جمعيات يسارية مغربية تقاطع لجنة تمهد لإنشاء المجلس الاستشاري للأسرة

وزيرة التضامن الاجتماعي لـ«الشرق الأوسط»: لا يمكن لأي جهة فرض وصاية على الحكومة وعرقلة عملها

TT

تم أمس (الجمعة) في الرباط تعيين أعضاء اللجنة العلمية التي ستتولى دراسة المذكرات المقترحة من قبل مختلف الهيئات السياسية والمدنية بشأن إنشاء المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة الذي نص عليه الدستور الجديد.

وكانت وزارة التضامن الاجتماعي قد أعلنت قبل أسبوع عن الشروع في تلقي اقتراحات لتشكيل هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز التي نص عليها الدستور أيضا. والتي ستعرض على لجنة علمية كذلك، في أفق إصدار مشروعي قانون ينظمان عمل الهيئتين سيتم إحالتهما على الحكومة للمصادقة عليهما ثم على البرلمان، قبل متم السنة الحالية. ويأتي هذا في سياق تنفيذ المخطط التشريعي للحكومة.

وعن دواعي إحداث هذا المجلس، قالت بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، إن «الأسرة المغربية عرفت تحولات عميقة، وإن غالبية الدراسات المنجزة حول الموضوع أكدت اهتزاز البنيات التقليدية للأسرة، مما أثر على الأدوار الجوهرية التي كانت تضطلع بها في المجتمع». وقد ساهم ذلك، حسب الحقاوي، إلى جانب عوامل أخرى، في بروز عدد من الظواهر المقلقة، مثل الانقطاع عن الدراسة، وأطفال الشوارع، وما ينتج عنها من انحراف وتعاطي المخدرات، إضافة إلى ظهور مشاكل اجتماعية أخرى مرتبطة برعاية الأشخاص المسنين والمعاقين.

وأوضحت الحقاوي التي كانت تتحدث أمس في حفل تعيين أعضاء اللجنة العلمية، أن المجلس المرتقب أحداثه سيناط به مهمة إيجاد حلول لهذه المشاكل الاجتماعية، مشيرة إلى أن اللجنة سيكون لها دور مهم لإخراج مشروع مجلس الأسرة والطفولة كما هو الأمر بالنسبة لهيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز.

وترأس اللجنة زهور الحر، القاضية والحقوقية المعروفة، وتضم 14 عضوا من مختلف التخصصات والكفاءات. وكانت الجمعيات النسائية ذات التوجه اليساري قد قاطعت حفل تعيين اللجنة العلمية الخاصة بإنشاء هيئة المناصفة، التي أسندت رئاستها إلى رحمة بورقية أستاذة علم الاجتماع، وقالت: إنها ستحجم أيضا عن تقديم المذكرات التي أعدتها بشأنها. وذلك احتجاجا على إسناد مهمة الإشراف على هذا المشروع إلى وزارة التضامن وليس إلى لجان مستقلة، كما احتجت على مبادرة الوزارة تشكيل اللجنة من دون التشاور مع المنظمات النسائية والحقوقية.على حد قولها وتعليقا على موقف تلك الجمعيات من مشروعها، قالت الحقاوي لـ«الشرق الأوسط» أن «الأشخاص الإيجابيون لا يلجأون إلى الإعلام رغم أن الإعلام ينجذب نحو من يتبنون مواقف مختلفة». وأضافت: «هناك بعض الجمعيات التي لديها رأي مخالف يحترم، وهذا يشكل غنى للمغرب، والعلاقة بين الحكومة والمجتمع المدني هي علاقة شراكة وليس وصاية لا من هذا الطرف أو من الطرف الآخر». وأوضحت الحقاوي «نحن لسنا أوصياء على المجتمع المدني والمجتمع المدني ليس وصيا علينا، وبالتالي علاقة الشراكة التي تجمع الطرفين تتيح للجميع أن يقدم اقتراحات»، مشيرة إلى أن الموضوعية والحياد والتركيز على الخبرة والمعرفة كانت أهم عناصر اختيار أعضاء اللجنتين وليس الانتماء إلى جهة معينة، مؤكدة أن شروط مشروع أحداث هيئة المناصفة أو مجلس الأسرة والطفولة متوفرة لكي يتم التوافق بشأنهما.

وقالت الحقاوي إنه «عندما يحال المشروع على البرلمان بعد المصادقة عليه من قبل الحكومة، فإن منظمات المجتمع المدني أصبح لديها إمكانية اقتراح التعديلات والتغييرات عليه، أما باتصالها بالفرق البرلمانية، أو تقديم مبادرة خاصة بها، وفي نهاية المطاف لا يصدر أي قانون إلا بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه عليه».

وردا على سؤال حول ما إذا كانت مقاطعة عدد من الجمعيات النسائية لمشروعها سيشكل تشويشا عليه، قالت الحقاوي «لا أعرف أن هناك مقاطعة. من لديه رأي أو اقتراح مخالف فليقدمه لأننا نعمل بمنطق التشارك أسوة بما تم أثناء إعداد قانون الأسرة أو مشروع الجهوية الموسعة، أو الدستور، ولا يمكننا إلا السير في هذا الطريق». وأضافت: «لا يمكن لجهة أن تكون وصية على جهة أخرى، وتقوم بدور معرقل لعمل الحكومة احتكارا منها لمجالات بعينها، والدستور ينظم العلاقة بين جميع السلطات، والمجتمع المدني يبقى شريكا أساسيا للسلطة التنفيذية»، حسب قولها.