هيئة حقوقية جزائرية تطالب فرنسا برفع السر العسكري عن ملف التجارب النووية في الصحراء

قسنطيني: نعتزم متابعة الدولة الفرنسية في محاكمها

TT

طالب رئيس هيئة حقوقية جزائرية مرتبطة بالرئاسة، من السلطات الفرنسية رفع السر العسكري عن ملف التجارب النووية في صحراء الجزائر (1961 - 1966). وأبدى استياء من رفض تعويض جزائريين، ثبت حسبه أن سبب إصاباتهم بتشوهات خلقية وبأمراض السرطان، إشعاعات الذرة التي خلفتها التجارب النووية الفرنسية.

وقال فاروق قسنطيني رئيس «اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان»، لـ«الشرق الأوسط»، إن الهيئة التي يقودها منذ 10 سنوات، تعتزم متابعة الحكومة الفرنسية في القضاء الفرنسي «ولو أننا مقتنعون بأنهم لن يستقبلونا بالأحضان». وأوضح «لست متأكدا بأن هذا النوع من الإجراءات القانونية متاح في القضاء الأوروبي، لأننا مطالبون كأصحاب حق أن نثبت بالدليل وجود علاقة مباشرة بين تجارب فرنسا في صحرائنا، والأمراض التي أصيب بها جزائريون والتي نحن متأكدون بأنها ناجمة عن الإشعاعات النووية».

وذكر قسنطيني، وهو محامٍ، بأن الجزائريين «يطالبون فرنسا بقول الحقيقة، وبرفع السرية عن هذا الملف لمعرفة حجم الأضرار التي ألحقتها الإشعاعات بالبشر وبالطبيعة والحيوان، ولتحديد درجة التلوث التي خلفتها. فدولة فرنسا ارتكبت جريمة ضد الإنسانية وفضيحة كبيرة، لأن تفجير قنابل ذرية فوق أرض شعب غير أرض الشعب الفرنسي ودون اتخاذ إجراءات السلامة والاحتياطات الضرورية، يسمى جريمة وعلى العالم أن يدينها». وأضاف: «فرنسا كانت تعلم أن تجاربها ستخلف إشعاعات قاتلة تدوم عشرات آلاف السنين، ما يعني أنها ترصدت للضحية واقترفت بحقه الجريمة». مشيرا إلى أن المحاكم الفرنسية رفضت عشرة ملفات تعويض، رفعت إليها من طرف جزائريين مصابين بالسرطان ويقيمون في منطقة وقعت فيها تجربة نووية. ويعود ذلك إلى أن القضاء الفرنسي لم يقتنع بأن سبب المرض، هو التجارب التي وقعت قبل نحو 50 عاما.

وقد رفع هؤلاء الجزائريون ملفاتهم إلى المحكمة بباريس، بناء على مرسوم أصدرته وزارة الدفاع الفرنسية في يونيو (حزيران) 2010، يفيد بأن الحكومة الفرنسية تشترط على المدنيين الذين يعانون من أمراض متصلة بتبعات إشعاعات الذرة، أن يقدموا وثائق طبية تثبت إصابتهم بالسرطان، ووثائق أخرى تثبت أنهم كانوا يقيمون بالمناطق التي جرت فيها التجارب النووية. وتعهدت الحكومة في المرسوم بمنح تعويض مادي للمصابين بسرطان الثدي والدماغ والمعدة والرئة والكلى. وحدد المرسوم المناطق الجغرافية المعنية بتجارب الذرة، التي أجريت بين 1961 و1966 بصحراء الجزائر، وفي 1996 بمنطقة بولينيزيا المصنفة محافظة من محافظات فرنسا بالخارج.

ولم يوضح النص القانوني قيمة التعويضات، كما لا يعرف بالتحديد عدد المعنيين بالتعويض، فبينما يقول مختصون في التاريخ مهتمون بالموضوع إن عددهم لا يقل عن 40 ألفا، تشير تقديرات الحكومة الفرنسية إلى أنهم لا يتعدون 500 معظمهم عسكريون اشتغلوا في منشآت خاصة بتجارب الذرة.

ويرى قسنطيني أن السلطات الجزائرية «ينبغي أن تتكفل بالملف لتطرحه على فرنسا بكل حزم وجدية، فالأمر يتعلق بسيادة بلد وكرامة شعب لا ينبغي التفريط بهما». وأضاف بشأن التعويض المادي، أن مرسوم وزارة الدفاع الفرنسية يشمل الإصابة بـ18 نوعا من أنواع الأورام فقط، بينما قدمت الولايات المتحدة تعويضات ليابانيين مصابين بـ32 نوعا سرطانيا، جراء تجارب هيروشيما وناغازاكي. وأضاف أن أنواع السرطان التي حددها المرسوم الفرنسي مستوحاة من قانون الضمان الاجتماعي الفرنسي