رئيس الكنيست يحذر من اندلاع «انتفاضة ثالثة»

آلاف الفلسطينيين يشيعون جرادات.. ومواجهات في رام الله

اشتباكات بين متظاهرين فلسطينيين وقوات إسرائيلية في رام الله بعد تشييع الأسير جرادات عصر أمس (إ.ب.أ)
TT

بعد أن أصبحت زيارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إلى الشرق الأوسط بعد ثلاثة أسابيع، موضوع الساعة في إسرائيل، توجه النائب إبراهيم صرصور، رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل (الشق الجنوبي) ورئيس القائمة العربية الموحدة في الكنيست الإسرائيلي، برسالة إلى السفير الأميركي في تل أبيب، دان شبيرو، يطلب فيها إجراء لقاء بين الرئيس باراك أوباما وأعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، الذين يمثلون الجماهير العربية (فلسطينيي 48).

وقال صرصور في رسالته العاجلة، إن لقاء كهذا مهم للغاية للطرفين وسيكون الأول من نوعه في تاريخ إسرائيل، حيث يريد النواب العرب منه أن يطلعوا الرئيس الأميركي على أوضاع المواطنين العرب في إسرائيل وما يعانونه من ممارسات وسياسات تمييز وعلى رغبة هذه الشريحة من المواطنين الإسرائيليين، المعتزين بانتمائهم لشعبهم الفلسطيني وأمتهم العربية، في فرض مسيرة مفاوضات سلام حقيقية ووقف التدهور إلى العنف في المنطقة.

ويكتب النائب صرصور إلى السفير أن قضية الأسرى الفلسطينيين تحتاج إلى علاج مختلف عن طريقة الحكومة الإسرائيلية: «فهم جزء من تعقيدات الصراع، لكن بالإمكان جعلهم جزءا من الحل. فلماذا لا يتم إطلاق سراح الأسرى، خصوصا أولئك الذين تنص اتفاقيات أوسلو على إطلاقهم، أي الأسرى الذين يقبعون في السجون ما قبل اتفاقيات أوسلو، أو أولئك الأسرى المعتقلين إداريا ولا توجد ضد أي منهم أية تهمة أو محاكمة أو إدانة أمنية».

وكانت زيارة أوباما قد بدأت تحرك النقاش الإسرائيلي الداخلي حول مفاوضات السلام. وفي الوقت الذي يحاول اليمين أن يكمل سياسته المريحة التقليدية، التي بموجبها يجمد عملية السلام ويوسع نطاق الاستيطان. فقال رئيس:الشاباك (جهاز المخابرات) سابقا وعضو الكنيست حاليا يعكوف بيري إنه يعتقد أن القيادة الفلسطينية الحالية غير معنية بتأجيج الوضع في الضفة الغربية. وإنه يعتقد أن القيادة الفلسطينية الحالية، وخلافا لسنوات مضت، تسعى للتوصل إلى إنهاء الصراع. وأضاف أنه لا يمكن معرفة ما إذا كانت القيادة الفلسطينية في المستقبل مريحة أكثر لإسرائيل، ولذلك، بحسبه، يجب البدء بـ«عملية سياسية».وقال أيضا إن التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين هو «ضرورة وجودية بالنسبة لإسرائيل».

وفي سياق ذي صلة، حذر رئيس الكنيست الإسرائيلي بنيامين بن آليعازر من اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية، مؤكدا أن ذلك سيؤدي إلى انهيار الأمن في الأردن ومصر والسعودية وعدد من دول المنطقة. وبحسبه فإن «الانتفاضة الثالثة ستكون أكثر دموية». ودعا بن آليعازر رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى القيام بـ«عملية سياسية» قبل أن يتم فرض عملية سياسية عليه. وقال إن الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني «زهقا» من الاحتلال وآثاره المدمرة على المستقبل.

وكان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قد رفض التعقيب على النقاش الداخلي في إسرائيل حول عملية السلام وقال إن المسألة تقتصر على رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو. فإذا أراد ستتحقق عملية سلام.

ومن جهة ثانية، كشف أنه وعلى الرغم من أن الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تعتبر مناطق «A» خاضعة للسيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية ومناطق «B» خاضعة لسيطرة إدارية فلسطينية، إلا أن إسرائيل ما زالت تتعامل في الواقع مع هذه المناطق باعتبارها محتلة تحت سيطرة جيشها، وتمنع البناء على أجزاء منها. وأظهر تقرير لصحيفة «هارتس» العبرية نشر أمس أن إسرائيل أصدرت عام 2011 أوامر لمنع البناء في مناطق «A» و«B» تقدر مساحتها بـ4700 دونم، بذرائع أمنية لقربها من جدار الضم والتوسع، حيث تمنع إسرائيل البناء على مسافة تتراوح ما بين 150 إلى 250 مترا من الجدار.

وأشار التقرير إلى أن إسرائيل نقلت مناطق «A» إلى السيطرة الفلسطينية الكاملة وفقا لاتفاقية أوسلو والتي تبلغ 18% من مساحة الضفة الغربية، في حين نقلت مناطق «B» إلى السيطرة الإدارية للسلطة والتي تبلغ 22% من مساحة الضفة الغربية، ومع ذلك تقوم إسرائيل بالتدخل الأمني في هذه المناطق وتدعم هذا التدخل بالإجراءات «القانونية» لمنع البناء في المناطق القريبة من الجدار، وتحت مبررات منع تنفيذ عمليات ضد إسرائيل وإحباط كثير منها.

يشار إلى أن طول الجدار الذي قامت إسرائيل ببنائه في مناطق الضفة الغربية يبلغ 500 كيلومتر، ويقع جزء من هذا الجدار في مناطق «A» و«B» بالإضافة إلى مناطق «C»، وبحسبة منطقية فإن منع البناء على مسافة تصل بين 150 إلى 250 مترا من الجدار، يظهر أن عشرات آلاف الدونمات التي يجب أن تخضع للسلطة الفلسطينية فإنها تخضع فعليا للاحتلال الإسرائيلي.

وشيع آلاف الفلسطينيين أمس في جنوب الضفة الغربية المحتلة جثمان أسير فلسطيني توفي السبت في سجن إسرائيلي نتيجة التعذيب على ما يبدو بينما دعت إسرائيل السلطة مجددا إلى منع العنف. وحمل المشاركون الأعلام الفلسطينية وأعلام حركة فتح والفصائل الفلسطينية الأخرى في جنازة عرفات جرادات الذي كان ينتمي لحركة فتح في قرية سعير قرب مدينة الخليل بعد أن توفي السبت في سجن مجدو شمال إسرائيل فيما وصفته مصلحة السجون الإسرائيلية بأنه «أزمة قلبية». وتعهد الجناح العسكري لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس في بيان بالرد على وفاة جرادات. وقال البيان الذي وزعته كتائب شهداء الأقصى في قرية سعير قرب الخليل جنوب الضفة الغربية قبل الجنازة «هذه الجريمة البشعة لن تمر دون عقاب ونتوعد الاحتلال الصهيوني بالرد على هذه الجريمة».

وانتشر عدد من النشطاء الملثمين والمسلحين من الحركة على أسطح المنازل في القرية بحسب مراسلين لوكالة الصحافة الفرنسية. ودعت إسرائيل الاثنين السلطة الفلسطينية مرة أخرى إلى التصرف «بمسؤولية» ومنع العنف في الضفة الغربية. وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوكالة الصحافة الفرنسية «إسرائيل تنتظر من السلطة الفلسطينية أن تتصرف بمسؤولية لمنع التحريض والعنف الذي لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع».

وأضاف: «في نهاية المطاف فإن محادثات السلام وليس العنف هي المطلوبة وقد حان الوقت لأن تقوم القيادة الفلسطينية بإنهاء مقاطعتها لمحادثات السلام والعودة إلى طاولة المفاوضات». وقال بيان صادر عن مكتب نتنياهو بأنه قام الاثنين بإجراء «مشاورات حول الأمن عقب الأحداث في يهودا والسامرة (الاسم الاستيطاني للضفة الغربية)».

كما التقى نتنياهو بتوني بلير مبعوث الرباعية الدولية الخاص في الشرق الأوسط. وأعرب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري في بيان عن «حزنه العميق» وطالب بفتح «تحقيق مستقل وشفاف» حول ظروف وفاة جرادات.

وحذر سيري من «خطر حقيقي يهدد الاستقرار» بسبب التوتر المتزايد في الضفة الغربية ودعا الأطراف جميعها إلى «أقصى درجات ضبط النفس» لتجنب أعمال عنف جديدة. واتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس إسرائيل بأنها تريد نشر الفوضى في الأراضي الفلسطينية، مؤكدا أن وفاة جرادات «لا يمكن أن تمر ببساطة».

من جهته، قال مصدر أمني إسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية إن مسؤولي الدفاع على اتصال دائم مع نظرائهم الفلسطينيين في محاولة لإعادة الهدوء.

وأكدت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي وجود «مظاهرات متفرقة هنا وهناك» في الضفة الغربية أمس، لكنها أشارت إلى أنها صغيرة الحجم وبأنه لم تقع إصابات. ووقعت مواجهات في قرية بيت عنون القريبة من قرية سعير بين شبان فلسطينيين والجيش الإسرائيلي حيث قام الشبان برشق الجيش بالحجارة وأطلق عليهم الجيش الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. وأكدت مصادر طبية فلسطينية أن ستة أشخاص أصيبوا بشكل طفيف بعد أن أطلق الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي بينما كان نحو 500 فلسطيني يتظاهرون بالقرب من سجن عوفر العسكري بالقرب من مدينة رام الله بينما أصيب سابع بقنبلة غاز في وجهه. وذكر شهود عيان بأن قناصين من الجيش الإسرائيلي تمركزوا فوق أسطح البنايات وأطلقوا الرصاص الحي باتجاه المتظاهرين.

وأكدت السلطة الفلسطينية مساء الأحد على لسان وزير الأسرى عيسى قراقع أن جرادات قضى نتيجة التعذيب وليس بأزمة قلبية وذلك استنادا إلى النتائج الأولية لتشريح الجثة.

وأكد قراقع أن جثة جرادات تحمل «آثار كدمات في الجهة اليمنى العلوية من الظهر، وآثار تعذيب في الجهة اليمنى من الصدر بشكل دائري، وكدمات عميقة في عضلة الكتف اليسرى، وكدمات تحت الجلد في الجهة اليمنى من الصدر». وأفادت النتائج أيضا أن «القلب خال من الأمراض والشرايين سليمة وخالية من التجلطات».

من جهتها، قالت إسرائيل إن «الكسور في الأضلاع قد تكون دليلا على جهود الإنعاش».