جدل أميركي حول «أرقام» قتلى هجمات «درون»

سيناتور بارز: طائراتنا من دون طيار قتلت 4700.. وأكره تسببها في سقوط أبرياء

السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام
TT

جدد سيناتور أميركي بارز تحدث عن سقوط 4700 قتيل بينهم مدنيون، بنيران الطائرات من دون طيار (درون) في الحرب السرية الأميركية بهذه الطائرات، الجدل حول حصيلة المستهدفين بهجمات هذه الطائرات وضحاياها. وبعد ساعات على تصريحه بأن طائرات «درون» خلفت 4700 قتيل، وجد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام نفسه أمام حملة انتقادات، مفادها أنه كشف «سرا» قد يعرض الأمن القومي الأميركي للخطر.

وقال غراهام، وهو من أقوى مؤيدي استخدام هذه الطائرات في الحرب ضد تنظيم القاعدة وبقية التنظيمات المشتبه في تورطها في عمليات إرهابية، حسب ما نقل عنه موقع «إيزلي باتش» المحلي في كارولينا الجنوبية: «لقد قتلنا 4700». وأضاف أمام نادي روتاري إيزلي: «أحيانا، نضرب أشخاصا أبرياء وهذا ما أكرهه. لكننا في حالة حرب، وقتلنا الكثير من الأعضاء الكبار في (القاعدة)». وكان غراهام قدم أرقامه في لقاء جماهيري، ثم دافع عن موقفه في لقاء مع شبكة «سي إن إن» أمس. وقال إنه لم يستق الأرقام من وزارة الدفاع أو وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، وإنما «من تقارير صحافية».

ورغم انتقادات شديدة وجهت لهذا النوع من العمليات الحربية، من أعضاء في الكونغرس وناشطين حقوقيين، يظل غراهام يدافع عن سياسة الرئيس أوباما بالاعتماد عليها. وقال: «إنه سلاح يجب أن يستخدم، وهو سلاح تكتيكي».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ميكاه زينكو، من مجلس العلاقات الخارجية (مركز أبحاث بارز) في نيويورك، قوله: «هذه هي المرة الأولى التي يعطي فيها مسؤول أميركي رقما إجماليا» عن عمليات «درون».

وكانت منظمات أميركية وعالمية حاولت تقدير عدد ضحايا هذا النوع من الطائرات، إلا أن تقديراتها جاءت أقل من ذلك. وكان مكتب التحقيقات الصحافية البريطاني قال إن ما يتراوح بين 2627 و3457 شخصا قتلوا في باكستان واليمن والصومال بطائرات «درون»، وإن عدد الضحايا المدنيين يدور في حدود 900.

وكان الرئيس باراك أوباما، في حلقة نقاش في الإنترنت أشرف عليها موقع «غوغل» الأسبوع الماضي، واجه سلسلة أسئلة ملحة عن عمليات «درون»، ووعد بتقديم مزيد من التفاصيل، وبالالتزام بالشفافية، لكنه لم يتطرق إلى أي أرقام.

وبرزت انتقادات قوية في الكونغرس قبل أسابيع بمناسبة جلسة استماع لجون برينان، الذي اختاره أوباما ليشغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، إلا أن الرئيس ظل على مدى سنوات يواجه انتقادات من ليبراليين ويساريين وممثلي منظمات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان. وقال أوباما في حلقة نقاش «غوغل»: «أعتقد أنه صحيح تماما أنه لا يكفي أن يثق المواطنون بكلمتي حين أقول: إننا نفعل الصواب». وفي رده على سؤال حول ما إذا كان بإمكان الحكومة الأميركية استهداف مواطن على الأراضي الأميركية، استبعد أوباما هذا في ما يبدو. وقال: «أبدا، لم تستخدم طائرة بلا طيار ضد مواطن أميركي على أرض أميركية. لدينا مجموعة كاملة من الضمانات في ما يتعلق بكيفية قيامنا بعمليات لمكافحة الإرهاب خارج الولايات المتحدة. لكن، تختلف القواعد خارج الولايات المتحدة عن القواعد داخل الولايات المتحدة».

في الأسبوع الماضي، بعد استجواب ساخن في الكونغرس لجون برينان، صرح عدد من قادة الكونغرس بأنهم بدأوا العمل لإصدار قانون لتأسيس محكمة تصدق على طلبات الحكومة الأميركية باستعمال طائرات «درون» لقتل متهمين بالإرهاب.

وكان «مركز بلومبرغ» قال في عام 2011، إن الحكومة الأميركية تعتقد أن 1.300 مستهدف و30 مدنيا فقط، قتلوا جراء عمليات «درون» من عام 2008. وفي عام 2009، قال دانيال بايمان، وهو خبير في مركز بروكينغز بواشنطن، إنه رغم صعوبة الحصول على بيانات دقيقة تخص نتائج الضربات، يبدو أن عشرة مدنيين لقوا حتفهم مقابل كل مسلح قتل. وقال إن عمليات قتل هؤلاء المدنيين «مأساة إنسانية، وتخلق مشاكل سياسية خطيرة»، وخاصة بالنسبة لباكستان، حيث قال إنها تلحق أضرارا بشرعية الحكومة الباكستانية، وزيادة غضب الجماهير الباكستانية من الولايات المتحدة. واقترح أن يكون الرد الحقيقي على نشاط تنظيم القاعدة في باكستان، تقديم دعم مركز وطويل المدى لمكافحة الإرهاب.

وفي السنة الماضية، قال مسؤولون أميركيون إن المشكلة لا تكمن فقط في رفضهم تحديد عدد القتلى، مشيرين إلى صعوبة الوقوف على أعداد دقيقة، ذلك أن المقابلات مع السكان المحليين لا توفر أرقاما دقيقة للضحايا المدنيين لأن أقاربهم أو معارفهم يرفضون الاعتراف بأن الضحايا كانوا يشاركون في أنشطة مسلحة.

وفي السنة الماضية، قال مركز مراقبة الأزمات في إسلام آباد إنه، حتى عام 2011، قتل أكثر من 2000 شخص بسبب عمليات «درون»، ومعظم هذه الوفيات من المدنيين. ووصف المركز وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) بأنها تشن «حملة اغتيالات تحولت إلى حملة ثأر»، وأن سنة 2010 كانت السنة الأكثر دموية: 134 ضربة تسببت في وفاة ما يزيد على 900 شخص. وقالت مجلة «لونغ وور» (الحرب الطويلة) البريطانية، في سنة 2011، إنه منذ عام 2006 قتلت هذه الطائرات 2018 مسلحا، و138 مدنيا. وفي سنة 2010، قالت: «سي آي إيه» إن الضربات التي أجريت بين مايو (أيار) سنة 2010 وأغسطس (آب) سنة 2011 قتلت ما يزيد على 600 من المسلحين «من دون أي وفيات وسط المدنيين».