مصادر فرنسية: المؤشرات لا تحفز على التفاؤل بشأن مفاوضات «النووي» الإيراني بكازاخستان

طهران تستبق الحوار بالإعلان عن اكتشاف مخزونات يورانيوم جديدة وبناء 16 محطة نووية

صورة بثتها وكالة مهر الإيرانية لجانب من اجتماع رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني والرئيس الإيراني أحمدي نجاد بحضور رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني في طهران أمس لترطيب الأجواء بعد الأزمة التي اشتعلت بين الحكومة والبرلمان
TT

يتوجه مفاوضو مجموعة «5+1» غدا (الاثنين) إلى ألماتي، عاصمة كازاخستان، من أجل جولة مفاوضات جديدة بعد غد (الثلاثاء) مع فريق التفاوض الإيراني برئاسة سعيد جليلي بعد فترة انقطاع دامت منذ يونيو (حزيران) الماضي، حيث عقد آخر اجتماع في موسكو لم يثمر شيئا بسبب المواقف المتباعدة جدا بين الطرفين.

ولا يبدو هذه المرة أن حظوظ النجاح أكبر؛ إذ قالت مصادر فرنسية معنية مباشرة بالملف النووي الإيراني إن «العوامل الموضوعية لا تدفع باتجاه التفاؤل»، مشيرة إلى فشل محادثات وفد الوكالة الدولية للطاقة النووية في طهران مؤخرا، وإلى إعلان إيران عن البدء بنصب طاردات جديدة من طراز «آي آر 2 إم» في موقع نطنز. وهذه التطورات، يضاف إليها تصريحات المسؤولين الإيرانيين، «لا تنم عن رغبة بالانفتاح ولا عن تقارب في وجهات النظر من أجل الدخول في مفاوضات حقيقية».

واستبق جليلي الذي يشغل في الوقت نفسه منصب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني اجتماع ألماتي بالإعلان عن أن بلاده «لن تقبل شيئا أكثر مما هو مطلوب منها بموجب معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، أو أقل من (الحقوق) التي تعطيها إياها المعاهدة»، وذلك في كلمة له أمس أمام مسؤولي الصناعة النووية الإيرانية في طهران.

وأكد جليلي أن بلاده «وفت بجميع التزاماتها» في إطار المعاهدة المذكورة؛ ولذا فإن الشعب الإيراني «لن يقبل أن يعامل معاملة مختلفة عن بقية شعوب العالم»، وبالتالي فإذا كانت مجموعة «5+1» تسعى لمحادثات بناءة، فعليها أن تأتي إلى ألماتي باستراتيجية جديدة ومقترحات جديدة. كما استبقت طهران اجتماع ألماتي بالإعلان عن العثور على مخزونات جديدة من خام اليورانيوم لتغذية برنامجها النووي، وحددت 16 موقعا لبناء محطات أخرى للطاقة النووية في «مناطق ساحلية جنوبية»، في إعلان من المرجح أن يثير قلق الغرب. ولم تحدد وكالة الطاقة الإيرانية أماكن هذه المواقع، لكنها أوضحت أن بينها مناطق ساحلية في الخليج وبحر عمان وإقليم خوزستان (الأحواز) ومناطق ساحلية أخرى في بحر قزوين. في وقت وصف فيه نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق داني أيالون الإعلان الإيراني بأنه حيلة لدعم موقف إيران قبل المحادثات النووية.

وقالت المصادر الفرنسية أمس إنه إذا تمسكت إيران بالشرطين المسبقين اللذين طرحتهما خلال جولات التفاوض الماضية، وهما رفع العقوبات المفروضة عليها والاعتراف بحقها في التخصيب النووي، فإن المفاوضات «ستتجه إلى طريق مسدود». وما يزيد من تشاؤم المفاوضين الغربيين اعتقادهم أن اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية في طهران «لا يساعد على التزام مواقف لينة»، ما يجعل حظوظ التوصل إلى نتائج إيجابية أبعد احتمالا.

غير أن مجموعة الـ6 تعول على مقترحاتها «المحدثة» لتحقيق اختراق ما، وذلك على قاعدة مزدوجة «الخطوة خطوة» من ناحية، والتبادلية من ناحية أخرى؛ ما يعني الدخول في بازار المساومات والسعي لبناء «تدابير ثقة»، وفق ما يسمى «مقاربة بغداد»، في إشارة إلى الاجتماع الذي استضافته العاصمة العراقية الربيع الماضي.

ورغم أن المصادر المشار إليها ترفض الكشف عن تفاصيل العرض الجديد لتحاشي إجهاضه، فإنها تركز على «البراغماتية» في التعاطي مع طهران وتبني سياسة «الخطوات الصغيرة» لمحاولة جر المفاوض الإيراني إلى قلب المفاوضات، أي إلى التوصل إلى تحقيق الهدف الأسمى، وهو تنفيذ طهران لالتزاماتها تجاه مجلس الأمن الدولي، وتجاه الوكالة الدولية للطاقة. وتختصر المصادر الفرنسية «فلسفة» المقترحات الجديدة في أنها «ليست ثورة، بل تطوير لما سبق أن اقترح».

وكشفت المصادر الفرنسية عن أن «أولوية الأولويات» هي العمل على معالجة تسريع طهران لتخصيب اليورانيوم. وتريد مجموعة الـ6 أن تعرف من إيران ما يمكن أن تقوم به مقابل «مبادرات» محددة، مثل الامتناع عن اتخاذ تدابير عقابية إضافية، أو رفع بعض مما اتخذ مع التركيز على الرغبة بجواب يتعلق بالتخصيب بنسبة 20 في المائة، إن في نطنز أو في موقع فوردو. ويفيد تقرير الوكالة الدولية الأخير بأن إيران تشغل حاليا 8500 طاردة مركزية من الجيل الأول من طراز «آي آر1» من أصل 12000 طاردة، وهي بصدد نصب 180 طاردة «آي آر2 م»، منها ستة قيد التجريب. وتتميز الطاردات الجديدة بأنها أسرع بنسبة تتراوح من 3 إلى 5 مرات من الطاردات السابقة، ما يعني زيادة في القدرة على التخصيب من 3 إلى 5 مرات. وتمتلك إيران حاليا 167 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، وهي قادرة اليوم على إنتاج 14 كلغ في الشهر. غير أن طهران عمدت في الأسابيع الأخيرة إلى خفض نسبة مخزونها من هذا اليورانيوم بتحويل جانب منه إلى وقود نووي صلب يستخدم في مفاعلها في طهران.

وبحسب المصادر الفرنسية، فإن إيران تتحاشى أن تقترب كثيرا من «الخط الأحمر» الذي رسمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لطهران عند حدود الـ240 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، وإذا استمر إنتاج المصانع الإيرانية في نطنز وفوردو على وتيرة 14 كلغ في الشهر، فإن طهران ستلامس «الخط الأحمر» بعد خمسة أشهر. ويراهن الغربيون على مفاعيل العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على طهران لدفعها للعودة إلى طاولة المفاوضات. ويرى الغربيون أن هذه العقوبات أفضت إلى خسارة إيران 49 مليار دولار من العائدات النفطية لعام 2012 وحده، أي ما يعادل خسارة 8 في المائة من الناتج القومي الخام. كذلك تسببت العقوبات في تضخم نسبته تتراوح ما بين 40 إلى 60 في المائة. وإذا تبين لمجموعة الـ6 أن إيران لن تعدل من موقفها، فإن عقوبات أقصى قيد الإعداد.