اتفاق في مفاوضات «المآتا النووية» على مواصلة الحوار.. وإيران: أمامنا شوط طويل

مسؤول أميركي: لا مساس بالعقوبات النفطية والمالية ضد طهران

TT

انتهت المحادثات بين القوى العالمية وإيران دون التوصل إلى نتائج محددة، وأبدى المشاركون بالمحادثات جانبا كبيرا من التفاؤل والرغبة في إظهار تقدم إيجابي، وبناء «الثقة» بين الجانبين.

وأشار المسؤولون إلى تفاهم على عقد جولة مفاوضات جديدة في كازاخستان في الخامس والسادس من أبريل (نيسان) المقبل، على أن يجتمع مجموعة من الخبراء الفنيين من إيران وروسيا في مارس (آذار) المقبل في إسطنبول.

وقد أبدى وزير الخارجية الأميركي جون كيري تفاؤله من المحادثات النووية التي أجرتها القوى العالمية الست مع إيران في المآتا بكازاخستان.

وقال كيري في تصريحات للصحافيين أمس: «إن المحادثات كانت مفيدة، واقترحنا تدابير تشجع إيران على اتخاذ خطوات ملموسة، وآمل أن تختار إيران المضي في الطريق للتوصل إلى حل دبلوماسي».

وكرر كيري استعداد بلاده لإجراء محادثات ثنائية مع إيران، وقال: «إيران تعرف ما يتعين عليها القيام به، وقد أوضح الرئيس أوباما عزمه تنفيذ سياسته بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي».

وأعربت كاثرين أشتون الممثلة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي عن أملها أن تنظر إيران بشكل إيجابي في المقترحات التي طرحت خلال المحادثات التي استمرت ليومين للتوصل إلى حل سياسي لأزمة الملف النووي الإيراني، وقالت: «المقترحات تهدف إلى بناء الثقة والمساعدة في المضي قدما».

من جانبها وصفت إيران المفاوضات مع الدول الكبرى بأنها «خطوة إيجابية»، وقال كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي في مؤتمر صحافي في ختام مفاوضات اليوم الثاني: «إن المحادثات مع مجموعة 5+1 (التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا) اتسمت بالواقعية». وأوضح أن «بعض النقاط التي أثيرت ناقشتها مجموعة القوى العالمية بشكل أكثر واقعية مقارنة بالماضي، وحاولوا تقريب وجهات نظر إيران مع وجهات نظرهم حول بعض النقاط، وهو ما نعتقد أنه خطوة إيجابية رغم حقيقة أنه لا يزال لدينا شوط طويل للوصول إلى النقطة المثلى».

وبسؤاله عن مطالب القوى العالمية بإغلاق مفاعل فوردو أوضح جليلي أنه لا يوجد مبرر لإغلاق فوردو، وقال: «إنه موقع يتسم بالشرعية ويخضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأبدى استعداده لمناقشة قضية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وقال: «يمكن مناقشتها في المفاوضات في ضوء بناء الثقة».

وقد حرصت إيران على وضع ملصقات لصور علماء الطاقة الذرية الإيرانيين الذين تم اغتيالهم في طهران، وتعليق صورهم بشكل ملحوظ خلال المؤتمر الصحافي لجليلي.

وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن الدول الكبرى عرضت على إيران تخفيف العقوبات المفروضة على تجارة الذهب والصناعات البتروكيماوية مقابل وقف تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20 في المائة وإرسال مخزون اليورانيوم المخصب إلى الخارج، وإغلاق موقع فوردو الواقع في أعماق الأرض (الذي يصعب مهاجمته عسكريا)، والسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول بشكل أكثر انتظاما لرصد الأنشطة في المفاعلات الإيرانية للتأكد من أن إيران تفي بوعودها. ووعدت الدول الكبرى إلى عدم التصويت بفرض عقوبات جديدة داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو في الاتحاد الأوروبي إذا وافقت إيران على تلك المقترحات.

في المقابل، طالبت إيران باعتراف دولي بحقها في تخصيب اليورانيوم، وشددت على أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة يستخدم لإنتاج الوقود لمفاعلها للأبحاث في طهران الذي ينتج نظائر مشعة.

وأوضحت المصادر أن المحادثات كان معظمها تقنيا، وأن إيران قضت معظم الوقت في دراسة مقترحات الدول الغربية للتخفيف من العقوبات مقابل الحد من تخصيب اليورانيوم، ودراسة الاشتراطات الغربية المتعلقة بوقف أنشطة يمكن أن تستخدم في صناعة الأسلحة. وأكدت المصادر أن مقترحات الدول الغربية لتخفيف العقوبات كانت «مغرية» للإيرانيين.

فيما أكد مسؤول بالإدارة الأميركية أن مقترحات الدول الكبرى لتخفيف العقوبات لا تنطبق على العقوبات على المصارف أو تجارة النفط، وأن العرض المقدم يقتصر على فرص لاستئناف إيران للتجارة في الذهب والمعادن الثمينة. ووصف المحادثات بأنها كانت مفيدة.

وقال: «الهدف النهائي هو أن تمتثل إيران قرارات مجلس الأمن التي تطالبها بوقف تخصيب اليورانيوم تماما، وأن تلبي طلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإثبات أنها لا يوجد لديها برنامج لتصنيع الأسلحة ولا مواقع تخصيب مختفية. وعندما تلتزم إيران بذلك فإن جميع العقوبات سيتم رفعها».

وتقول دينا اسفنداري الخبيرة بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: «رغم أن المحادثات لم تسفر عن نتائج ملموسة فإنها أظهرت تفاؤلا من جانب جميع الأطراف، وهو في حد ذاته أمر إيجابي، لكن من وجهة نظري فإنه من غير المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر عقدها في 14 يونيو (حزيران) المقبل. وهناك حاجة لدى السياسيين الإيرانيين للظهور بأنهم يقومون بإحراز تقدم لتخفيف تأثير العقوبات على الشعب الإيراني بعد معاناة الإيرانيين من ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة الإيرانية بشكل كبير».

في توقيت متزامن تبحث لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي مشروع قانون لتوسيع العقوبات الاقتصادية ضد إيران ومنع دول مثل الصين من شراء النفط الخام الإيراني. ويمنح مشروع القانون المقترح الرئيس الأميركي باراك أوباما سلطات إضافية لفرض عقوبات مالية على الشركات الأجنبية والكيانات التي توفر السلع لإيران.

ويضع التشريع (المقترح من النائب الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا رويس اد، والنائب الديمقراطي عن نيويورك سيتي إليوت آنجل) قيودا على قدرة إيران على الحصول على الموارد اللازمة لتطوير برنامجها النووي، وقيودا على حصولها على العملات الأجنبية، مثل اليورو، من خلال الضغط على السلطات الأوروبية لمنع الحكومة الإيرانية من استخدام نظام البنك المركزي الأوروبي للتحايل على العقوبات الأميركية والأوروبية.