«حوافز» أميركية وأوروبية أمام إيران في محادثات ألماتيا النووية

مسؤول أميركي: سنعرض تخفيف العقوبات على طهران مقابل وقف تخصيب اليورانيوم فوق 20% > مسؤول إيراني: رفع كل الحظر شرط أساسي

رئيس كازاخستان نور سلطان نزاربايف يستقبل المفاوض الإيراني سعيد جليلي في ألماتا قبل بدء المفاوضات النووية أمس (أ.ف.ب)
TT

تنطلق اليوم في ألماتيا بكازاخستان المحادثات بشأن الملف النووي الإيراني بين ممثلين للقوى الكبرى وإيران، وسط خلافات كبيرة بين الطرفين لا تدفع إلى التفاؤل، رغم تأكيدات مسؤولين أميركيين وأوروبيين بأن مجموعة «5+1» وهي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، ستقدم «عرضا جيدا» لإيران، يتضمن تنازلات، مقابل وقف أنشطة تخصيب اليورانيوم الإيراني لأعلى من نسبة 20%. لكن مسؤولا إيرانيا كبيرا طالب بضرورة رفع الحظر بالكامل كشرط لوقف التخصيب. وقال مسؤول أميركي إن القوى الكبرى ستعرض على إيران تخفيف بعض العقوبات خلال محادثات ألماتيا إذا وافقت طهران على كبح برنامجها النووي. إلا أنه أضاف أن إيران قد تواجه المزيد من العقوبات الاقتصادية إذا لم تحل الأزمة. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه وتحدث قبل المحادثات المقررة اليوم «نعتقد.. أنه سيكون هناك تخفيف لبعض العقوبات» في عرض القوى العالمية المعدل المطروح على إيران.

من جانبه أعلن مسؤول في الاتحاد الأوروبي أمس أن القوى الكبرى وهي أولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين ستقدم «عرضا جيدا» لطهران لدى استئناف المفاوضات إلا أنه أشار إلى أن الخلافات الكبيرة بين الطرفين لا تدفع إلى التفاؤل. وقال مايكل مان المتحدث باسم وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون «لقد أعددنا عرضا جيدا محدثا نعتقد أنه متوازن ويشكل قاعدة عادلة لمباحثات بناءة». وأضاف مان أن «العرض الجديد يفترض أن يسمح بتقديم إجابات على المخاوف الدولية حيال الطابع السلمي البحت لبرنامج إيران النووي، لكنه يستجيب في الوقت نفسه للأفكار التي طرحتها طهران». وأضاف: «نأمل أن تغتنم إيران هذه الفرصة عبر التحلي بالمرونة» بما يسمح بـ«تحقيق خطوات ملموسة» في المفاوضات.

لكن بحسب مصدر مقرب من المفاوضين فإن القوى الكبرى لا تزال تشدد على شروطها التي عرضتها في بغداد في بداية 2012 أي على وقف إيران أنشطة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وإقفال موقع التخصيب في فوردو الكائن تحت الأرض قرب مدينة قم والذي يصعب تدميره وإرسال مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20% والمنتج حتى الآن إلى الخارج. وأضاف هذا المصدر رافضا الكشف عن هويته أن «ذلك ما زال يشكل أساس مطالب مجموعة 5+1». وأوضح دبلوماسي غربي مقرب من المفاوضات أن القوى الكبرى ستعرض رفع بعض العقوبات مقابل مبادرات من طهران من دون أن يعطي توضيحات إضافية. وقال هذا المصدر إن «القوى الكبرى ستبحث في رفع بعض العقوبات مقابل تنازلات من جانب إيران». وتبنى مجلس الأمن الدولي ستة قرارات، تضمنت أربعة منها عقوبات، لكن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تبنت عقوباتها الاقتصادية الخاصة التي تستهدف خصوصا الصادرات النفطية وكل القطاع المصرفي الإيراني بهدف العمل على تراجع إيران في برنامجها النووي. من جهتها ترفض إيران التخلي عن التخصيب بنسبة 20% وعن موقع فوردو. وتطالب إيران بـ«الاعتراف بحقها في التخصيب» و«برفع العقوبات الدولية» المفروضة عليها. وأكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني النائب علاء الدين بروجردي ضرورة رفع الغرب كل الحظر الذي يفرضه على إيران مقابل وقف إيران تخصيبها اليورانيوم بنسبة 20% للأغراض الطبية. وشدد النائب بروجردي في لقاء خاص لقناة «العالم» الإخبارية الإيرانية على أن تشديد الحظر من قبل الغرب على الشعب الإيراني لن يساهم في إنجاح المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1، معتبرا أن الرفض الإيراني للمفاوضات مع الولايات المتحدة ليس مطلقا وأن تغيير السياسيات الأميركية حيال إيران يمكن أن يوفر أرضية مناسبة للتفاوض.

وأوضح المسؤول الإيراني «إذا ما كان مقررا أن يتم التفاوض حول وقف التخصيب بنسبة 20%، فستنظر إيران أنه ماذا سيكون في المقابل»، مشيرا إلى أن القرار في هذا الصدد هو بيد مجلس الأمن القومي، ولا يتدخل مجلس الشورى في الملف النووي إلا عند الضرورة. من جهتها قالت مصادر إخبارية أميركية إن إيران تتفاوض في ظروف مختلفة عن المفاوضات السابقة، وذلك بسب تقارير عن معاناة الشعب الإيراني من جراء قوانين مقاطعات أميركية ودولية فرضت عليها، خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب إصرار إيران على المضي في برنامجها النووي العسكري.

وأشارت المصادر إلى تصريحات الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد عن معاناة الشعب الإيراني، وهي أول تصريحات علنية له عن هذا الموضوع. وقال أمس كيفان هاريس، خبير الشؤون الإيرانية في جامعة برنستون: «بالتأكيد، هبطت القدرة الشرائية في إيران. والسبب واضح وهو أن الرواتب والأجور، وأنواع الدخل الأخرى، لا تساير ارتفاع نسبة الغلاء». وأضاف: «يبدو أن عائلات إيرانية كثيرة صارت تصرف كما كانت تفعل قبل أكثر من عشر سنوات (قبل تطور الاقتصاد الإيراني)، وليس بين عامي 2006 - 2009 (عندما ازدهر الاقتصاد الإيراني، قبل بداية انعكاس أثار العقوبات)».

وقال جواد صالح أصفهاني، أستاذ اقتصاد في جامعة فرجينيا تيك، إنه بسبب الغلاء صارت الأرصدة الموجودة في البنوك الإيرانية تفقد قيمتها بنسبة 10% كل سنة. وقال: «عندما يكون عندك غلاء كبير، ولا تعطي الناس فرصة المحافظة على قيم أرصدتهم في البنوك، يسرعون ويصرفون أموالهم». هذه إشارة إلى تقارير من إيران عن زيادة الصرف في إيران، وقال أصفهاني إن هذا النوع من الصرف «ليس حقيقيا» لأنه يعكس زيادة بسبب زيادة الغلاء. وكان مصدر في الخارجية الأميركية علق، يوم الأحد، على تصريحات أحمدي نجاد عن معاناة الشعب الإيراني، بقوله: إن أحمدي نجاد لا يلومن إلا نفسه. وقال المصدر إن العقوبات على إيران، سواء الدولية أو الأوروبية والأميركية، ما كانت ستفرض إذا التزمت إيران بقرارات مجلس الأمن حول برنامجها النووي.