مع دخولها الشهر الثالث.. مظاهرات المحافظات الغربية تطرق أبواب بغداد

العاصمة مغلقة أمنيا في جمعة «العراق أو المالكي»

مئات الآلاف من المتظاهرين في مدينة الفلوجة يرفعون شعار «قادمون يا بغداد» في جمعة «المالكي أو العراق» أمس (رويترز)
TT

دخلت المظاهرات التي بدأت في محافظة الأنبار غرب العراق، على خلفية اعتقال حماية وزير المالية والقيادي البارز في القائمة العراقية رافع العيساوي، وامتدت إلى أربع محافظات ذات غالبية سنية (صلاح الدين، ديالى، كركوك، نينوى)، شهرها الثالث من دون أن تلوح في الأفق إمكانية الاستجابة الجذرية لها من قبل الحكومة أو إنهائها سلما أو بالقوة. الجديد في هذه المظاهرات هو أنها بدأت تطرق أبواب العاصمة العراقية بغداد لا سيما أيام الجمع.

المظاهرات وفي إطارها العام اتسمت بكونها سلمية ما عدا حادث الفلوجة قبل أكثر من أسبوعين، والذي تمثل في إطلاق نار من قبل الجيش على متظاهرين رشقوا نقطة عسكرية بالحجارة، وهو ما أدى إلى مقتل ثمانية من المتظاهرين وثلاثة من الجنود، وهذا ما قاد إلى تزايدها باستمرار في وقت كانت فيه الحكومة تراهن على الزمن في إضعافها وإنهائها.

وفي وقت أطلقت فيه عدة محافظات ومدن في المحافظات الغربية تسمية مظاهرات أمس الجمعة «جمعة العراق أو المالكي»، فإن المظاهرات التي انطلقت في عدة أحياء سنية في بغداد لم تعلن عن تسمية معينة، فضلا عن كونها جرت في بعض الجوامع الرئيسية في بعض الأحياء، مثل الأعظمية، حيث أقيمت صلاة موحدة في جامع الإمام أبي حنيفة، وكذلك في منطقتي العامرية والغزالية. وطبقا لشهود عيان من تلك المناطق فإنها شهدت إجراءات أمنية مشددة، بما فيها غلق للشوارع حتى الفرعية. وقال صلاح العسكري، أحد وجهاء الأعظمية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «للجمعة الثالثة تقام صلاح موحدة كبرى في جامع أبي حنيفة، لكن وسط أجواء مشحونة بالغضب بسبب المضايقات التي تمارسها الأجهزة الأمنية، بما في ذلك بعض حالات الاستفزاز لبعض المصلين سواء كانوا من فئة الشباب أو كبار السن».

وفي منطقة الغزالية، أوضح الدكتور ياسين الكبيسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «منطقة الغزالية أغلقت بالكامل منذ ساعات الصباح الأولى، حيث بات من المستحيل الحركة حتى في المنطقة، وذلك بسبب الصلاة الموحدة التي أقيمت في جامع فاضل الشكرة بالمنطقة». ومع استمرار المظاهرات دون إقناع المتظاهرين بتحقيق ولو جزء من مطالبهم ووصولها إلى بغداد، فإن المخاوف بدأت تزداد من إمكانية حصول تداعيات سلبية على الأوضاع الأمنية في بغداد خاصة وعموم العراق عامة. وفي هذا الإطار، أكد عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية حمزة الكرطاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة التي نواجهها أن الحكومة لم تتصرف بشكل صحيح وفعال حيال المظاهرات ومطالبهم الدستورية إلى الحد الذي نستطيع معه القول إن الحكومة لم تكن إيجابية بالحد الأدنى».

وحول ما تقوم به اللجنة الوزارية السباعية التي يرأسها نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني، واللجنة الخماسية التي تضم قادة الكتل والتي يرأسها إبراهيم الجعفري، قال الكرطاني إن «هذه اللجان تعمل من دون صلاحيات حقيقية، وبالتالي فإن ما قدمته لم يخرج عن مبدأ النوايا الحسنة في حل المطالب، بينما يريد الناس أشياء ملموسة». وأشار إلى أن «أقصى ما تحقق عبر عمل هذه اللجان هو محاولات خجولة، حيث إنها فشلت في التوصل إلى السبب الحقيقي للمشكلة». وعزا الكرطاني الأسباب الحقيقية لذلك «بأن هناك جهات داخل الحكومة تعمل على العرقلة لأهداف معينة، وهناك قلة خبرة لمن يريد أن يعمل لكنه غير قادر على العمل من دون أن يعترف بالفشل». وأكد الكرطاني أن «الكرة الآن هي في ملعب ائتلاف دولة القانون، حيث إنه من يدير دفة الدولة، والمطلوب منه أن يقدم المرونة المطلوبة، حيث إنه المعرقل الرئيسي للقوانين داخل البرلمان».

من جانب آخر، أكد رئيس مجلس شيوخ محافظة الأنبار الشيخ حميد الشوكة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة التي نواجهها أن بعض الجهات المرتبطة بأحزاب سياسية وبعضها مشارك في السلطة حاليا ولديه خلافات مع السلطة يسعى لاستثمار زخم المظاهرات لصالحه وكأنه يريد أن يتفاوض مع الحكومة برأس المتظاهرين من جهة، ويركب موجة التظاهرات باتجاه التصعيد من جهة أخرى». وأضاف الشوكة أن «المظاهرات بدأت بمطالب مشروعة، وهي الآن ترفع نفس المطالب، مع التأكيد على أنه ليست هناك خطوات فعالة لتحقيقها، لكن أيضا لا توجد إرادة لدى العديد من الجهات داخل المتظاهرين في التعاطي مع الخطوات الحكومية بسبب استمرار أزمة الثقة بين الطرفين».

وفي الموصل شمال العراق، دعا محافظ نينوى أثيل النجيفي، المرجعيات الدينية الشيعية والتحالف الوطني وأبناء المحافظات الجنوبية، إلى إيقاف الظلم والسعي للتغيير و«انتهاج منهج التيار الصدري». وقال النجيفي في بيان له أمس الجمعة إن «التآلف بين العراقيين لا بد أن يقوم على الأخوة والشعور بألم بعضنا البعض وليس بالانتصار للظالم على المظلوم». واعتبر النجيفي أن «الكرة الآن في ملعب المحافظات الجنوبية والمرجعيات الدينية الشيعية والتحالف الوطني كجهة سياسية ممثلة لتلك المحافظات»، داعيا إياهم إلى أن «يحذوا حذو التيار الصدري في الدعوة إلى إيقاف الظلم والأخذ على يد الظالم والسعي للتغيير المنشود». كما طالب النجيفي الداعين لوحدة الشعب العراقي بـ«استنهاض همة بقية مكونات الشعب العراقي لينتصروا لإخوانهم المظلومين والمتظاهرين والمعتصمين»، مناشدا المتظاهرين في ساحة الأحرار في الموصل «عدم رفع الأعلام العراقية القديمة التي تحمل النجوم الثلاثة لعدم استغلالها من قبل جهات تحاول زرع الفتنة وتحريف المظاهرات». وأكد النجيفي أن «هدفنا هو زرع الثقة بين كل أبناء الشعب من الشمال إلى الجنوب والتمسك بالوحدة الوطنية».