بريطانيا: معركة حول رفع السرية عن قضية جاسوس روسي

وسائل إعلام تتصدى لحجب معلومات حول مقتل ليتفينينكو بدافع الأمن القومي

مارينا (يسار) أرملة الجاسوس الروسي القتيل ليتفينينكو أثناء وصولها إلى المحكمة العليا في لندن أمس (رويترز)
TT

تسعى وسائل إعلام بريطانية لحمل الحكومة على رفع السرية عن قضية الضابط السابق في جهاز الاستخبارات الروسي، ألكسندر ليتفينينكو، الذي توفي بتسمم إشعاعي في العاصمة لندن في عام 2006. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية إن وزير الخارجية ويليام هيغ أبلغ الهيئة القضائية التي تشرف على التحضير للتحقيق المرتقب، أنه يحاول إبعاد المعلومات الخاصة بعلاقة ليتفينينكو مع جهاز الاستخبارات البريطاني الخارجي «إم آي 6»، عن التحقيق المقرر بدؤه في الأول من مايو (أيار) المقبل. وتحدث هيغ، حسب هيئة الإذاعة البريطانية، عن «خطر جدي بالتسبب في الإضرار بالمصلحة» العامة إذ تم كشف بعض المعلومات. وذكرت «بي بي سي» أن الحكومة خططت لتقديم طلب للحصول على ما يسمى بـ«وثيقة الحصانة» بدافع الصالح العام، التي عادة ما تصدر في سياق الدفاع عن الأمن القومي. كما نقلت وكالة أسوشييتد برس عن محامي الحكومة البريطانية نيل شيلدون قوله إن «الكشف عن المواد (السرية) من شأنه أن يشكل خطرا حقيقيا على المصلحة العامة».

وخلال جلسة محكمة عقدت في لندن أمس للنظر في طلب قدمته وسائل إعلام بريطانية برفع السرية عن قضية ليتفينينكو، اتهم محامي عائلة الجاسوس السابق، الحكومتين البريطانية والروسية، بالسعي لعرقلة التحقيق الذي طال أمده.

وقال بن إيمرسون، وهو محامي مارينا، أرملة ليتفينينكو، إن سعي الحكومة لحجب المعلومات، قد تسبب في تأخر التحقيق، مشيرا إلى أن العلاقات التجارية بين البلدين قد تكون هي السبب في ذلك. وقال المحامي إيمرسون للقاضي المشرف على التحقيق روبرت أوين: «لا نعرف شيئا عما طلبته الحكومة البريطانية بشأن إبعاد المعلومات السرية عن التحقيق»، متهما الحكومتين البريطانية والروسية «بالتعاون فيما بينهما» في هذا الجانب.

وكان ليتفينينكو، العميل السابق للاستخبارات الروسية الذي تحول إلى ناشط ينتقد بشدة الكرملين، قد توفي في لندن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 بعد تناول مشروب جرى تسميمه بمادة «البولونيوم 210» النادرة. وقال محامو عائلة ليتفينينكو وقت وفاته إنه كان يعمل لحساب جهاز الاستخبارات البريطاني، ومن جهتها اتهمت السلطات البريطانية مواطنين روسيين بالتورط في قتل ليتفينينكو. لكن موسكو رفض تسليم المشتبه بهما لمحاكمتهما في بريطانيا.

وقال السير روبرت أوين، وهو القاضي المشرف على التحقيق والتحضيرات الخاصة به، في الجلسات السابقة إنه سينظر كل ما عُرف عن التهديدات التي وجهت إلى ليتفينينكو، وسيسعى أيضا إلى تحديد ما إذا كانت الدولة الروسية تتحمل مسؤولية ما حدث أم لا. وقال ليتفينينكو، وهو على فراش الموت، إن الرئيس فلاديمير بوتين مسؤول عما حدث له، لكن الأخير نفى الاتهام. ومن المتوقع أن يحضر ممثلو الادعاء العام الروسي هذا التحقيق.

ورأى إيمرسون أن التحقيق أعد له ليكون «وصمة عار في جبين العدالة البريطانية»، واصفا حجج الحكومة البريطانية الخاصة بالسرية بأنها «سخيفة». ومن جهته، أصر بيلين اليكس، المحامي الذي يمثل أبرز وسائل الإعلام البريطانية، أن أقل شيء يمكن أن تفعله الحكومة هو توضيح طبيعة القضايا المراد لها أن تبقى سرية والضرر الذي يمكن أن يسببه كشفها.

وكان من المقرر أن يبدأ التحقيق في الأول من مايو المقبل، لكن القاضي أوين قال أمس إنه «يشعر بقلق متزايد» من أن تعقيد الإجراءات التي تسبق التحقيق قد يتسبب في تأخير العملية.

وتأخر التحقيق البريطانية في وفاة ليتفينينكو لفترة طويلة لأن المسؤولين البريطانيين كانوا يعتقدون أن هناك فرصة لجلب المشتبه بهما الروسيين للمحاكمة، إلى أن اتضح لهم العام الماضي استحالة هذا الأمر. وقال إيمرسون إن مارينا ليتفينينكو أصيبت «بخيبة أمل شديدة» بسبب بروز آفاق تأجيل جديد في العملية، فرد عليه أوين أن خيبة أملها ليست مثل خيبة أمله هو. ومن المقرر استئناف الجلسات اليوم الأربعاء.