السياح يلغون حجوزاتهم لتونس بسبب الاضطرابات السياسية

إلغاء 25% من الحجوزات منها 60% من فرنسا

TT

خلف التجاذب السياسي وعدم الاستقرار الأمني تداعيات خطيرة على مستوى الأداء الاقتصادي وسجلت تونس تأثر مجموعة من القطاعات الاقتصادية ذات الثقل الاجتماعي والتنموي من بينها القطاع السياحي. وقد أثرت حادثة اغتيال شكري بلعيد السياسي اليساري وتعطل إجراء التعديل الوزاري ومن ثم تشكيل حكومة جديدة تتوافق حولها المعارضة وأحزاب الائتلاف الحاكم، «كارثة حقيقية» على مستقبل القطاع السياحي على حد تعبير أصحاب المنشآت السياحية. وأطاحت شعارات المحتجين يوم 9 فبراير (شباط) الجاري بالسوق السياحية الفرنسية التي تعتبر الحريف الأول لتونس، وقد رفع هؤلاء شعار «ديقاج فرنسا» وهو ما أثر مباشرة على مستوى الحجوزات السياحية المقبلة من فرنسا.

وفي هذا الشأن قال محمد علي التومي رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار لـ«الشرق الأوسط» إن وكالات السفر قد ألغت قرابة 60 في المائة من الحجوزات الواردة من فرنسا وذلك بالمقارنة مع ما تم تسجيله خلال نفس الفترة من السنة الماضية وخاصة تلك المرتبطة بعطلة شهر مارس (آذار) من كل سنة.

وشهدت بعض الوجهات السياحية الداخلية تراجعا في الحجوزات، من ذلك ما أعلنه محسن بوصفارة المسؤول عن القطاع السياحي بولاية المهدية (وسط شرق تونس) حيث صرح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، أن 25 في المائة من الحجوزات السياحية قد ألغيت بسبب الأوضاع السياسية والاجتماعية التي تشهدها تونس. وأضاف أن معظم الحجوزات الملغية تهم بالأساس السوق السياحية الألمانية إلى جانب كل من السوق الإيطالية والروسية.

وللتخفيف من حدة الصدمة، سافر كل من رئيس الجامعة التونسية للنزل ورئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار إلى فرنسا لمحاولة إقناع أصحاب وكالات الأسفار بعودة الاستقرار الأمني إلى تونس، ووجود تهويل فيما بثه أحد البرامج التلفزية الفرنسية حول ظاهرة العنف المرتبط بالتيارات السلفية المتشددة. ولكن حادثة اغتيال شكري بلعيد أعادت الوضعية إلى المربع الأول وعادت التخوفات لتطفو على السطح من جديد وأوصلت تلك الحادثة صورة سلبية بل قاتمة حول الوضع في تونس، على حد قول بعض المتدخلين في القطاع السياحي. ولم يستبعد زكرياء الزقلي الأمين العام للجامعة التونسية للنزل في تصريحات إعلامية محلية مخاطر إفلاس الكثير من المؤسسات السياحية التونسية وقال إن تواتر الأحداث الأمنية سيكون له انعكاسات سلبية على القطاع السياحي. وأرجع ذلك إلى أن معظم الحجوزات السياحية تتم برمجتها قبل سنة وهو ما يعني أن الفترة المقبلة ستكون صعبة للغاية على أصحاب النزل في تونس.

وعبر العفيف كشك عضو المكتب التنفيذي للجامعة التونسية للنزل عن رأي أكثر تفاؤل حول مستقبل السياحة في تونس حيث قال لـ«الشرق الأوسط» إن استتباب الأمن واستقرار الأوضاع السياسية سوف يعيدان السياحة التونسية إلى موقعها الإيجابي. ولم يخف خبر إلغاء المئات من الأجانب لحجوزات سياحية وقال إن كل الأطراف مطالبة بإرجاع رصيد الثقة إلى السائح الأجنبي لتعود تونس وجهة سياحية مريحة.

ولتفادي التأثيرات السلبية للواقع السياسي على تدفق السائح الأوروبي، أعلنت وزارة السياحة التونسية بداية هذا الأسبوع عن تنظيم حملة ترويجية للسياحة التونسية في إيطاليا وذلك لمدة 28 يوما. وكان عدد السياح الإيطاليين سنة 2012 في حدود 216 ألف سائح بعد أن كان مقدرا بـ345 ألف سائح سنة 2010.

وتستقبل تونس سنويا نحو خمسة ملايين سائح وقد تمكنت خلال سنة 2012 من تحقيق نسبة تحسن نسبي حيث توافد عليها قرابة الستة ملايين سائح وهي من بين أهم القطاعات الموفرة للعملة الأجنبية. ويستحوذ القطاع السياحي على نحو 10 في المائة من الناتج الداخلي الخام كما يوفر أكثر من 100 ألف موطن شغل قار وقرابة 300 ألف موطن شغل موسمي، ويساهم من ناحيته في تغطية 75 في المائة من عجز الميزان التجاري.

وتمكنت السياحة التونسية من توفير نحو 3500 مليون دينار تونسي (نحو ألفي مليون و250 مليون دولار أميركي) وتأثرت تلك المداخيل أثناء السنتين الماضيتين وعادت خلال سنة 2012 إلى معدلاتها السابقة ومكن القطاع السياحي من توفير نحو ثلاثة ملايين دينار تونسي (قرابة مليوني دولار أميركي). وتعتبر السوق السياحية الأوروبية من أهم المساهمين في توفير العملة الأجنبية لتونس.