كردستان: المعارضة تضع شروطا جديدة للحوار بشأن الإصلاح

قدمت مذكرة لأحزاب السلطة حددت فيها مطالبها

TT

حلقة مفرغة تدور فيها أحزاب المعارضة والسلطة بإقليم كردستان فيما يتعلق بإجراء الإصلاحات السياسية المتأخرة، وما زالت الكرة تتقاذفها هذه الأحزاب بينها وبين رئاسة البرلمان دون أن تؤدي إلى أي نتيجة ترضي الشارع الكردي، الذي بدا يائسا من هذه اللعبة المملة، ومتبرما من تمييع مطالبه الأساسية بإجراء الإصلاحات المطلوبة، خاصة مع ارتفاع وتيرة الفساد الذي تفشى في الإقليم بشكل غير مسبوق، رغم وجود نوايا لدى القيادة الكردية بتخفيفها من خلال التوافق بين المعارضة والسلطة على إجراءات معينة لتحقيق تلك المطالب الأساسية للمواطن الكردي.

ففي آخر موقف رسمي لها فيما يتعلق بدعوة السلطة للمشاركة بحكومة الوحدة الوطنية، أو الدخول إلى مرحلة جديدة من المفاوضات الخماسية لبحث مسـألة الإصلاحات، تقدمت أحزاب المعارضة الكردية بمذكرة إلى قيادة حزبي السلطة حسمت فيها موقفها النهائي من تلك الدعوة، وسبق لتلك الأحزاب أن رفضت فكرة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لكنها وضعت شروطا جديدة لاستئناف الحوارات حول مسألة الإصلاحات.

فقد ردت أحزاب المعارضة (حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية) على العرض المقدم من أحزاب السلطة بالتأكيد على عدة نقاط اعتبرتها شروطا لاستئناف المفاوضات المتوقفة، منها «اعتبار التوافق بين الكتل البرلمانية وتحت سقف البرلمان هو الخيار الأمثل، مع التأكيد على ضرورة تشريع قانون خاص حول قرار البرلمان رقم 2 الذي صدر بشأن الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في 17 فبراير (شباط) من عام 2011؛ لكي يكون هذا القانون أساسا للتوافق على مجمل القوانين الأخرى المعروضة على البرلمان، والتي لها أبعاد وطنية، في مقدمتها مشروع دستور الإقليم وتغيير النظام السياسي في كردستان من النظام الرئاسي والمختلط إلى النظام البرلماني».

ودعت أحزاب المعارضة في مذكرتها إلى إعادة جميع القوانين التي لها أبعاد وطنية إلى البرلمان للتوافق حولها، ومنها (قانون مجلس الأمن الوطني بالإقليم، وقانون المظاهرات، وقانون محافظات الإقليم، ومشروع قانون هيئة الانتخابات بالإقليم، ومشروع قانون منحة الأحزاب، وإعادة النظر في النظام الداخلي للبرلمان). ودعت المذكرة إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية في مواعيدها المقررة، وتأمين إجرائها بشكل شفاف ونزيه، وأخيرا وضع سقف زمني للمفاوضات المرتقبة.

وفيما يتعلق بالخلافات القائمة بين الإقليم وبغداد دعت المذكرة إلى إعطاء الأولوية لاستعادة المناطق المستقطعة من إقليم كردستان عند التفاوض مع الأطراف السياسية الأخرى بالعراق، ورفض فرض أي واقع جديد على تلك المناطق، وكذلك رفض تشكيل قيادة عمليات دجلة. واقترحت أحزاب المعارضة تشكيل لجنة سياسية مصغرة من حزبي السلطة وأحزاب المعارضة الثلاثة لحسم أي خلافات تنشأ أثناء سير المفاوضات بينهم.

وحول النقطة الأولى والأهم من مذكرة المعارضة التي تتمحور حول مسألة التوافقات السياسية، والتي سبق أن تعهدت رئاسة البرلمان الحالي بالعمل على تحقيقها منذ بداية تسلمها مسؤوليتها، توجهت «الشرق الأوسط» بسؤال إلى رئيس كتلة التغيير في البرلمان كاردو محمد وسألته عن إمكانية تحقيق هذا التوافق في ظل اشتداد الخلافات بينها وبين الكتل الأخرى، فرد قائلا: «التوافق ممكن تحقيقه في حال كانت هناك إرادة فعلية لذلك، ولكن للأسف هذه الإرادة ضعيفة جدا، ولا يلوح في الأفق ما يشير إلى استعداد أحزاب السلطة وكتلها البرلمانية لتقديم التنازلات بهذا الشأن، فما زال الكثير من القوانين يمرر داخل البرلمان بصيغة الأكثرية والأقلية دون أي مراعاة لمسألة التوافقات المطلوبة، وخاصة القوانين والمشروعات التي لها أبعاد وطنية».

وتابع: «نحن نسعى إلى مأسسة الدولة، وكل القوانين المختلف عليها تنحصر بهذا الجانب، فنحن نريد أن تكون قوات البيشمركة والأجهزة الأمنية بعيدة عن التحزب والاستئثار، وجعلها قوات وطنية تدين بالولاء للإقليم وليس للأحزاب، ونريد أن تتشكل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية لمراقبة الشؤون المالية، هذه المسائل مهمة وحيوية تتعلق بتحقيق الشفافية في الحكم، والشفافية لا علاقة لها بمبدأ الأكثرية والأقلية، بل هي من أساسيات بناء الدولة الحديثة، وفي المحصلة لا بد لأحزاب السلطة أن ترضخ لهذا الجانب وتعمل بشكل جدي من أجل تحقيق الشفافية والتوافق السياسي».

وألقى رئيس كتلة التغيير بمسؤولية تأخر الإصلاحات على عاتق أحزاب السلطة وكتلها البرلمانية، وقال: «عندما تشتد الأزمات تراهم يلهثون لإرضاء الشعب، وعندما تخف الضغوط يعودون إلى نفس مواقفهم السابقة، وهذا أمر لم يعد مقبولا من قبل الشعب، فإما أن يجروا الإصلاحات المطلوبة، أو ليتحملوا نتائجه العكسية».

ولرصد موقف رئاسة البرلمان من موضوع التوافقات، خاصة أنها تعهدت ببرنامجها السياسي بتحقيقها أثناء الدورة الحالية للبرلمان، اتصلت «الشرق الأوسط» بالمستشار الإعلامي لرئاسة البرلمان طارق جوهر سارممي وسألته عن تلك التعهدات، فأجاب: «لم تقصر رئاسة البرلمان بهذا الجانب، بل إن رئيس البرلمان بادر منذ بداية تسنمه منصبه إلى الاتصال بجميع قادة الأحزاب في السلطة والمعارضة وإبلاغهم بسياسة البرلمان القاضية بتحقيق التوافقات حول القوانين التي تثير الخلافات بين الكتل البرلمانية، وخاصة التي لها أبعاد وطنية، وكذلك الدستور وغيرها من المسائل التي تستدعي التوافقات السياسية، وكان هدف الرئاسة هو تحقيق التوافقات خارج إطار البرلمان بين الأحزاب السياسية قبل عرض مشروعات القوانين على البرلمان؛ لأن رئاسة البرلمان أدركت أنه لا يمكن تمرير بعض القوانين بصيغة الأكثرية والأقلية من دون تحقيق التوافقات السياسية حولها قبل عرضها على الجلسات البرلمانية، هذا بالإضافة إلى عقد ورشات عمل متعددة لشرح موقف البرلمان من التوافقات».