السلطة وإسرائيل وحماس متفقون ضمنيا على عدم التصعيد على الأرض

أبو مازن يدعو شعبه لعدم الانجرار للعنف.. ويقول إنه سينتظر تحقيقا دوليا في وفاة جرادات

TT

طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بتحقيق دولي في ظروف وفاة الأسير عرفات جرادات في السجون الإسرائيلية، قائلا: «إن الجانب الفلسطيني بانتظار تحقيق طبي دولي لمعرفة كيف توفي». وأضاف في مستهل اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أمس: «إن الطب الشرعي الفلسطيني أكد أن جرادات استشهد نتيجة التعذيب، ولكن نحن لن نتبنى هذه الرواية بانتظار لجنة التحقيق الدولية».

وكان أبو مازن قد طلب رسميا من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تشكيل لجنة تحقيق دولية حول وفاة جرادات، ونقل الطلب كبير المفاوضين صائب عريقات عبر مبعوث الأمين العام روبرت سيري الذي أيد سابقا مثل هذا التحقيق.

وكان جرادات قد توفي في سجن إسرائيلي بشكل مفاجئ يوم السبت الماضي، وبينت تحقيقات فلسطينية أن الوفاة ناجمة عن التعذيب، وهو ما نفته إسرائيل قائلة إن الكسور في الضلوع وأماكن أخرى يحتمل أن تكون قد نجمت عن محاولات لإسعافه.

ووضعت وفاة جرادات الضفة الغربية وقطاع غزة على مرجل يغلي، وأججت مظاهرات في الضفة كانت مشتعلة أساسا احتجاجا على مواصلة احتجاز إسرائيل 4 أسرى مضربين عن الطعام، وأعادت إلى الأذهان صور الانتفاضة الأولى والثانية.

وأخذ الإسرائيليون على محمل الجد إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة، بعد أن أخذت المواجهات منحى تصاعديا، واستمرت حتى أمس، ورافق ذلك إطلاق كتائب الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح، صاروخا لأول مرة على عسقلان منذ وقف الحرب الأخيرة.

وأمر المستوى السياسي الإسرائيلي الجيش بالتحلي بأقصى درجات ضبط النفس في الضفة، على اعتبار أن أي حدث دراماتيكي جديد قد يشعل المنطقة بطريقة لا يمكن السيطرة عليها، كما حذر المستوى السياسي حماس في غزة من استمرار إطلاق الصواريخ. وقال الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس «إنه يجب على حركة حماس أن تعي أن الهدوء من جانبها سيقابل بهدوء من جانب إسرائيل، وإطلاق النار سيقابل بالرد الملائم».

أما فيما يخص الوضع في الضفة، فقال بيريس: «إن السلطة الفلسطينية تعلم وتصرح بأن العودة إلى دوامة العنف ستنطوي على مأساة، فيجب العمل معا من أجل تهدئة الخواطر في المنطقة».

وكانت إسرائيل قد أعلنت صباح أمس، عن سقوط صاروخين من طراز «غراد» جنوب مدينة عسقلان، دون أن يتسبب سقوطهما في وقوع إصابات.

وقال ميكي روزنفيلد المتحدث باسم الشرطة إن الصاروخ ألحق بعض الأضرار بطريق قرب مدينة عسقلان، ولكن لم يؤد لإصابة أحد. وأضاف روزنفيلد أن «انفجارا سمع في منطقة عسقلان، وقام خبراء بتفتيش المناطق ووجدوا الصاروخ الذي انفجر وألحق ضررا بطريق ولكن لم يؤد لإصابة أحد».

وأعلنت كتائب شهداء الأقصى - مجموعات الشهيد لؤي قنع ومجموعات فارس الليل - مسؤوليتها عن قصف مدينة عسقلان بصاروخ من نوع «غراد».

وأكدت الكتائب في بيان أن إطلاق الصاروخ جاء ردا على اغتيال الأسير عرفات جرادات الذي استشهد في السجون الإسرائيلية. وفورا، أغلقت السلطات الإسرائيلية معبري بيت حانون (ايرز)، وكرم أبو سالم التجاري.

وثمة ما يشبه الآن حالة الطوارئ في إسرائيل والضفة وغزة. فقد التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسؤولي الأمن لدراسة الموقف، واجتمع الجيش الإسرائيلي بقيادة وزير الدفاع إيهود باراك، أمس، لوضع سيناريوهات محتملة لتطورات الموقف، وفعل الأمر نفسه الرئيس الفلسطيني الذي التقى قادة أجهزته الأمنية، فيما استنفرت حماس عناصرها على طول الحدود مع إسرائيل ومنعت اقتراب متظاهرين.

وبينما تشير تصريحات وتقديرات مسؤولين ووسائل إعلام على الجانبين إلى قرب اندلاع انتفاضة جديدة، فإن جميع الأطراف كما يبدو تريد استعادة الهدوء. ووجهت الولايات المتحدة الأميركية دعوة للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بضبط النفس على ضوء الأحداث المتصاعدة في مناطق الضفة الغربية وغزة. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن دبلوماسيين أميركيين اتصلوا بزعماء إسرائيليين وفلسطينيين ودعوا إلى الهدوء. وقال باتريك فندريل المتحدث باسم الوزارة للصحافيين: «ينبغي أن تفكر جميع الأطراف بجدية في عواقب أعمالها، وخصوصا في هذه اللحظات الصعبة جدا».

ودعا عباس شعبه إلى عدم الانجرار لمربع العنف الذي تريده إسرائيل. وقال: «نحن نعرف أن الإسرائيليين يريدون الفوضى، ونحن نعرف كيف نتصرف، ولكن لن نسمح لهم باللعب بحياة أولادنا». وأضاف: «نحن نواجه تصعيدا إسرائيليا غير مسبوق في مواجهة الشباب والأطفال المحتجين على جملة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وممارسات المستوطنين، خاصة ضد الأسرى، كل هذه الأمور تجعل الوضع صعبا للغاية، ولكن الذي يصعد ويوتر الوضع هو الحكومة الإسرائيلية التي تواجه الشباب لأول مرة منذ فترة بالرصاص الحي، ثم يقولون نناشد السلطة الفلسطينية أن تضبط النفس وتمنع المظاهرات».

وتابع القول: «هذه المظاهرات تأتي ردا على الاعتداءات، فإذا لم تحصل اعتداءات واستمرار احتجاز الأسرى فلا داعي للمظاهرات، وإذا توقفت سيول المستوطنين من الذهاب إلى القرى وحرق المزروعات وحرق الممتلكات وقتل الناس، فلا أحد يعتدي عليهم». وأردف: «عليهم أن يوقفوا كل هذه الإجراءات من أجل أن تهدأ الأمور، فنحن لا نريد أن تصل الأمور إلى هذا الحد الذي عليه الآن، لا نريد التوتير والتصعيد.. نريد الوصول إلى حل سلمي مبني على أساس الشرعية الدولية، نريد أن ينتهي الاحتلال عن أرض دولة فلسطين المحتلة، هذا ما نريده». ومضى يقول: «رسالتنا إلى شعبنا وإلى العالم وإلى الجانب الإسرائيلي، عليكم أن توقفوا هذه الإجراءات ونحن من جانبنا لن يكون هناك شيء؛ لأن يدنا ستبقى ممدودة للسلام».

وقال بيريس من جهته: «إنه ليس لدى إسرائيل أي نية لتصعيد الموقف وتأجيج النار».