. وأشار التحقيق إلى أن هذه القضبان الحديدية قوية جدا وهي مغروزة بالإسمنت المسلح.