عضو في حزب الله يحاكم في قبرص بتهمة التخطيط لتنفيذ اعتداءات ضد أهداف غربية

نفى أي نية له لمهاجمة الإسرائيليين وأقر بتدربه على استخدام السلاح والمتفجرات

حسام طالب يعقوب (يمين) قبل مثوله أمام محكمة ليماسول في قبرص أول من أمس (نيويورك تايمز)
TT

اعترف لبناني قال إنه عنصر في حزب الله، أمام محكمة في قبرص أول من أمس، بأنه جمع معلومات عن سياح إسرائيليين يزورون الجزيرة، إلا أنه نفى أي خطة لمهاجمتهم.

ووجهت ثماني تهم إلى حسام طالب يعقوب وكنيته «وائل» (24 عاما) الذي أوقف في غرفة في فندق في ليماسول (جنوب قبرص) في السابع من يوليو (تموز) 2012 وبدأت محاكمته في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) أمام المحكمة الجنائية في هذه المدينة الواقعة جنوب الجزيرة.

واعترف أيضا بأنه كان يتلقى راتبا 600 دولار شهريا منذ عام 2010. وبسؤاله عن سبب وجود اسم حركي له، جاءت إجابته، كما نقل المترجم، أنه في العموم يعتمد التنظيم على السرية بين أعضائه وأنهم لا يعلمون الأسماء الحقيقية لزملائهم من الأعضاء.

وقال يعقوب إن الوسيط الذي يتعامل معه، وهو شخصية تعمل في الظل تعرف فقط باسم أيمن، أبلغه أن عليه تعقب مواعيد هبوط طائرة تابعة لخطوط طيران «أركيا» بين تل أبيب ولارنكا بقبرص. وقد طلب منه أيمن أيضا معرفة أسعار تأجير المخازن، على حد قوله.

وفي شهادته التي تم تلاوتها أمام المحكمة، نفى أن يكون خطط لشن هجمات، لكنه أقرّ بأنه عضو في حزب الله منذ أربع سنوات، مؤكدا أمام المحكمة الجنائية في ليماسول أن «هذه الاتهامات لا أساس لها». وقال: «لم أتآمر مع أحد لارتكاب جريمة»، مشيرا إلى «إنني تلقيت تعليمات بجمع معلومات. وهذا ما فعلته».

وأوضح يعقوب الذي يحمل أيضا جواز سفر سويديا أنه تلقى طلبا بجمع معلومات عن الرحلات المقبلة إلى قبرص من إسرائيل وتدوين أرقام تسجيل الحافلات التي تقل سياحا إسرائيليين.

وذكرت صحيفة «سايبرس مايل» القبرصية أن «لبنانيا يحاكم في قبرص بتهمة التجسس والتخطيط لتنفيذ اعتداءات ضد أهداف إسرائيلية أكد أنه عضو في حزب الله». وأشارت الصحيفة إلى أنه «متهم بالتآمر لارتكاب جريمة والانتماء إلى منظمة إجرامية».

وأكد أنه لم يعلم كيف سيتم استخدام هذه المعلومات، موضحا أنه اعتقل قبل تمكنه من نقلها إلى شخص لم يكن يعرفه في لبنان.

وقال إنه تلقى أوامر من عميل من حزب الله قدم نفسه تحت اسم أيمن طلب منه التجسس على تحركات سياح إسرائيليين في فنادق على الجزيرة خصوصا في مدينتي ليماسول وايا نابا.

وإذ أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن يعقوب هو «مسؤول ربط لحزب الله في أوروبا»، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن يعقوب «أدلى باعترافات تظهر أن الحزب خطط لعمليات ضد أهداف غربية في جميع أنحاء أوروبا».

وأفادت الصحيفة أن المتهم «اعتقل عندما كان يسجل أرقاما تابعة لسيارات باص كانت تقل سياحا إسرائيليين»، مشيرة إلى أن التقديرات الإسرائيلية «تشير إلى أن المتهم كان ينوي القيام بعدة عمليات ضد أهداف إسرائيلية في قبرص، من ضمنها تفجير طائرة أو عملية مسلحة ضد سفينة تقل إسرائيليين في جزيرة قبرص».

ووصف يعقوب نفسه، بأنه مجرد حجر شطرنج ينفذ الأوامر ولكنه ليس متورطا - أو على الأقل ليس متورطا بشكل معلوم - في التخطيط لهجوم. غير أن المدعين العموميين في قبرص قالوا، إن هذا تحديدا ما كان يفعله. يقول خبراء استخباراتيون في الولايات المتحدة وإسرائيل إن يعقوب كان لاعبا صغيرا في حرب سرية أهلت إسرائيل لدخول منافسة ضد إيران وحزب الله. إن شهادة يعقوب، التي بدأت هنا يوم الأربعاء، قد سلطت الضوء بشكل غير معتاد على عمليات الجماعة السرية. وفي يوم الخميس، تحدث يعقوب عن التدريب على استخدام الأسلحة الذي قد تلقاه كعضو في حزب الله.

لكنه أنكر مشاركته في أي مخطط لقتل مواطنين إسرائيليين في قبرص في حادث تفجير حافلة في بلغاريا الصيف الماضي، والذي ربطته الحكومة هناك بحزب الله.

وقال المدعي العام، أثوس كاناوريدز، إن يعقوب قد اعترف للشرطة أثناء استجوابه يوم 14 يوليو (تموز) بأنه قد تعلم استخدام مادة «سي - 4» المتفجرة. غير أن يعقوب أنكر تماما تلقيه مثل هذا التدريب، قائلا إن الشرطة قد أضافت تلك المعلومة من دون علمه إلى البيان الذي وقع عليه. هذا، وقد أعطت الشهادة لمحة عن مهارات التجسس لدى حزب الله. إبان زيارة لقبرص في ديسمبر (كانون الأول) 2011، اشترى يعقوب ثلاث بطاقات SIM، اثنتين لأيمن وواحدة لنفسه. واشترى كل بطاقة من البطاقات من كشك مختلف، وهو ما عزاه كاناوريدز إلى رغبته في تجنب العثور عليه. يقول كاناوريدز: «لقد اشتريت البطاقات من أكشاك مختلفة، لعدم إثارة الشك. من ثم، ربما كان لديك اتصال بحزب الله للتحضير لشن هجوم ضد الإسرائيليين في قبرص».

وقال يعقوب إنه «بوصفه عضوا في حزب الله، كان لديه الحق في رفض المشاركة في عمليات إرهابية». يقول: «لو طلب مني المشاركة في الهجمات، كنت أملك حق الرفض».

وقال إنه لم يعلم كيف سيتم توظيف المعلومات التي جمعها. وأشار إلى أنه لم يطلب منه تعقب الحافلات التي تقل سياحا إسرائيليين، على الرغم من ذكره أنه قد دون أرقام لوحة سيارتي اثنين منهم باستخدام كود.

وفي شهادة مكتوبة تمت قراءتها أمام المحكمة يوم الأربعاء، تحدث يعقوب عن عمله كجاسوس لحساب التنظيم في تركيا وفرنسا وهولندا. وأشار يعقوب إلى أنه في حالة احتياج أيمن للاتصال به، كان يبعث إليه برسالة نصية «عن حالة الطقس».

يقول يعقوب: «أعمل لحساب التنظيم. متى طلبوا مني فعل شي، أفعله».

من جانبه، ناشد الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس يوم الخميس القادة الأوروبيين باتخاذ إجراء. وقال: «لقد حان الوقت بالنسبة لكل دولة في العالم، وعلى وجه الخصوص بالنسبة للاتحاد الأوروبي، لإضافة حزب الله إلى قائمة المنظمات الإرهابية». وأضاف: «هذا هو الوقت لوصف حزب الله بهويته الفعلية: منظمة إرهابية قاتلة».

يملك حزب الله شبكات تمويل واسعة النطاق في أوروبا. وقد عارضت فرنسا على وجه الخصوص اتخاذ إجراء ضد حزب الله بدافع الخوف من احتمال أن يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار لبنان بصورة أكبر، حيث يعتبر التنظيم لاعبا سياسيا مهما.

وصل يعقوب إلى قاعة المحكمة يوم الخميس مكبلا بالأصفاد. وبعد أن قامت الشرطة بفك الأغلال، وضع يده برقة على كتف محامي دفاعه، أنطونيس جورجيادس. وعلى غرار القضاة الثلاثة الذين ينظرون القضية والمدعي العام، كان جورجيادس يرتدي عباءة سوداء في الجلسة. أثناء الإدلاء بشهادته في المحاكمة، قال يعقوب إن تمويل حزب الله كان يستخدم لأجل المدارس والمستشفيات. وقال إن التنظيم لديه «جيش مقاومة شعبية» خاص به منفصل عن الجيش اللبناني.

من جهتها، ذكرت صحيفة «سايبرس مايل» القبرصية على موقعها الإلكتروني أول من أمس أن يعقوب «نفى علاقته بالجناح العسكري لحزب الله»، مشددا على أنه كان يعمل فقط لجناحه السياسي. وأوضحت أنه خلال محاكمته، «ولدى سؤاله عن زياراته المتكررة إلى مطار لارنكا قبل اعتقاله بوقت قصير، قال إنها جاءت بسبب مشكلات ألمت بسيارة استأجرها»، مشيرة إلى أنه «رفض الإجابة على أسئلة وجهت إليه حول أرقام باصات سياحية وجدت في دفتره الأحمر». وقال إنه، قبل وصوله إلى قبرص، نقل طرودا إلى ليون (فرنسا) وأمستردام وأنطاليا (تركيا) من دون أن يعرف ما بداخلها.

وذكرت الصحيفة القبرصية أنه «اعترف بخضوعه لتدريبات على استخدام السلاح والمتفجرات، زاعما أنها جزء من مناهج التدريب التي تعلمها للمساعدة في حماية بلاده»، مشيرة إلى أنه اعترف بأن «جميع تكلفة رحلاته، تكفل بها حزب الله».

ولفتت الصحيفة إلى أنه «نفى أن يكون عازما على أذية أحد»، وقال، بحسب «سايبرس مايل» «لا علاقة لي بالإرهاب، ولا أنتمي إلى منظمة إرهابية أو إجرامية، كما أنني لا أظن أن أيمن كان عازما على استخدام التفجيرات لأذية أحد»، مستدلا في ذلك إلى «ميثاق حزب الله الذي أصدره في عام 2009، والذي لا يتضمن أي إشارة للإرهاب».

وتعتبر قبرص مقصدا شعبيا للسياح الإسرائيليين الذين بلغ عددهم العام الماضي حوالي 40 ألفا (بزيادة 23,5% عن عام 2011)، وهي تبعد أقل من ساعة طيران عن تل أبيب. وبعد اعتقال يعقوب قتل خمسة سياح إسرائيليين وسائقهم في اعتداء استهدف حافلتهم في بلغاريا حملت إسرائيل حزب الله مسؤوليته. وتم تحديد موعد الجلسة المقبلة في السابع من مارس (آذار).