خيار الزعيم الصيني لأول رحلة خارجية.. رسالة لأوباما

تشي يريد زيارة روسيا للتأكيد على تحالفهما والرد على سياسة واشنطن في آسيا

تشي جينبينغ
TT

وقع اختيار الزعيم الجديد للصين، تشي جينبينغ، على موسكو لتكون محطة أول زيارة خارجية له عندما يتولى رئاسة البلاد، ليتبعها مباشرة بزيارة إلى جنوب أفريقيا لحضور مؤتمر قمة مجموعة دول السوق الناشئة البارزة. وكان سلف تشي، هو جينتاو، قد اختار موسكو لتكون أول عاصمة يقوم بزيارة لها في الخارج بعد توليه منصبه، لكن في هذه المرة تكتسب رحلة تشي إلى روسيا أهمية خاصة، بحسب محللين يرون أنها تأتي مع محاولة الصين إظهار رد فعل تجاه تركيز إدارة الرئيس باراك أوباما على آسيا. ويُنظر لتلك السياسة الأميركية بقدر من الشك في بكين، وتفسر بصورة سلبية على نطاق واسع من جانب الحكومة الصينية بوصفها نوعا من كبح الجماح للصين.

لكن بزيارته لروسيا، سوف يعمل تشي من أجل ضمان أن علاقة الصين بموسكو، التي كانت علاقة شائكة في بعض الأحيان ومرة مال فيها ميزان القوى بشكل كبير لصالح الصين، في حالة جيدة قبل مقابلته الرئيس أوباما في وقت لاحق من العام الحالي، بحسب محللين.

علاوة على ذلك، فقد كانت هناك إشارات دالة على أن تشي وبوتين سيحاولان توقيع اتفاقية طاقة تم السعي لها منذ فترة طويلة من شأنها أن تزود الصين بالنفط والغاز الروسيين. ويقول جين كانرونغ، العميد المشارك لكلية الدراسات الدولية بجامعة رنمين «الصين ترغب في تعزيز علاقتها مع روسيا قبيل التعامل مع الولايات المتحدة». وقال إنه على وجه التحديد سوف تتطلع الصين للحصول على دعم روسيا في نزاعها الإقليمي مع اليابان، أحد حلفاء الولايات المتحدة، حول الجزر في بحر شرق الصين.

وليس من المتوقع أن يجري تشي مقابلته مع أوباما قبل سبتمبر (أيلول) مع حضور الزعيمين مؤتمر قمة دول مجموعة العشرين في سان بطرسبورغ بروسيا، بحسب مسؤولين صينيين. ويبدو أن الجهود الرامية لترتيب مقابلة بين تشي وأوباما قبل سبتمبر (أيلول) لم تحقق تقدما كبيرا حتى الآن، حسبما أفاد مسؤولون في الصين وواشنطن.

ولم يعلن الصينيون عن تاريخ محدد لزيارة تشي إلى موسكو، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى أنه لن يصبح رئيسا رسميا للبلاد حتى اجتماع مؤتمر الشعب الوطني، الذي يفتتح في بكين في يوم 5 مارس (آذار). ويشغل تشي الآن منصب الأمين العام للحزب الشيوعي، وهو المنصب الذي تولاه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وفي موسكو، أشار الرئيس بوتين الثلاثاء إلى أنه كان يتطلع لزيارة تشي «في أقرب فرصة». وأكد وزير الخارجية الصيني، يانغ جيتشي، الذي كان في موسكو الثلاثاء للتحضير للقاء تشي وبوتين، أمر الزيارة المرتقبة لموسكو. وأعلنت وسائل الإعلام الحكومية الصينية هذا الأسبوع أن تشي سيقوم بزيارة لروسيا في طريقه لحضور اجتماع لزعماء دول «بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، في دوربان بجنوب أفريقيا في الفترة من 26 - 27 مارس (آذار). وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بوزارة الخارجية الأربعاء، أعاد المتحدث باسم الوزارة، هونغ لي، تصريحات يانغ السابقة بشأن زيارة تشي إلى موسكو.

كان البعض يتوقع لقاء تشي وأوباما قبيل سبتمبر (أيلول)، رغم التوقعات بأن يجريا محادثة هاتفية لدى تقلد تشي مهام الرئاسة، بحسب مسؤولين. وكانت زيارة تشي إلى البيت الأبيض في فبراير (شباط) عام 2012 قد لقيت حفاوة من جانب أوباما خلال تولي الأول منصب نائب الرئيس الصيني، وتأكد توليه الرئاسة.

وتأتي التصريحات بشأن رحلة تشي إلى روسيا في وقت يستهل فيه وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري أولى رحلاته الخارجية نهاية الأسبوع الحالي، والتي تشمل تسع دول في أوروبا والشرق الأوسط. وعلى عكس سلفه، هيلاري كلينتون، التي خرجت عن التقليد وزارت آسيا أولا، بما في ذلك الصين، عاد كيري إلى المسار الأكثر ألفة لدى وزراء الخارجية بزيارة الحلفاء في أوروبا والمناطق المضطربة في الشرق الأوسط.

ويأتي الانتظار المطول للقاء رئاسي بين أوباما وتشي في وقت تزايدت فيه التوترات بين الصين والولايات المتحدة بشأن نطاق واسع من القضايا، كان من بينها تزايد الاتهامات الأميركية حول مسؤولية الجيش الصيني عن القرصنة الإلكترونية ضد الشركات الأميركية. ويرى بوني غلاسر، المستشار البارز لشؤون آسيا في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن أن التوترات التي تشهدها العلاقات بين البلدين تنذر بتأجيل الاجتماع بين الرئيسين. ففي ظل غياب حوار رئاسي تزداد مخاطر الشكوك واحتمالات الشقاق بين البلدين. لكن عقد قمة في وقت مبكر سيلقى دون شك ترحيبا من المنطقة بأسرها، التي تبدو قلقة بعض الشيء بشأن النزاع الأميركي الصيني.

ومع تزايد التوترات بين الصين والولايات المتحدة، حدث تقارب بين الصين وروسيا حول القضايا الدولية الرئيسية، على الرغم من تقويض مساعي الصين الدائمة إلى تعزيز دورها في آسيا، ودورها العالمي المتنامي من مكانة روسيا.

من ناحية أخرى، أظهرت الصين وروسيا اهتماما مشتركا تجاه القضايا التي تشكل أهمية للولايات المتحدة، مثل سوريا وإيران وكوريا الشمالية، وهي القضايا التي يتوقع أن تشملها أجندة اللقاء خلال زيارة تشي إلى موسكو. كما يتوقع أن يركز الزعيمان على التعاون المتزايد حول سياسة الطاقة.

وكان نائب رئيس الوزراء الصيني وانغ كيشان قد التقى رئيس شركة «روسنفت» النفطية، المملوكة للدولة، مرتين في بكين هذا الأسبوع، في تمهيد واضح لقمة موسكو. والاختلاف الوحيد بين الصين وروسيا بشأن الطاقة كان سعر الغاز، إذ رفضت روسيا في السابق تلبية مطالب الصين بشأن أسعار الغاز، مؤكدة أنها قادرة على بيع الغاز إلى أوروبا لتحقيق عائد أكبر منه إلى الصين.

* خدمة «نيويورك تايمز»