الإيطاليون يصوتون وسط منافسة شديدة بين برساني وبرلسكوني

روما تغير برلمانها وحكومتها ورئيسها في غضون 3 أشهر

الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو يدلي بصوته في الانتخابات التشريعية في روما أمس (إ.ب.أ)
TT

بدأ الناخبون الإيطاليون الذين يرزحون تحت إجراءات تقشفية قاسية منذ أكثر من عام، الإدلاء بأصواتهم أمس لاختيار ممثليهم في مجلسي النواب والشيوخ في اقتراع تراقبه أوروبا عن كثب بسبب تخوفها من اضطراب سياسي في ثالث اقتصاد في منطقة اليورو.

وتتنافس في الاقتراع أربعة تحالفات كبرى، الأول وسطي يقوده رئيس الحكومة المنتهية ولايته ماريو مونتي، والثاني ليمين الوسط بقيادة سلفه سيلفيو برلسكوني. أما التحالف الثالث فيقوده الزعيم اليساري بير لويجي برساني، بينما يقود التحالف الرابع الفكاهي السابق بيبه غريو المعروف بشغبه في الحياة السياسية الإيطالية. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن برساني الأوفر حظا في الانتخابات، إذ من المتوقع أن يفوز بحصوله على 34 في المائة من الأصوات يليه ائتلاف اليمين بزعامة سيلفيو برلسكوني الذي نال نحو 30 في المائة من نيات التصويت. لكن السؤال الحقيقي يتعلق باستقرار الحكومة المقبلة. فبرساني واثق من الفوز بالأغلبية في مجلس النواب، لكن الوضع أكثر تعقيدا في مجلس الشيوخ، حيث كل الأمور مرتبطة بوزن التحالفات في كل منطقة.

لذلك، فكل شيء يتركز في بعض المناطق الأساسية وخصوصا في لومبارديا الغنية التي وصفها الخبير السياسي الإيطالي روبرتو اليمونتي بأنها «مزيج من (ولايتي) أوهايو وكاليفورنيا» الأميركيتين بسبب دورها الأساسي في الأغلبية البرلمانية المقبلة ووزنها الانتخابي.

وقال الساندرو (63 عاما) وهو من كوادر إحدى الشركات، لوكالة الصحافة الفرنسية: «صوت للحزب الديمقراطي. لا أريد أن ينتهي بنا الأمر مثل اليونان». وقد أدلى الساندرو بصوته فور فتح مراكز التصويت في ميلانو.

بدورها، صوتت سارا دي غريغوري المحامية البالغة من العمر 30 عاما لبرساني، وقالت إثر الإدلاء بصوتها في روما إن «الحزب الديمقراطي هو الوحيد الذي يمكن أن يحل مشاكلنا». وأضافت أنه «إذا عاد برلسكوني فسيكون ذلك كارثة».

ومنع نشر أي استطلاعات للرأي منذ 15 يوما. لكن تمكن البعض من العثور على وسيلة للالتفاف على هذه العقبة مستفيدين من أخبار الفاتيكان مع استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر.. فهم ينشرون أرقاما تتعلق باستطلاعات للرأي أبطالها سياسيون بألقاب دينية، مثل «كاردينال بياسينزا» (برساني)، و«كاردينال لومبارديا» (برلسكوني) و«نائب البابا» في جنوا (غريو).

وقد سجل برلسكوني الذي غادر منصبه في أجواء من الاستياء الشديد بين الإيطاليين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، تقدما كبيرا في استطلاعات الرأي بعدما وعد بخفض الضرائب وكذلك إعادة الأموال التي دفعها المكلفون العام الماضي.

وفي اللحظة الأخيرة شن حملة على أوروبا واصفا إياها بـ«وسادة التقشف»، وذلك في مقابلة بثها تلفزيون يوناني مساء السبت.

أما بيبه غريو الذي تمكن من جمع حشود هائلة خلال الحملة، فهو يلعب على وتر غضب الإيطاليين ضحايا البطالة والانكماش.

من جهته، يواجه ماريو مونتي الذي عينه رئيس الجمهورية على رأس الحكومة لإنقاذ البلاد من الإفلاس من دون أن يتم انتخابه، نتائج إجراءات التقشف الصارمة التي أغرقت البلاد في الركود.

وسيكون السيناريو الأسوأ وجود أغلبيتين مختلفتين في المجلسين اللذين يتمتعان بالوزن نفسه في الحياة السياسية الإيطالية. ويثير هذا الاحتمال قلق الأسواق وشركاء روما بينما يواجه ثالث اقتصاد في منطقة اليورو أزمة دين حادة، ولكن السياسيين يرجحون تشكل تحالف عقلاني بين اليسار والوسط.

واعتبارا من أمس وحتى نهاية مايو (أيار)، أي في غضون ثلاثة أشهر، ستحظى إيطاليا ببرلمان جديد وحكومة جديدة ورئيس جمهورية جديد في إطار عملية انتخابية متنوعة ومعقدة.

وولاية البرلمان مدتها خمس سنوات بينما ولاية رئيس الدولة مدتها سبع سنوات. وتبدأ الانتخابات بالاقتراع التشريعي، أمس واليوم، لينتخب نحو 51 مليون ناخب إيطالي نوابهم وأعضاء مجلس الشيوخ، وهما مجلسان لهما الوزن نفسه في الحياة السياسية الإيطالية، لكنهما لا يخضعان للقواعد الانتخابية نفسها.. فالنواب الـ630 ينتخبون من جميع الإيطاليين البالغين (18 عاما) في موعد الاقتراع. والحزب أو الائتلاف السياسي الذي يفوز ولو بفارق صوت واحد عن الآخرين على المستوى الوطني، يحصل تلقائيا على غالبية 54 في المائة من مقاعد مجلس النواب، أي 340 مقعدا أيا كانت النسبة المئوية للأصوات التي نالها.

والوضع معقد أكثر بكثير في مجلس الشيوخ.. أولا، يجب ألا تقل سن الناخب عن 25 عاما للتصويت لأعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 315. ويجري انتخاب مجلس الشيوخ على مستوى مناطقي (20 منطقة في إيطاليا)، مما يجعل أي توقعات بشأن التشكيلة النهائية لمجلس الشيوخ أمرا معقدا.. فعدد الأعضاء المنتخبين لمجلس الشيوخ يتحدد تبعا لعدد السكان ويتراوح بين سيناتور واحد لمنطقة فال دوستا أو سيناتورين لموليزيه و47 لمنطقة لومبارديا و22 لبييمونتيه. وتشير آخر استطلاعات الرأي إلى أن النتيجة ستحسم في أربع مناطق ما زالت متأرجحة (اليسار مرجح في المناطق الأخرى): فينيسيا وصقلية وكامبانيا وخصوصا المنطقة الغنية لومبارديا.

وتتوقع استطلاعات الرأي أن يفوز اليسار بزعامة بيير لويغي برساني بالغالبية المطلقة في مجلس النواب، لكنه قد لا يحصل على هذه النتيجة في مجلس الشيوخ بسبب شعبية اليمين في مناطق مهمة مثل لومبارديا وفينيسيا وصقلية.

وفي هذه الحالة يرى المحللون أنه من الممكن تشكيل تحالف بين برساني والائتلاف الوسطي بزعامة رئيس الحكومة المنتهية ولايته ماريو مونتي. ثم سيكلف رئيس الجمهورية جورجيو نابوليتانو زعيما سياسيا لتشكيل الحكومة، في عملية تستمر عموما أياما عدة وتخضع لتوازن القوى المنبثقة عن صناديق الاقتراع.

وبوجه عام يجري تشكيل الحكومة وأداؤها اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية وحصولها على تصويت الثقة في البرلمان في غضون بضعة أسابيع. وفي مايو سينتخب البرلمان رئيسا جديدا للجمهورية لولاية من سبع سنوات خلفا لنابوليتانو.