مصر: «الشورى» يقر قانون الانتخابات البرلمانية والمعارضة تدرس مقاطعتها

24 حزبا وحركة سياسية تتظاهر اليوم لـ«محاكمة النظام وإقالة النائب العام» * مصدر رئاسي: مرسي سيدعو لبدء التصويت في أبريل

مدرستان تغادران مدرستهما بعد إغلاقها ضمن الإضراب العام في بورسعيد الذي بدأ قبل 5 أيام (أ.ب)
TT

أقر مجلس الشورى المصري الذي يتولى تشريع القوانين مؤقتا، قانوني الانتخابات البرلمانية ومباشرة العمل السياسي، بصفة نهائية أمس، بعد إدخال التعديلات التي طلبتها المحكمة الدستورية العليا على بعض النصوص، إعمالا لرقابتها السابقة. وتمهد هذه الخطوة الطريق إلى إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المتوقع نهاية أبريل (نيسان) المقبل، في وقت تلوح فيه المعارضة المصرية بإمكانية مقاطعة تلك الانتخابات ما لم تحقق جميع مطالبها ومنها تشكيل حكومة جديدة لإدارة العملية الانتخابية.

وينتظر خلال الساعات القليلة المقبلة أن يدعو الرئيس محمد مرسي لفتح باب الترشيح للانتخابات أواخر شهر فبراير (شباط) الحالي، وفقا للموعد الزمني الذي حدده الدستور الجديد، بينما ستتم دعوة الناخبين للاقتراع أواخر أبريل، أو أوائل مايو (أيار) المقبلين على أقصى تقدير. وتأتي هذه التطورات السياسية عشية مظاهرات ومسيرات غاضبة دعت إليها قوى ثورية معارضة في القاهرة وعدد من المحافظات اليوم (الجمعة)، للمطالبة بمحاكمة الرئيس مرسي والقصاص لمن قتلوا من المحتجين في عهده، وإقالة النائب العام.

وقال الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الاجتماعي الديمقراطي، والقيادي بجبهة الإنقاذ الوطني المعارضة: «ما زلنا نصر على مطالبنا الشرعية بالقصاص للقتلى في الأحداث الأخيرة وتشكيل حكومة كفاءات وطنية محايدة لإدارة العملية الانتخابية لضمان نزاهتها».

وأوضح أبو الغار لـ«الشرق الأوسط» أن الجبهة التي تضم عدة أحزاب معارضة منها «الدستور» و«الوفد» و«الناصري» و«التيار الشعبي»، ما زالت تتشاور بشأن مشاركتها في الانتخابات أو مقاطعتها، بسبب تجاهل الرئاسة لمطالبها.

ومن جهته، قال المتحدث الرسمي باسم جبهة الإنقاذ الدكتور أحمد البرعي، في بيان له أمس، إن الجبهة لا تسعى للمشاركة في أي حكومة سيتم تشكيلها، وإنها ترغب فقط في أن يتكون هذا التشكيل من كفاءات وقدرات مصرية مشهود لها، بغض النظر عن انتمائها السياسي.

وأعلن التيار الشعبي الذي يتزعمه المرشح الرئاسة السابق حمدين صباحي وأحد الأضلاع الرئيسية في جبهة الإنقاذ، مقاطعته للانتخابات رسميا في موقف منفرد، وهو ما رفضه حزب الدستور الذي يرأسه المعارض البارز الدكتور محمد البرادعي الذي يرى مواصلة الضغط على الرئيس مرسي للاستجابة لشروط وضمانات نزاهة الانتخابات.

وكان مجلس الشورى الذي يتولى التشريع مؤقتا لحين انتخاب مجلس جديد للنواب بحسب الدستور الذي أقر في استفتاء شعبي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قد وافق أمس في جلسته برئاسة الدكتور أحمد فهمي بصفة نهائية على التعديلات التي أدخلتها المحكمة الدستورية العليا على قانوني الانتخابات البرلمانية ومباشرة العمل السياسي.

وأكد فهمي أن المجلس راعى في قراره الالتزام بمقتضى قرار المحكمة الدستورية العليا وأقر كل الملاحظات التي أبدتها المحكمة، ومنها التعديلات الجديدة الخاصة بإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية والتي تضمنت إضافة 48 مقعدا جديدا لـ6 محافظات، إلا أنه أدخل تعديلا حول المادة الخاصة بالخدمة العسكرية، والتي تقضي بالسماح بالترشح لمجلس النواب لمن تم استثناؤهم من شرط أداء الخدمة العسكرية دون حكم قضائي بات، وهو ما يتيح للمعتقلين السياسيين في ظل النظام السابق الترشح، في حين طالبت المحكمة الدستورية العليا في تقريرها بحذف الاستثناء من الخدمة العسكرية من القانون. وحذرت الحكومة خلال جلسة أمس بسبب وجود شبهة لعدم الدستورية وإمكانية الطعن على القانون. كما قال قانونيون إن هذا الاستثناء يمكن أن يهدد شرعية مجلس النواب المقبل ومن ثم حله بسبب عدم دستورية القانون.

الى ذلك قال مصدر في الرئاسة المصرية أمس إن الرئيس محمد مرسي سيدعو إلى انتخابات برلمانية تبدأ في أبريل (نيسان) المقبل. وقال: إن الانتخابات ستجرى على ثلاث أو أربع مراحل. وقال المصدر: «الرئيس سيصدر مرسوما في القريب العاجل ويمكن أن يكون الليلة بالدعوة للانتخابات لتبدأ في أبريل». ووافق مجلس الشورى أمس على تعديلات طلبت المحكمة الدستورية العليا إدخالها على مشروع تشريع خاص بمجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية تمهيدا للدعوة للانتخابات.

من جانبه، قال صبحي صالح، النائب عن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين: «إن المحكمة انتهت إلى عدم دستورية خمسة نصوص»، مشيرا إلى أن «الدستور ينص على مراقبة الدستورية وليس التفسير، ومع ذلك قررت اللجنة الالتزام بما ذكرته المحكمة احتراما للدستور، والمجلس يؤكد الالتزام بأحكام القضاء وقراراته لنعطى مثلا عمليا على ذلك». كما أكد الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، زعيم الأغلبية في مجلس الشورى، أن تم تنفيذ حكم المحكمة الدستورية، مطالبا جميع الأحزاب والقوى السياسية بالاستعداد لانتخابات مجلس النواب القادمة التي وصفها بأنها «أهم انتخابات تشهدها مصر في تاريخها».

وانتقد العريان في تدوينة له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أمس دعاة مقاطعة الانتخابات القادمة قائلا: «الفاسدون ودعاة الفوضى والخائفون من الديمقراطية يمتنعون». إلى ذلك، أعلنت 24 حزبا وحركة سياسية وثورية، من بينها تحالف القوى الثورية، وشباب حزب الدستور، اتحاد شباب الثورة، تنظيم مظاهرة اليوم (الجمعة)، تحت اسم «محاكمة نظام مرسي»، للمطالبة بمحاكمة الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين على ما قالوا إنها جرائم اقترفها النظام بحق الشعب المصري، وإقالة النائب العام، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين ومحاكمة المتورطين في قتل المتظاهرين.

وتنظم هذه القوى ثلاث مسيرات تتجه إلى مبنى القضاء العالي بوسط القاهرة، واحدة من دوران شبرا وأخرى من ميدان التحرير والأخيرة من السيدة زينب. وقال الناشط السياسي شادي الغزالي حرب، إن «المظاهرات ستكون سلمية وبعيدة عن العنف».

ودعت هذه الحركات الشعب المصري إلى بدء عصيان مدني في 5 محافظات بينها العاصمة القاهرة، اعتبارا من اليوم (الجمعة) احتجاجا على سوء الأحوال الاقتصادية والسياسية في البلاد، وتضامنا مع محافظة بورسعيد.

إلى ذلك، واصل أهالي مدينة بورسعيد إغلاقهم لطريق ميناء شرق التفريعة ببورفؤاد، في اليوم الخامس للعصيان المدني بالمحافظة، مما أصابه بالشلل التام وسط وجود أمني كثيف. وأعلن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي تضامنه مع أهالي مدن القناة، وسائر المدن المصرية في مطالبهم العادلة بإقالة وزير الداخلية ومحاكمته على مسؤوليته عن قتل وإصابة واعتقال وتعذيب الثوار، وإقالة النائب العام الذي يصدر قرارات حبس الثوار دون وجه حق.

وأشار الحزب في بيان له أمس إلى اتساع نطاق العصيان المدني ليشمل مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ بعد يوم من بدئه في بورسعيد، ثم انضمت إليهما الإسماعيلية، في الوقت الذي تشهد فيه مدن أخرى احتجاجات.

في المقابل، قال الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إن «هناك محاولة لهدم مؤسسات الدولة وحرقها بالمولوتوف، وقطع الطرق، وتعطيل مصالح الناس، ورشق الشعب بالرصاص الحي والخرطوش، مع استخدام كل الموبقات من خمور ومخدرات وتحرش واغتصاب».

وأكد بديع، في رسالته الأسبوعية أمس، والتي جاءت تحت عنوان «الإخوان ومواجهة العنف»، أن «هناك من يكره مصر، وأن هناك أموالا تدفع، ومؤامرات تدبر، وخططا خبيثة لإجهاض كل خطوات الثورة في التحرر، وإعادة البناء ومقاومة الفساد ومطاردة الفاسدين».

وقال بديع: «هناك من يراهن على عودة الأمور مرة أخرى إلى عصر الظلم والفساد، من أعداء بالداخل كانوا سدنة للنظام البائد ومنتفعين منه وآكلين على موائده الحرام، ومن أعداء في الخارج يكرهون عزتنا وقوتنا».