مؤتمر لسلفيين في معبد فرعوني يثير خلافات في الحكومة المصرية

الآثار والسياحة تؤكدان إلغاءه.. والأوقاف: «سيقام في موعده»

TT

شهدت أروقة الحكومة المصرية أمس حالة من الجدل بسبب اعتزام سلفيين إقامة مؤتمر داخل معبد فرعوني بجنوب البلاد، قالوا: «إنه دعوي»، ودعت للمؤتمر وزارة الأوقاف تحت اسم «ما هو الإسلام» للتعريف بالإسلام.

يأتي المؤتمر على هامش احتفالية سوف يحضرها سياح أجانب بمناسبة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني داخل ساحة معبد رمسيس بمدينة أبو سمبل الأثرية بمحافظة أسوان اليوم (الجمعة). وهو ما أثار انتقادات وزارة الآثار والتي أعلنت أنها ألغت المؤتمر، بعد أن رفضته أيضا وزارة السياحة. مبررة ذلك بأنها ترفض إقامة مؤتمر ديني داخل المعبد الفرعوني الأثري.

وقال الدكتور أحمد صالح، مدير آثار أبو سمبل ومعابد النوبة، إن «إدخال قضايا دينية في احتفال فرعوني سيأتي بنتائج عكسية ويكون له مردود سلبي على صناعة السياحة»، مؤكدا أن وزارة الأوقاف استجابت لإلغاء المؤتمر، لكن الدكتور سلامة عبد القوي المتحدث الرسمي للأوقاف، نفى ما تردد عن إلغاء وزارتي الآثار والسياحة للمؤتمر، قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «المؤتمر سيقام في موعده ولم يتم إلغاؤه».

وأوضح عبد القوي أن عدم حضور وزير الأوقاف، الدكتور طلعت عفيفي، مراسم الاحتفال، يرجع لظروف خاصة منعته من الذهاب، وأنه أناب عنه وكيلا للوزارة لحضور المؤتمر.

ويشغل وزير الأوقاف المصري منصبا آخر هو نائب رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح السلفية. وأثارت دعوته لعقد المؤتمر الديني في المعبد الفرعوني، جدلا واسعا في الأوساط الأثرية والسياحية، كونها السابقة الأولى التي يقام فيها مؤتمر ديني داخل موقع أثرى. وقالت «الأوقاف» إن المؤتمر يهدف إلى إبراز سماحة الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم للسائحين الأجانب الذين سيشاركون في الاحتفال».

ويرى مراقبون أن وزارة الأوقاف تهدف من المؤتمر أيضا إلى تغيير الصورة الذهنية عن السلفيين، وما نسب للتيار السلفي من اعتزامه غلق المعابد ومنع السائحين من حرياتهم أثناء زيارة مصر، وما طالب به أحد الدعاة بتغطية التماثيل بالشمع. كما يشير المراقبون إلى أن وزارة الأوقاف أصبحت حاليا معقلا للتيار السلفي وجماعة الإخوان المسلمين، خاصة بعد أن تولى شؤونها وزير ينتمي للتيار السلفي.

وكانت الأوقاف قالت في بيان لها إنها «قررت إقامة المؤتمر خلال احتفالات تعامد الشمس بمعبد أبو سمبل بحضور كل من الوزير عفيفي، والداعية الألماني الشهير بيير فوغل، فيما دعا حزب الأصالة (السلفي) إلى انطلاق تظاهرة للدفاع عن النبي أمام معبد رمسيس الثاني اليوم الجمعة. وأضافت الوزارة أنه سيتم توزيع اسطوانات وأكثر من ألف كتاب مترجم إلى 110 لغات من لغات العالم بالمجان على السائحين الأجانب، وتوزيع البرديات والكتيبات المترجمة والسيديهات على السائحين الأجانب أثناء تجولهم في المزارات والأماكن السياحية بالمجان.

لكن الأوساط الأثرية والسياحية أعلنت رفضها لفكرة إقامة مثل تلك الأنشطة في ساحات المعابد الفرعونية. وقال الدكتور أحمد صالح، مدير آثار أبو سمبل ومعابد النوبة، إنه «تم إلغاء المؤتمر بعد اتصالات مع محافظ أسوان اللواء مصطفى السيد ووزارة السياحة»، مؤكدا أن «المعبد ساحة ثقافية والآثار ترفض إقامة مؤتمر ديني داخل المعبد»، مضيفا: «أعلم أن هدف المؤتمر نبيل وسام، وهو التعريف بالإسلام وسماحته، لكن إذا تم ذلك داخل المعبد فإنه سيأتي بنتائج عكسية، ويكون له مردود سلبي على صناعة السياحة وسمعة مصر».

وأكد صالح أنه اقترح إقامة المؤتمر خارج منطقة آثار أبو سمبل وأن وزارة الأوقاف استجابت لطلبه وألغت المؤتمر، إلا أن المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف نفى ذلك قائلا: إن «ما أعلنته وزارة الآثار عن إلغاء المؤتمر غير صحيح»، داعيا وسائل الإعلام العربية والمصرية والأجنبية لتغطية فعاليات المؤتمر.

من جانبه، قال الدكتور جمال عبد الستار مستشار وزير الأوقاف لشؤون الدعوة والدعاة، إن «المؤتمر الذي تنظمه الأوقاف هو الأول في تاريخها وهو أول نشاطات قسم الدعوة باللغة الأجنبية وبالتنسيق مع وزارتي السياحة والآثار».

وأكد عبد الستار أن «الوزارة ستقيم معرضا تعرض فيه قيم الإسلام ومعناه الصحيح المتكامل ومخاطبة السياح بلغاتهم من خلال الوسائل الحديثة والتي يتأثرون بها كي يتعرفوا على الإسلام بصورته الصحيحة»، مضيفا: أن «هناك مجالا بالمؤتمر للإجابة على ما يدور بأذهان السياح من أسئلة عن الإسلام».

يشار إلى أن الشمس تتعامد على وجه الملك رمسيس الثاني، أشهر ملوك الفراعنة المصريين، مرتين فقط كل عام، وهما يوم ميلاد رمسيس الثاني ويوم جلوسه على العرش، أي يومي 22 فبراير (شباط) و22 أكتوبر (تشرين الأول) في معبده بمدينة أبو سمبل في أقصى جنوب مصر. ويصاحب المهرجان كرنفالات فنية وشعبية لوزارتي الآثار والسياحة يشارك فيها السياح.