وفد المجلس الوطني يلتقي العربي وينقل عنه «تزحزحا» في الموقف الروسي

بعد احتجاج «الائتلاف».. واشنطن تدين هجمات «سكود» على حلب وتدعو المعارضة لاجتماع قريب

جانب من اجتماع العربي بوفد من الائتلاف السوري برئاسة جورج صبرا في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

نفى جورج صبرا رئيس المجلس الوطني السوري نائب رئيس الائتلاف الوطني، وجود ضغوط تمارس على المعارضة السورية من قبل الجامعة العربية لتقديم تنازلات لبدء حوار مع نظام الرئيس بشار الأسد الذي يواجه انتفاضة شعبية ضد حكمه منذ نحو عامين، وطالب الجامعة العربية بالضغط على النظام السوري ودفع الدول العربية للقيام بدور أكثر تأثيرا تجاه المذابح التي ترتكب بحق الشعب السوري. وجاء ذلك غداة بيان أصدرته وزارة الخارجية الأميركية أدانت فيه قصف النظام لمدينة حلب بصواريخ «سكود»، ودعت المعارضة إلى التراجع عن قرارها تعليق لقاءاتها مع الغرب «بعد الصمت الدولي» على «جرائم» نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

واعتبر صبرا عقب لقائه الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، أن نظام الأسد أغلق الباب أمام أي حل سياسي من خلال إعلان الحرب وتدمير المدن بكل أنواع الأسلحة، مشيرا إلى أن وفد المجلس الوطني السوري طلب من الجامعة العربية التدخل العاجل لدى النظام السوري لتوفير الحماية للشعب، ووقف الموجة الجديدة من تدمير المدن السورية بصواريخ «سكود» الباليستية.

وقال صبرا إن وفد المجلس الوطني السوري أعرب خلال لقائه العربي أمس عن استنكار كل قوى المعارضة السورية لعملية الصمت العربي والدولي تجاه ما وصفوه بـ«عملية الإبادة» التي ترتكب بحق الشعب السوري.

صبرا الذي وصف مباحثاته مع العربي بـ«المثمرة والمفيدة»، أوضح أن العربي وعد باستجابة سريعة لمطالب الوفد، خاصة ما يتعلق بدور جديد للجامعة العربية في توفير الحماية للشعب السوري من أعمال القتل وتوفير أشكال الدعم الإغاثي والإنساني التي يحتاجها باعتبار سوريا من الدول المؤسسة للجامعة العربية.

وأضاف صبرا أن العربي أطلع وفد المجلس الوطني على نتائج زيارة الوفد الوزاري العربي الأخيرة إلى العاصمة الروسية موسكو، لافتا إلى أنه تم التشاور حول الآفاق المستقبلية للمرحلة المقبلة، مؤكدا أن قوى المعارضة السورية لم تلغ زيارتها لكل من موسكو وواشنطن، بل قامت بتعليق نشاطات المعارضة السورية في الخارج، وذلك نتيجة لاستحقاقات الوضع الداخلي الذي فرضه قصف مدينة حلب بالصواريخ، موضحا أن الاتصالات الدولية ستتواصل في الوقت المناسب.

وفي ما يتعلق بتشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة التي أعلنت عنها المعارضة، قال صبرا إن الحكومة الانتقالية غير واردة الآن، بل الوارد هو الحكومة المؤقتة، وهي مطروحة على جدول أعمال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ومن السابق لأوانه الحديث عن أي شخصيات أو ترشيحات في هذا الشأن.

وفي ما يتعلق بوجود تباينات حول مبادرة الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف، بشأن إجراء حوار مع ممثلي الحكومة السورية، قال صبرا إن مبادرة الخطيب ليست مبادرة المعارضة، بل هو من أعلن ذلك والجميع وصلته الرسالة بأنها مبادرة شخصية خاصة ذات طابع إنساني، وقد أصدر الائتلاف قبل يومين محددات للمبادرات، وأعلن بوضوح أن أي مبادرة سياسية باسم المعارضة يجب أن تخرج عن الهيئة العامة للائتلاف.

ونفى صبرا وجود أي ضغوط من الجامعة العربية بشأن قبول الائتلاف مبادرة الخطيب. وقال صبرا: «لم يطلب منا الأمين العام أي تراجع، المعارضة السورية هي الجهة الوحيدة التي يمكن أن نصغي لها، ومن يعطينا الأوامر هو الشعب السوري والثوار في الداخل، أما في الجامعة فنحن نصغي للنصائح والمشاورات».

وفي سياق متصل كشف سليمان الحراكي عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني عن أن نبيل العربي أبلغ الوفد بأن هناك تزحزحا في الموقف الروسي تجاه الأزمة السورية، وقبوله بنقل السلطة، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.

وبدوره، انتقد هيثم المالح عضو المكتب السياسي في الائتلاف رئيس مجلس أمناء الثورة، مبادرات روسيا و(الأخضر) الإبراهيمي (المندوب الأممي والعربي) للحل السياسي، وتساءل في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «هل المطلوب من الشعب أن يتفاوض مع قاتليه؟! المفترض أن يقدم القاتل للمحاكمة وليس منحه مكافأة التفاوض والبقاء في الحكم».

إلى ذلك، عقدت الأمانة العامة للمجلس الوطني السوري اجتماعها العادي في القاهرة أمس، لبحث تشكيل الحكومة المؤقتة، وآلية عملها وواجباتها، ومحاولة التوصل إلى اتفاق بشأن اسم رئيس الحكومة.

وقال عبد الباسط سيدا مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمانة العامة ناقشت بعمق مسألة تشكيل الحكومة المؤقتة ووضع تصورات حول شكل الحكومة، ونحاول التوافق على اسم لتولي رئاسة الحكومة التي سيتم تسميتها في مطلع الشهر المقبل في إسطنبول من قبل الائتلاف، باعتبار المجلس الوطني هو المكون الأساسي والأكبر في الائتلاف».

وأشار سيدا إلى أنه لدى المجلس الوطني معايير أساسية لاختيار شخص رئيس الحكومة، وهو أن يحظى بالتوافق مع القوى الثورية والميدانية في الداخل السوري، وكذلك يجب أن يتمتع بالنزاهة، والالتزام بأحداث الثورة، إلى جانب الكفاءة.

وأكد سيدا أن «التوجه في آلية تكوين الحكومة هو التقليل من عدد الوزراء والاكتفاء بالوزارات الضرورية والملحة في هذه المرحلة، لإدارة المناطق المحررة وتقديم خدماتها للمواطنين، وتولي مهام بعض الأمور، خاصة في ظل انكماش سلطة النظام في الشمال السوري، وملء الفراغ وضبط استخدام ثروات البلاد من النفط وسد الفرات المولد للطاقة الكهربائية، ولاستمرار الدورة الاقتصادية لمصالح الناس».

وجاءت هذه التطورات عشية بيان صدر في ساعة متأخرة من ليلة السبت، من فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، أدانت خلاله هجمات صواريخ «سكود»، وهجمات أخرى، على حلب من جانب نظام الأسد.

وتعتبر هذه أول إشارة إلى هذه الهجمات، كما أنها جاءت بعد احتجاج الائتلاف الوطني السوري على إهمال المجتمع الدولي لتصاعد قسوة العمليات العسكرية للنظام السوري، وأعلنت مقاطعة الاجتماعات الدولية لمناقشة الوضع في سوريا، وإلغاء زيارات لقادة الائتلاف إلى واشنطن وموسكو، واستعملت وصف «مخزي» في إدانة دور الدول الكبرى في دعم المعارضة السورية.

ورغم هذا الإلغاء، فإن البيان الأميركي رحب باجتماع «سريع» مع قادة الائتلاف السوري.

وقال بيان الخارجية الذي حوى تفاصيل كثيرة، وكان طويلا وصدر في يوم عطلة، على غير العادة: «تدين حكومة الولايات المتحدة بأشد العبارات الممكنة سلسلة الهجمات الصاروخية ضد حلب، وآخرها الهجوم الذي استخدم صواريخ (سكود) شرق المدينة، في وقت متأخر من يوم الجمعة 22 فبراير (شباط)، وأدى إلى مقتل عشرات الأشخاص».

وأضاف البيان: «هذه الهجمات، فضلا عن غيرها من الفظائع، مثل ضرب مستشفى ميداني في وقت سابق من الأسبوع، هي بعض أدلة في الآونة الأخيرة على قسوة النظام السوري، وعلى عدم تعاطفه مع الشعب السوري الذي يدعي أنه يمثله».

وأشار البيان إلى الخلاف مع روسيا حول مستقبل الرئيس الأسد وكبار مساعديه إذا اتفقت الحكومة والمعارضة على تشكيل حكومة انتقالية. وقال إن الولايات المتحدة ترى أن الأسد حاكم غير شرعي، وأن عليه «التنحي جانبا، والسماح بانتقال سياسي إلى مرحلة فيها احترام لحقوق جميع السوريين، وتبدأ فيها عملية إعادة بناء سوريا».

وتعليقا على ما جاء في بيانات المجلس الائتلافي الوطني السوري حول تقصير الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، في مساعدة المعارضة السورية، تحاشى بيان الخارجية الأميركية الحديث عن دعم عسكري للمعارضة، وأشار إلى مساعدات غير عسكرية، وقال: «أسهمت الولايات المتحدة بمبلغ 385 مليون دولار لمساعدة اللاجئين السوريين والمواطنين داخل سوريا الذين تشردوا بسبب عنف النظام. بينما يزيد النظام الضربات ضد المدنيين، زدنا نحن مساعداتنا الإنسانية بالتنسيق الوثيق مع النشطاء السوريين».

ولم يشر البيان إلى قرار الائتلاف السوري بإلغاء زيارتين إلى موسكو وواشنطن، لكنه قال: «نحن نتطلع إلى الاجتماع قريبا مع قيادة الممثل الشرعي للشعب السوري، ائتلاف المعارضة السورية، لمناقشة كيف أن الولايات المتحدة، وأصدقاء آخرين للشعب السوري، يمكن أن يفعلوا المزيد لمساعدة الشعب السوري على تحقيق الانتقال السياسي الذي يريده والذي يستحقه».