الرئيس اليمني في الجنوب وسط موجة عنف

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: الحراك الانفصالي أحرق متاجر ودارا لتحفيظ القرآن ومقرات حزبية

متظاهرون يحتجون على اعمال العنف في صنعاء (رويترز)
TT

قام الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، بزيارة غير مسبوقة إلى الجنوب الذي تشهد مدن فيه اضطرابات بعد دعوة إلى «العصيان المدني» وجهها الجناح المتشدد في الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال، بينما أفادت مصادر أمنية بأن مجاميع من الحراك أحرقت متاجر ومقرات حزبية في بعض المدن الجنوبية.

وزار الرئيس عبد ربه منصور هادي، أمس، محافظة عدن، في أول زيارة له منذ انتخابه قبل أكثر من عام، وتزامنت زيارته مع إجراءات أمنية جديدة جرى فرضها في المحافظة على خلفية التطورات الأمنية والفوضى التي تشهدها بعض المحافظات الجنوبية، وقالت مصادر محلية إنه جرى إقالة مدير أمن عدن العميد صادق حيد، وتكليف أحد الضباط الكبار بمهامه، في وقت بدأ تطبيق خطة أمنية جديدة تحت إشراف وزير الدفاع شخصيا، وتنفذها المنطقة العسكرية الجنوبية، وقام الرئيس هادي، أيضا، بزيارة محافظة أبين، مسقط رأسه، للاطلاع ميدانيا على حجم الخراب الذي تعرضت له مدن المحافظة إبان المواجهات بين قوات الجيش ومسلحي تنظيم القاعدة الذين سيطروا على المحافظة لعدة أشهر. وكان وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد وصل إلى عدن قبل هادي بساعات، وعقد اجتماعا ضم قيادات المناطق العسكرية والأمنية، وناقش الأحداث التي شهدتها عدن خلال اليومين الماضيين، بحسب المصدر ذاته. وذكرت مصادر أمنية في محافظة عدن في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن «مجاميع من الحراك قامت بإغلاق عدد من الشوارع في عدن، ونفذت هجمات على عدد من المدارس والمصالح الحكومية بغرض إغلاقها تنفيذا للدعوة للعصيان المدني»، وذكرت تلك المصادر أن «هذا ليس عصيانا مدنيا ولكنه عمل تخريبي يتم بقوة السلاح» منوهة بأن «كثيرا من المواطنين لم يلتزموا بالدعوة للعصيان المدني، مما دفع المسلحين من الحراك إلى حرق متاجر من لم يلتزم، وقد حرقوا أحد المواطنين في متجره».

وقالت مصادر محلية إن مسلحين من أنصار «الحراك الجنوبي» يواصلون لليوم الثاني على التوالي استهداف مقرات حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي في المحافظات الجنوبية، وذلك في سياق حالة العصيان المدني التي دعا إليها الحراكيون على خلفية الاحتفالات بالذكرى الأولى لانتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي، التي شارك فيها حزب الإصلاح بفاعلية كبيرة، وأكد شهود لـ«الشرق الأوسط» في حضرموت ولحج وعدن قيام مسلحي الحراك بإحراق عدد من المحال التجارية التابعة لمواطنين من المحافظات الشمالية، وتعرض بعض أصحاب تلك المحال للاعتداء عليهم بالضرب، وتعرض أحدهم لحروق خطيرة على يد تلك المجاميع المسلحة.

وأكدت المصادر مهاجمة المسلحين لإحدى دور تعليم القران الكريم، وإشعال النيران في بعض فروع جمعية الإصلاح الخيرية التابعة لحزب الإصلاح، وفي بعض المقرات التابعة للحركات الإسلامية السلفية، إضافة إلى أعمال قطع الطرقات في عدن ولحج وحضرموت وعدد آخر من المحافظات والمناطق، في إطار أعمال الفوضى التي تعم جنوب اليمن منذ 3 أيام. وفي وقت لاحق، حسب وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، توجه هادي توجه محافظة أبين الجنوبية المجاورة، وهي مسقط رأسه، ليعاين الأضرار التي خلفتها أشهر من المعارك مع تنظيم القاعدة.

وقال هادي، حسبما نقلت عنه الوكالة، إن «الأعمال جارية على قدم وساق من أجل إعادة إعمار، وإعادة الحياة على ما كانت عليه، قبل عدوان تنظيم الجماعات الإرهابية على المنطقة».

وكانت «القاعدة» سيطرت على معظم مناطق أبين في نهاية مايو (أيار) 2011، مستفيدة من ضعف الدولة والاحتجاجات ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، إلا أن الجيش تمكن من طرد المتطرفين من معاقلهم الرئيسية في يونيو (حزيران) 2012. وذكر مصدر عسكري من محيط الرئيس اليمني أن هذا الأخير جال في مدينتي زنجبار وجعار اللتين كانتا المعقلين الرئيسيين لـ«القاعدة»، ثم عاد إلى عدن حيث يفترض أن يتابع لقاءاته.

وفي موضوع آخر، بدأ فريق أممي مهامه في المشاركة في التحقيقات بشأن شحنة الأسلحة الإيرانية التي ضبطت مؤخرا في المياه اليمنية، وقالت مصادر يمنية إن الوفد التقى، أمس، بقائد المنطقة العسكرية الجنوبية، اللواء الركن ناصر عبد ربه الطاهري الذي أعرب عن أمله في «قيام اللجنة الأممية بلعب دور في كشف الحقيقة المتعلقة بشحنة الموت المرسلة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والهادفة إلى النيل من أمن اليمن وسيادته واستقراره ووحدته الوطنية».

ويقوم الوفد التابع لمجلس الأمن الدولي بالاطلاع على محتويات شحنة الأسلحة الإيرانية، وقال اللواء الطاهري إن الوفد سيقف على «حقيقة التآمر الإيراني على اليمن، الذي بات يشكل تهديدا حقيقيا لأمنه واستقراره، ويتطلب موقفا دوليا رادعا، إزاء هذا التدخل المرفوض من اليمن قيادة وشعبا».

من جانبه، قال رئيس الوفد الأممي لوران آرو إن مهمة لجنته تتمثل في «مساعدة الجهات الأمنية اليمنية في التحقيق في قضية الشحنة المرسلة من إيران، ومعرفة أهدافها، والجهة المستفيدة منها في الداخل»، موضحا أيضا أن اللجنة ستجري تحقيقا مع طاقم السفينة المحتجزين لدى السلطات اليمنية، بالإضافة إلى جمع كل المعلومات المتعلقة بهذه القضية، وتضمين كل ذلك في تقرير سيرفع إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ الإجراءات المناسبة على ضوء النتائج التي سيتم التوصل إليها.

ويسعى الرئيس اليمني إلى إنجاح مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه في 18 مارس (آذار)، خصوصا في ظل استمرار رفض شريحة واسعة من فصائل الحراك الجنوبي المشاركة. ويهدف مؤتمر الحوار الذي يعقد بموجب اتفاق انتقال السلطة، إلى إيجاد حل لمشكلات اليمن الكبرى، لا سيما القضية الجنوبية والتمرد الشيعي في الشمال، فضلا عن تعديل الدستور وصولا إلى تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في غضون سنة.