الهند تبلغت بمعلومات لم تستثمرها لإحباط الاعتداءين الداميين

معتقلون أبلغوا الشرطة مسبقا عن المكان المستهدف.. والأنظار تتجه إلى «جماعة المجاهدين»

TT

واصلت الهند أمس تحقيقها في التفجيرين اللذين استهدفا سوقا مكتظة بالناس في مدينة حيدر آباد الجنوبية، الخميس، وخلفا 16 قتيلا وأكثر من مائة جريح، فيما أقرت الشرطة بأن ناشطين أبلغوها السنة الماضية بمعلومات عن احتمال وقوع هجمات في الحي الذي استهدف أول من أمس.

وأفادت المعلومات الأولية بأن القنبلتين اللتين وضعتا على دراجتين هوائيتين خارج داري سينما شهيرتين («فينكاتادري» و«كونارك») كانتا تعرضان أفلاما تم إنتاجها حديثا، تم إعدادهما بمواد متفجرة اشتُريَت من حيدر آباد نفسها، كما تشير التقارير الأولية إلى استخدام «جهاز ضبط الوقت»، لإعطاء الشخص الذي يزرع القنابل وقتا كافيا للهروب بعد وضع القنبلة. وقالت إس إن شريفاستافا، وهي مفوضة في شرطة نيودلهي، إن اثنين من المقبوض عليهم الشهر الماضي ممن ينتمون إلى «جماعة المجاهدين» الهندية كانا أكدا أن للجماعة قائمة أهداف تشمل حيدر آباد، جنبا إلى جنب مع مدن نيودلهي وبيون ومومباي. وقالت شريفاستافا «تشمل هذه المواقع ديلسوكاناغار»، وهو الحي الذي شهد تفجيرات الخميس، مشيرة إلى أنه قد تم نقل هذه المعلومات إلى السلطات والشرطة الهندية.

ويتم التحقيق في هذا الحادث من قبل وكالة التحقيقات الوطنية الهندية والشرطة في ولاية نيودلهي. وتشير التحقيقات الأولية إلى استخدام عبوة ناسفة في تلك التفجيرات، وأن طريقة تنفيذ التفجيرات تشبه تلك التفجيرات التي تقوم بها «جماعة المجاهدين» الهندية المحظورة.

وقال بي رامان، وهو الرئيس السابق للمخابرات الخارجية الهندية والخبير الأمني، إن المؤشرات الأولية تشير إلى أن الانفجارات عبارة عن «عمل يدوي من سكان محليين كانوا في وضع يمكنهم من تجميع الأجهزة بسرعة». وكتب رامان على مدونته يقول «يمكن تجميع اثنتين من العبوات الناسفة الموقوتة من هذا النوع بكل سهولة، كما يمكن زرعهما بواسطة واحد أو اثنين من الإرهابيين»، مشيرا إلى أنه لا يوجد ما يدل على قوة هذه القنابل، لأنه لا توجد أي تقارير تشير إلى أنها قد أدت إلى أي حفر في موقع الحادث.

وسبق أن تبنت «جماعة المجاهدين» عدة اعتداءات في الهند في الماضي. وردا على سؤال عن ضلوع هذه الجماعة المحتمل قال وزير الداخلية الهندي سوشيل كومار شيندي إنه لا يزال من المبكر جدا حسم ذلك، مضيفا «التحقيق بدأ لتوه، وسنكتشف كل شيء». وبحسب محطة «إن دي تي في» فإن أسلاك كاميرات المراقبة قطعت قبل أيام من وقوع الاعتداءات. وقد تواجه الشرطة أسئلة شائكة بشأن فشل القوات الأمنية في إحباط الخطط لشن هجمات على أرضها في حين كانت على علم بالخطر.

وعقب تفجيري الخميس، شهد البرلمان الهندي بغرفتيه حالة من الشد والجذب يوم أمس، وشن أعضاء من المعارضة هجوما شديدا على الحكومة واتهموها بالتقصير في شؤون الأمن الداخلي. وتأجل انعقاد البرلمان أكثر من مرة يوم أمس.

وقالت مصادر في الاستخبارات الهندية إن الاستخبارات البريطانية كانت قد حذرت الهند من هجوم إرهابي وشيك من قبل «جماعة المجاهدين»، وبالفعل اتخذت السلطات الهندية إجراءات احترازية، لكنها لم تتمكن من منع هذا الهجوم. وكان آخر انفجار شهدته مدينة حيدر آباد في 25 أغسطس (آب) 2007 عندما وقع انفجاران شبه متزامنين أديا إلى مصرع 42 شخصا.

ووصف رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ الانفجار المزدوج بأنه «عمل جبان»، ودعا إلى معاقبة منفذيه. ومن جهته دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «بشدة الهجمات العشوائية». كما نددت باكستان أمس بالاعتداء المزدوج، وقالت إن «جميع الأعمال الإرهابية غير مبررة مهما كانت دوافعها». وقالت وزارة الخارجية في بيان إن «الإرهاب بجميع أشكاله وصوره يمثل أحد أخطر التهديدات للسلام والأمن الدوليين».

وكان وزير الشؤون الخارجية الهندي رانجان ماتاي، الذي يقوم بزيارة إلى واشنطن حيث التقى وزير الخارجية الأميركية جون كيري، اعتبر أنه لم يتم الكشف عن منفذي الهجمات من دون أن يستبعد مع ذلك تورطا خارجيا. وقال «لست متأكدا من وجود أدلة عن إرهاب محلي. لقد تعرضنا لعدة هجمات مستوحاة أو تم تنفيذها من الخارج»، من دون أن يذكر بوضوح باكستان التي تتهمها الهند باستمرار بعد حصول اعتداءات على أراضيها.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أصدرت بيانا قالت فيه إن «جماعة المجاهدين الهندية قد لعبت دورا» في الإعداد لهجمات مومباي عام 2008، التي شنتها حركة عسكر طيبة وأودت بحياة 163 شخصا، بما في ذلك ستة أميركيين.

وقد أنشئت «جماعة المجاهدين» من قبل ياسين باتكال المعروف باسم ضرار سيديبابا، والذي يعتقد أنه فر إلى باكستان لأنه كان مطلوبا من قبل السلطات الأمنية الهندية. وتفيد معلومات هندية بأن هذا الرجل شوهد آخر مرة إلى جانب زعيم جماعة «عسكر طيبة» حافظ سعيد في تجمع في باكستان في الآونة الأخيرة. وتتبع «جماعة المجاهدين» الهندية طريقة عمل بسيطة تتمثل في تنشيط الخلايا النائمة واستكشاف المواقع المستهدفة وتجميع العبوات الناسفة والبحث عن أماكن مزدحمة (تبين أن المطاعم مكان مفضل للجماعة)، واختيار ساعة الذروة القصوى للتأكد من زيادة الأضرار الناجمة عن الانفجار، ثم وضع القنابل وتفجيرها.