هلع في مناطق ببغداد بعد تلقي سكانها منشورات تخيرهم بين المغادرة أو القتل

رغم التطمينات الحكومية.. بعض الأهالي يستعدون للرحيل

عراقيات أمام ملصق ضخم في حي الجهاد ببغداد يحمل صور مقاتلي «جيش المهدي» الذين قتلوا في معارك مع الجيش الأميركي (أ.ب)
TT

رغم تطمينات الحكومة، يبدو أن بعض سكان حي الجهاد في بغداد، حيث تعيش غالبية سنية، يأخذون على محمل الجد منشورات تحمل رسالة تقشعر لها الأبدان، تنذرهم: «ارحلوا الآن أو انتظروا عذابا أليما».

حملت المنشورات توقيع «جيش المختار» الذي أعلن تشكيله قبل أسابيع واثق البطاط، الأمين العام لـ«حزب الله - النهضة» العراقي الذي يقال إنه يرتبط بصلات وثيقة بالحرس الثوري الإيراني. وجاء ضمن المنشور: «إن ساعة الصفر قد حانت.. ارحلوا أنتم وعوائلكم.. لأنكم العدو».

مثل هذه التهديدات الصريحة، التي نفى البطاط في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، نشرت أمس، مسؤولية تنظيمه عن توزيعها، اختفت بانتهاء أحلك أيام الحرب الطائفية في عام 2008، ونجاة العراق من السقوط في أتون الحرب الأهلية. لكن عودتها إلى الظهور الآن مؤشر يبعث على القلق فيما يمكن أن تشكله هذه التوترات الطائفية المتصاعدة من تهديد للمجتمع العراقي. وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» يبدي العراقيون خشية كبيرة من أن يدفع المتشددون في كلا الجانبين البلاد إلى جولة جديدة من العنف تؤدي إلى ضياع المكاسب المحدودة التي حققها العراق خلال السنوات الأخيرة.

ويفكر كثير من السنة في حي الجهاد الذين تلقوا رسائل التحذير بالرحيل عن المنطقة. إذ يقول وليد ناظم، مالك متجر للهاتف الجوال: «أصيب السكان بالهلع. وجميعهم تنتابهم الهواجس بسبب هذه المنشورات». ويضيف رب العائلة البالغ من العمر 33 عاما الذي يخطط للرحيل عن المنطقة لأنه لا يثق في قدرة الشرطة على حماية عائلته: «في بلد يغيب فيه القانون مثل العراق، لا يمكن لأحد أن يتجاهل تهديدات كهذه». وعززت القوات الأمنية انتشارها داخل وحول حي الجهاد الذي يقطنه أبناء الطبقة المتوسطة، والواقع على الطريق إلى المطار في جنوب غربي بغداد. وقبل الغزو الأميركي عام 2003 كان يسكنه موظفون كبار ومسؤولون أمنيون. وفي السنوات الأخيرة تزايدت نسبة السكان الشيعة في الحي وانتشرت فيه الرموز المذهبية من شعارات وملصقات.

شهد حي الجهاد أولى علامات انزلاق بغداد نحو الحرب الطائفية. ففي يوليو (تموز) من عام 2006 شهد الحي مذبحة بالغة الجرأة راح ضحيتها 41 شخصا، كانت بداية للتصعيد في إراقة الدماء الطائفية. في تلك الحادثة أقام مقاتلون شيعة نقاط تفتيش أوقفوا عندها مواطنون سنة، وقاموا بإعدامهم بصورة منهجية أمام جيرانهم الشيعة.

ويخشى السكان الآن من أن تؤدي الأحداث في جنوب غربي بغداد إلى اندلاع جولة جديدة من أعمال القتل المتبادل. فقبل أسبوع، قتل سني وشيعي في هجومين منفصلين في السيدية، المجاور لحي الجهاد، بحسب موظفة حكومية تبلغ من العمر 30 عاما تعيش في المنطقة طلبت الإشارة إليها بـ«أم عبد الله». وقالت: «لم يعد أحد يجرؤ على الخروج من منزله عقب حلول الظلام، عندما بدأنا في سماع أجراس الإنذار الطائفية تدق من جديد».

وعلى الرغم من انشغالهم بالقبض على البطاط، مؤسس «جيش المختار»، تساور السلطات العراقية الشكوك بشأن تورط الميليشيات الشيعية في المنشورات. وحسب ضابطين أمنيين، فإن عملاء الاستخبارات حصلوا على قائمة اغتيالات لتنظيم القاعدة تحوي أسماء ومعلومات سكنية عن الأشخاص المستهدفين، سنة وشيعة، يعيشون في مناطق مختلطة. ويعتقد أن الجماعة تخطط لاستهداف السكان واحدا تلو الآخر، بالتناوب بين الطوائف، في محاولة لنشر الذعر وإشاعة جو من أعمال القتل الانتقامية.

ويؤكد جعفر الفتلاوي، وهو موظف حكومي من الطائفة الشيعية يعيش في حي الجهاد، أنه بدأ في حمل مسدس معه أثناء خروجه مع عائلته لقضاء الليل مع الأقارب في مناطق أخرى من المدينة. وقال: «الجميع في الحي يتوقعون اندلاع القتال الطائفي في أي لحظة، فلم تتمكن قواتنا الأمنية من وقف الحرب الطائفية من قبل، وستمنى بذات الفشل مرة أخرى الآن».