رئيس الوزراء الروسي: مستقبل الأسد ثانوي أمام «الحرب الأهلية»

لافروف: على مجلس الأمن إدانة تفجيرات دمشق

هلع تسببه غارة جوية للنظام بين متظاهرين ضد النظام في حي القاطرجي في حلب أمس (رويترز)
TT

انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الموقف الأميركي الأخير في مجلس الأمن الرافض لإدانة التفجيرات التي شهدتها دمشق أول من أمس، وفيما بدا تضاربا في التصريحات قال رئيس وزراء الروسي ديمتري ميدفيديف في لقاء مع صحيفة برازيلية إن مصير الرئيس السوري بشار الأسد أمر ثانوي وإنه يفضل وقف توريد السلاح إلى جميع الأطراف. وبين التصريحين المتضاربين، رفض الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي تسمية ما يجري في سوريا بأنه صراع بين حكومة وإرهابيين، الأمر الذي استدعى ردا من دمشق التي اتهمته بعدم القدرة على فهم المنطق السوري.

ففي ختام مباحثاته مع نظيره الصيني يانغ جيه تشي في موسكو أول من أمس، انتقد لافروف موقف الولايات المتحدة من المقترح الذي تقدمت به روسيا في مجلس الأمن الدولي لإدانة تفجيرات دمشق مشيرا إلى ذلك شكل إحباطا «لأن جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي بلا استثناء كانوا حتى وقت قريب منحازين لموقف التنديد بأي هجمات مهما كانت دوافعها».

وأعاد لافروف إلى الأذهان تفجير بنغازي في سبتمبر (أيلول) الماضي الذي أسفر عن مقتل دبلوماسيين أميركيين، مضيفا أن «الجانب الروسي لم يتردد في استنكار ذلك، دون ربطه بأي شيء، بما في ذلك الأحداث التي أدت بليبيا إلى حالتها الراهنة.» أما جيه تشي فأكد إدانة بلاده لتفجيرات دمشق دون قيد أو شرط.

وكشف لافروف عن أن جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي كانوا على استعداد لتأييد الاقتراح الروسي بإدانة مدبري الهجوم ومنفذيه، إلا أنه فشل بسبب عدم استعداد الجانب الأميركي لذلك. وأضاف: «نرى في ذلك تطبيق معايير مزدوجة وتوجها خطرا لابتعاد زملائنا الأميركيين عن المبدأ الأساسي لإدانة الإرهاب بأشكاله الذي يضمن وحدة المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب»، معربا عن أمله في أن تقيّم واشنطن ذلك الموقف بشكل موضوعي.

وبينما كان لافروف يؤكد من موسكو ثبات الموقف الروسي حيال مقررات جنيف الصادرة في 30 يونيو (حزيران) العام الماضي، التي لا تنص على رحيل الأسد، كان رئيس الحكومة الروسية ميدفيديف يتحدث من برازيليا عن أن مستقبل الأسد أمر ثانوي أمام ما وصفه بالأولوية الروسية المتمثلة بـ«إيصال القوى السياسية إلى نوع ما من التوافق» للخروج من «الحرب الأهلية».

ففي حوار له مع صحيفة «أو غلوبو» البرازيلية، قال ميدفيديف إن بلاده «كبقية البلدان، ليست سعيدة بما يجري في سوريا،» مضيفا أن الروس «لا يحبون رؤية الناس وهي تموت ولا تستهويهم الحروب الأهلية». وفي سؤال حول مستقبل الأسد، قلل ميدفيديف من أهمية هذا الأمر واعتبره أمرا ثانويا أمام جلوس جميع الأطياف على طاولة حوار للخروج بالبلاد مما هي فيه، وأضاف: «لا أعتقد أن الأسد يرغب بأن تكون نهايته كحسني مبارك أو معمر القذافي».

وشكك ميدفيديف في انتهاء «الحرب الأهلية» حتى وإن رحل الأسد إذا لم تصل القوى السياسية في سوريا إلى اتفاق فيما بينها، ونقلت وكالة إنترفاكس عنه قوله: «لهذا فإن موقفنا يتلخص في ضرورة دعم الحوار والمصالحة الوطنية وخلق أرضية للاتفاق في المستقبل،» مستنكرا تقديم السلاح إلى هذا الطرف أو ذاك وسحب الشرعية عن بعض الأطراف واعتبار القوى الأخرى شرعية، «كما تفعل ذلك اليوم بعض البلدان الأوروبية والعربية، وبهذا تقيد الأهلية القانونية لأحد طرفي النزاع».

وتعليقا على تصريحات ميدفيديف، رفض الدكتور إبراهيم المرعي عضو المجلس الوطني المعارض تسمية ما يجري بالحرب الأهلية داعيا إياها «بثورة لطلاب الحرية ضد عصابات أسدية مغتصبة للسلطة». وأشار إلى أن «الروس هم من أعطوا الأسد الفرصة للتعنت مقابل الإرادة الشعبية المطالبة بإسقاطه وذلك عبر غطاء سياسي في مجلس الأمن الدولي وأسلحة».

من جانبه قال الزميل المشارك في المعهد الملكي للعلاقات الدولية في لندن، جان لاوف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن تصريحات ميدفيديف تخرج عن سياق الدبلوماسية الروسية التي نعرفها»، وشدد المتخصص في الشؤون الروسية والأوروآسيوية مشيرا إلى أن «التقليل من أهمية مصير الأسد ربما يلمح إلى أن هناك محاولات لإعداد مرحلة انتقالية».

أما في العاصمة السورية دمشق، فقد شنت وسائل الإعلام الرسمية هجوما على الأخضر الإبراهيمي الذي دعا الدول المتحالفة مع نظام الأسد إلى الضغط عليه من أجل بدء الحل السياسي، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر إعلامي أن «شكل النظام السياسي وطبيعة الحكومة والانتخابات شأن سوري والرئيس الأسد لا يناقش هذه المسائل الداخلية مع أي أحد غير سوري». واعتبر المصدر أن المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية «غير قادر على فهم المنطق السوري الذي يضع مفهوم السيادة قبل أي مفهوم وفوق أي اعتبار».

يأتي الهجوم غير المسبوق على الإبراهيمي غداة تصريحات للأخير قال فيها إن نظام الأسد «غير مستعد للرحيل وإنه مؤمن بأن الحل العسكري ممكن ويمكن أن يكون قريبا». وقال الإبراهيمي في حديث لقناة «روسيا توداي» الناطقة باللغة الإنجليزية، إنه «في الوقت الحاضر التوصل إلى حل سلمي للأزمة صعب جدا، ولكنه ضرورة ملحة، لأن سوريا أمام خيارين، إما تحقيق الحل السلمي للأزمة أو تدمير البلد بالكامل».

لكن المصدر السوري رد على دعوة الإبراهيمي بالقول إن بلاده ستواصل مقارعة الإرهابيين وإن «الحكومة السورية كانت ولا تزال تعتقد أن النصر الحقيقي الذي سيتحقق سيكون لكل السوريين وأن الحل السياسي هو طريق تحقيق هذا النصر».

يشار إلى أن الموفد الدولي نسف ادعاءات نظام الأسد بمحاربته لإرهابيين تسللوا إلى سوريا بالقول إن «ما يجري في سوريا، يجب عدم تسميته بصراع بين حكومة وإرهابيين»، مضيفا «لا أعتقد أن أحدا يريد تدمير سوريا، ولذلك هناك دعوات حقيقية من الجميع للتوصل إلى حل سلمي على الرغم من صعوبة تحقيقه».