بوتفليقة يعبر لأول مرة عن قلقه على أمن الجزائر بسبب الحرب في مالي

قال إنه «ساخط» على الفضائح التي تهز «سوناطراك»

TT

قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إن بلاده «تتعرض للخطر جراء الوضع السائد في مالي، وعلى كامل حدودنا الجنوبية، وبسبب إرهاب لا يؤتمن شره ولا نتهاون لحظة في محاربته». وأظهر استياء بالغا من فضائح فساد كبيرة، تورط فيها مسؤولان مقربان منه ألحقت أضرارا بشركة المحروقات (سوناطراك).

وذكر بوتفليقة أمس في رسالة إلى النقابة المركزية، «الاتحاد العام للعمال الجزائريين»، بمناسبة مرور 42 سنة على تأميم قطاع المحروقات «24 فبراير (شباط) / 1971»، أن الجزائر «تواجه تحديات أخرى بسبب الحرب في مالي»، ولأول مرة يبدي بوتفليقة قلقا من الأوضاع التي خلفها التدخل العسكري الفرنسي في مالي، الذي تحفظت عليه الجزائر في بدايته ثم انخرطت فيه بشكل غير مباشر، عندما وضعت أجواءها الجنوبية تحت تصرف الطيران الحربي الفرنسي لقصف مواقع المتشددين في شمال مالي.

وتناول بوتفليقة حادثة الهجوم على المنشأة الغازية بعين أميناس (1300 كلم جنوب شرق الجزائر)، المتبوع باحتجاز 650 عاملا بها من بينهم 40 أجنبيا، منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، من طرف مجموعة تنتمي إلى «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، إذ قال: «ما وقع بعين أميناس قبل أيام أقام الدليل الأمثل على وحشية الفلول الإرهابية، وفي نفس الوقت أبرز اقتدار جيشنا وأجهزتنا الأمنية الذين وقفوا جميعهم للتصدي لهذا الاعتداء الذي استهدف إحدى أهم المنشآت في بلادنا». وأضاف: «يأبى علي الواجب إلا أن أشيد وأنوه بالضباط والجنود وأعضاء مصالح الأمن ورجال الحماية المدنية، الذين نال تدخلهم إعجابنا وإعجاب الرأي العام الدولي، كما أترحم على أرواح العمال الجزائريين والعمال الأجانب الذين لقوا حتفهم جراء هذا الاعتداء المقيت، وأعبر عن إكبارنا وشكرنا للذين استطاعوا بفضل رباطة جأشهم واستماتتهم أن ينقذوا المنشآت وأداة الإنتاج».

وتدخلت القوات الخاصة في اليوم الثالث من الهجوم على المصنع الغازي، فقتلت 29 إرهابيا واعتقلت ثلاثة آخرين. فيما قتل أعضاء الجماعة المسلحة 37 من الرعايا الأجانب بالرصاص، بحسب الوزير الأول عبد المالك سلال. وتعاطى بوتفليقة في رسالته، التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، مع فضائح مدوية تكتب عنها الصحافة المحلية والأجنبية منذ أسبوع، تتعلق بالفساد بشركة المحروقات «سوناطراك»، ورشى دفعت في عقود أبرمت مع عملاق الطاقة الإيطالي «إيني» والشركة الكندية الكبيرة «إس إن نسي لافالان». وقال بهذا الصدد: «لا يجوز لي أن أمر مرور الكرام على ما تناولته الصحافة مؤخرا من أمور ذات صلة بتسيير شركة (سوناطراك). إنها أمور تثير سخطنا واستنكارنا لكنني على ثقة من أن عدالة بلادنا ستفك خيوط هذه الملابسات وتحدد المسؤوليات وتحكم حكمها الصارم الحازم بالعقوبات المنصوص عليها في قوانيننا».

وتشير تحقيقات القضاء الإيطالي إلى أن وزير الطاقة السابق شكيب خليل، المقيم بالولايات المتحدة الأميركية، وابن شقيق محمد بجاوي وزير الخارجية السابق متورطان بصفة مباشرة في دفع وتلقي رشى وعمولات لتسهيل حصول «إيني» و«لافالان» على صفقات من «سوناطراك».

والشائع أن خليل وبجاوي، من أقرب المسؤولين للرئيس عبد العزيز وبوتفليقة إذ أحضرهم من الخارج لتعيينهم في الحكومة، لما وصل إلى الحكم عام 1999.

وصرح النائب العام بلقاسم زغماتي، الأسبوع الماضي، أن فضيحة «سوناطراك» محل تحقيق قضائي بالقطب الجنائي المتخصص في قضايا الفساد بالعاصمة. بينما أعلن وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي الأربعاء الماضي، عن «تعليمات صارمة جدا أعطيت من طرف السلطات للمؤسسات، من أجل الدفاع عن مصالحها ومتابعة كل شخص يكون قد تصرف خلافا لمصالح مؤسساتنا». وأوضح بأن القضاء «يجري تحقيقاته في الملف وسنتخذ الإجراءات الضرورية عند ما تنتهي العدالة من عملها ومن التأكد من ملابسات هذه القضايا».