غموض وتضارب تصريحات في فرنسا حول هوية خاطفي رهائنها

الشبهات تدور حول منظمتي «بوكو حرام» و«الأنصار» النيجيريتين

TT

بقي الغموض مسيطرا أمس على مصير الفرنسيين السبعة الذين اختطفوا يوم الثلاثاء في شمال الكاميرون فيما لم تتأكد السلطات الفرنسية بعد، وبشكل قاطع من هوية الخاطفين الذين لم يصدروا أي بيان أو يطرحوا أي مطالب.

وزاد من البلبلة أمس أن وزير الدولة لشؤون قدامي المحاربين الفرنسيين قادر عارف أعلن في مبنى البرلمان الفرنسي عن تحرير الرهائن بناء على معلومات مقبلة من الكاميرون. إلا أن وزارة الخارجية نفت لاحقا النبأ معتبرة أنه «لا أساس له من الصحة». واضطر الوزير الفرنسي نفسه إلى التراجع عما أعلنه عازيا التشويش الذي حصل إلى «معلومات صحافية».

ويبدو الأمر الثابت الوحيد حتى الآن، أن المخطوفين نقلوا من الكاميرون إلى نيجيريا فيما تتأرجح هوية الخاطفين ما بين منظمة «بوكو حرام» ومنظمة أخرى منافسة لها يشار إليها باسم «أنصار» واسمها الكامل «أنصار المسلمين في بلاد السودان» أي أفريقيا. وبعد أن كانت باريس تتعامل في مالي مع «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و«حركة التوحيد والجهاد في أفريقيا» و«أنصار الدين»، يتعين عليها اليوم التعامل مع «بوكو حرام» ومنظمة «الأنصار» التي انشقت عنها في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الماضي. وظهر اسم هذه المنظمة المتمركزة في شمال شرقي نيجيريا وفي المنطقة المحاذية لتشاد والكاميرون قبل أسبوع عندما تبنت عملية خطف سبعة أشخاص يعملون لصالح شركة البناء اللبنانية «سيتراكو» في منطقة جمارة الواقعة شمال نيجيريا. وبذلك تكون منظمة «الأنصار» في حال ثبوت مسؤوليتها عن خطف الفرنسيين قد قامت بعمليتين واسعتين في خمسة أيام فقط. والفرق بين الاثنتين أنها أعلنت مسؤوليتها عن الأولى فيما التزمت الصمت إزاء الثانية.

وتعد عملية الخطف الأولى من نوعها منذ بدء العملية العسكرية الفرنسية في مالي. وكانت «الأنصار» قد أعلنت مسؤوليتها عن خطف مهندس فرنسي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في شمال نيجيريا أيضا. ومع العملية الأخيرة يكون لفرنسا 15 رهينة في أفريقيا وهو أعلى من أي رقم لأي بلد آخر. وردا على من يربط بين هذا الواقع والنشاط العسكري الفرنسي في مالي، تشير المصادر الفرنسية إلى أن عمليات الخطف «بدأت قبل مالي والمرجح أنها ستستمر بعدها».

ورفضت وزارة الدفاع الفرنسية أمس تأكيد المعلومات المتداولة على نطاق واسع والتي تفيد بأن باريس أرسلت وحدة من قواتها الخاصة لتتبع الخاطفين. لكنها بالمقابل أكدت إرسال مجموعة من أفراد الدرك للكشف على مكان الخطف. وقد عثر أول من أمس على سيارة الدفع الرباعية الخاصة بالمخطوفين قريبا من الحدود النيجيرية التي يرجح أن الخاطفين اجتازوها مع رهائنهم.

وإذا كانت «بوكو حرام» معروفة منذ تأسيسها في العام 2002 وهي تضم، وفق الخبراء، ما لا يقل عن 10 آلاف مقاتل في شمال نيجيريا، فإن منظمة «الأنصار» أقل شهرة. ويقول الباحث الفرنسي في الشؤون الأفريقية ماتيو غيدير إنها تضم نحو ألف رجل يقودهم أبو أسامة الأنصاري.

وتدعو المنظمتان الجهاديتان إلى إقامة دولة إسلامية في شمال نيجيريا وتطبيق الشريعة. وبحسب غيدير، فإن لهما علاقات مع منظمة «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» التي قامت بتدريب الكثير من عناصر المنظمتين في المنطقة التي كانت تسيطر عليها شمال مالي. ومع بدء العملية العسكرية الفرنسية في مالي، عاد أفراد هاتين المنظمتين إلى شمال نيجيريا.

وتتميز منظمة «الأنصار» عن «بوكو حرام» بأنها ترفض العمليات الانتحارية وتفجير القنابل في الأماكن العامة وهي تفضل عليها عمليات خطف الأجانب لما في ذلك من «دعاية» لمطالبها. وتنسب السلطات النيجيرية عمليات التفجير الدامية التي تستهدف الكنائس وأماكن العبادة الأخرى إلى «بوكو حرام».

وكانت «بوكو حرام» قد تأسست على يدي الإمام النيجيري محمد يوسف في شمال شرقي البلاد، وهي تتخذ من طالبان الأفغانية نموذجا إيديولوجيا لها. وسعت القوات النيجيرية إلى القضاء على هذا التنظيم عام 2009 في عمليات عسكرية دامت نحو العام وسقط خلالها ما لا يقل عن ألف مقاتل من بوكو حرام بينهم محمد يوسف الذي اعتقل وقتل في السجن. غير أن هذه العمليات لم تقض على المنظمة التي عاودت عملياتها بمدها إلى أبوجا، عاصمة نيجيريا الإدارية وإلى جنوب البلاد والتركيز على أماكن العبادة المسيحية ومكاتب المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.