علي العريض من سرداب وزارة الداخلية إلى رئاسة الوزراء

تولى وزارة الداخلية في ذكرى دخوله السجن

TT

يعد علي العريض، 57 عاما، «15 نوفمبر (تشرين الثاني) 1955» متزوج وله 3 أبناء بمدينة جرجيس من ولاية مدنين بالجنوب التونسي، من القيادات المعروفة في حزب حركة النهضة، بالحزم والجدية. وربما كانت دراسته للهندسة في مجال النقل البحري، قد ساعدته على صقل شخصيته الوثابة، والمتسمة بقدر كبير من الواقعية وهو ما عرف به بين أبناء حركة النهضة، وحتى في الأوساط الأمنية والسياسية في تونس. ويعتبر من «صقور النهضة» قبل الثورة وبعدها.

قام العريض بدور قيادي بعد المحاكمة لقيادات حركة النهضة سنة 1981 على إثر تقدم الحركة بطلب الاعتراف الرسمي بها من قبل نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. وقد صدر حكم غيابي بالإعدام في حق العريض، وألقي عليه القبض بعد انقلاب 7 نوفمبر 1987 الذي قاده الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، وفي إطار تهدئة الأجواء السياسية التي كانت مشحونة آنذاك أصدر بن علي عفوا عن القيادات النهضوية، التي وجدت نفسها أمام مصير أكثر قمعا في عام 1990، عندما كان علي العريض يشغل مهمة الناطق الرسمي باسم حركة النهضة. وألقي القبض على علي العريض، وحوكم ضمن الآلاف من قيادات حركة النهضة ومناضليها في صائفة 1992، وصدر ضده حكم بالسجن لمدة 15 عاما، قضى منها 10 سنوات في غرفة منفردة، فرضت فيها عليه العزلة التامة.

ما لا يعرفه الكثيرون ممن تحدثوا عن رئيس وزراء تونس الجديد، علي العريض، هو أنه دخل السجن في 17 ديسمبر (كانون الأول) 1990 وتولى منصبه في 17 ديسمبر 2011. لكن ما رواه العريض حول هذا الأمر بنفسه لا يقف عند ذلك الحد. فعلي العريض وهو يهم بالدخول لوزارة الداخلية، وجد نفسه يعيد سيناريو 1990 عندما كان موثوقا وهو ينزل إلى سراديب وزارة الداخلية، ولم يفق سوى على أصوات المستشارين والضباط يشيرون عليه بأن مكتبه فوق مكررينها عدة مرات «فوق فوق فوق فوق».

تولى العريض عدة مسؤوليات في صلب حزب حركة النهضة بعد الثورة، ومنها رئيس الهيئة التأسيسية للحركة وظل في هذه المهمة حتى انعقاد المؤتمر التاسع للحركة الذي تم في يوليو (تموز) العام الماضي.

بعد خروجه من السجن في نوفمبر 2004 لم يجلس علي العريض في منزله، ولم يهجر العمل السياسي، بل واصل نضاله ضمن هيئة «18 أكتوبر» التي ضمت عددا من الأحزاب السياسية من مشارب مختلفة تطالب بالحريات والتداول السلمي على السلطة والعدالة الاجتماعية والتوازن بين الجهات. وشارك في الإضراب الذي نظمه نشطاء حزبيون وحقوقيون تزامنا مع قمة الأمم المتحدة حول مجتمع المعلومات التي عقدت في تونس سنة 2005.

عرف العريض في الأوساط السياسية بتونس بقدراته التنظيمية، والعمل بروح الفريق، لذلك لم يعب تسميته رئيسا للوزراء أي سياسي تونسي، وإن انتقد بعضهم بعض قراراته. وقال رئيس حركة «وفاء» عبد الرؤوف العيادي لـ«الشرق الأوسط»: «علي العريض شخصية مناضلة لا نعترض على تعيينها ونتمنى أن يتبنى في برنامجه الحكومي مشروع المحاسبة والمصالحة».. القيادي بـ«حركة الشعب» محمد البراهمي رأى أن العريض رجل وفاقي إذ قال: «العريض رجل وفاقي وهو الاختيار الأفضل بالنسبة لحركة النهضة، وتجربته في الداخلية ستعطيه فرصة لمعالجة ملفات صعبة».