الخطيب يلخص أمام مؤتمر روما مطالب المعارضة بـ7 منها وحدة سوريا

دعا الأسد لأن يكون إنسانا ولو مرة ويتخذ قرارا عاقلا واحدا في حياته من أجل مستقبل البلد

وزير الخارجية الأميركي جون كيري وزعيم المعارضة السورية معاذ الخطيب يتوسطان وزراء خارجية مشاركين في مؤتمر روما أمس (أ.ب.)
TT

تعهدت حكومات عربية وغربية أمس في اختتام مؤتمر أصدقاء سوريا الذي انعقد في العاصمة الإيطالية روما بتقديم مزيد من الدعم السياسي والمادي للأطراف السورية المطالبة بإنهاء حكم الرئيس بشار الأسد. وجاء في البيان الختامي للمؤتمر أن على نظام الأسد التوقف فورا عن القصف «العشوائي» للمناطق المأهولة بالسكان، معتبرا أن القصف يمثل جرائم ضد الإنسانية لا يمكن أن تمضي من دون عقاب.

وجدد وزير الخارجية الأميركي جون كيري التأكيد على أن بلاده تعتزم تقديم مساعدات غير فتاكة لمقاتلي الجيش الحر، لكن رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب طالب المجتمع الدولي بمزيد من الدعم واضعا أمام الحاضرين سبعة مطالب يتوقع السوريون من «أصدقائهم» الوفاء بها.

وشدد كيري بعد محادثات مع ممثلي المعارضة السورية ودول أوروبية وعربية، على أن الولايات المتحدة لا تزال تدعم الحل السياسي في سوريا، مؤكدا أن «كل السوريين يجب أن يعرفوا أنه يمكن أن يكون هناك مستقبل». وأضاف أن «ائتلاف المعارضة يمكن أن ينجح في تحقيق انتقال سلمي». لكن وزير الخارجية الأميركي أكد أن بلاده تعتزم مضاعفة مساعداتها للمعارضة «السياسية» لأكثر من الضعف، كما ترغب بتقديم مساعدات «غير فتاكة» بقيمة 60 مليون دولار للأطراف التي تقاتل ضد الأسد.

وتشمل المساعدات الأميركية الأولى من نوعها إمدادات غذائية وطبية لمقاتلي المعارضة السورية، إلا أن هذا التغير لا يشمل معونات عسكرية كانت المعارضة السورية، التي هددت الأسبوع الماضي بمقاطعة المؤتمر بسبب الإحباط من عدم تلقي مزيد من المساعدات، تطمح بالحصول عليها. وتعلل بعض الأطياف المعارضة «إحجام» الغرب عن تسليح المعارضة بالخوف من وصولها إلى أيادي إسلاميين متشددين بات ينظر إليهم الآن على أنهم القوى الأكثر فاعلية في جهود الإطاحة بالأسد.

وتعقيبا على ما جرى في «مؤتمر روما» قال عضو الائتلاف ياسر طبارة إن «المعارضة تمضي قدما بقدر كبير من التفاؤل الحذر وإنها سمعت اليوم (أمس) خطابا مختلفا»، مضيفا أن المعارضة في حاجة إلى دعم عسكري وسياسي.

وفي اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» من لندن لمعرفة الأسباب وراء التحول المحدود في السياسة الأميركية، أرجع مدير المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية بواشنطن الدكتور رضوان زيادة، التحول الأخير لثلاثة عوامل أهمها «الرأي العام الأميركي الذي ينتقد الإدارة لعدم اتخاذها الإجراءات لوقف حمام الدم الجاري في سوريا»، مشيرا إلى أن ضغط حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين قد يكون له أيضا دور في أقناع واشنطن بضرورة تغيير موقفها، مضيفا أن الاستياء الذي أبدته المعارضة، والذي بلغ ذروته الأسبوع الماضي، زاد من تلك الضغوط.

ويضيف الدكتور زيادة أن «الموقف الأميركي ابتدأ بتقديم مساعدات (تقنية) للنشطاء الميدانيين لكن الآن هناك تغير في هذا الموقف يتمثل بتقديم مبلغ قدره 60 مليون دولار للجيش الحر مما يعني أنه سوف يكون هناك دور أميركي في تدريب الجيش السوري الحر ومساعدته بالقيام بعمليات نوعية ضد عصابات نظام الأسد».

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» بالأمس عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الإدارة أوعزت بتدريب مقاتلين من المعارضة في «قاعدة بالمنطقة» لم تحدد مكانها. ونقلت الصحيفة عن ذات المصادر قولها إن مهمة التدريب الجارية حاليا تمثل أعمق تدخل أميركي في «الصراع السوري»، رغم أن حجم ونطاق المهمة لم يتضح، كما لم تتضح الدولة التي تستضيف التدريبات. وذكرت أن من أكبر أهداف الإدارة الأميركية هو دعم المعارضة على ترسيخ مصداقيتها داخل سوريا من خلال تقديم الخدمات التقليدية التي تقدمها أي حكومة للسكان المدنيين. وأضافت أن الولايات المتحدة تتطلع إلى تحجيم قوة الجماعات المتطرفة عن طريق مساعدة ائتلاف المعارضة السورية الذي تدعمه على القيام بالخدمات الأساسية في المناطق التي انتزع السيطرة عليها من نظام الأسد.

وطالب البيان الختامي لمؤتمر روما الذي اختتم أعماله أمس نظام الأسد بالتوقف فورا عن القصف «العشوائي» لمناطق مأهولة بالسكان، وأضاف أن ذلك يمثل جرائم ضد الإنسانية لا يمكن أن تمضي من دون عقاب. وقال البيان إن وزراء دول مجموعة أصدقاء سوريا تعهدوا بتقديم مزيد من الدعم السياسي والمادي للائتلاف الوطني السوري بوصفه الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري وبإدخال مزيد من المساعدات الملموسة إلى سوريا.

من جانبه، تطرق الخطيب، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الأميركي قبل انطلاق مؤتمر الأصدقاء، إلى ثلاثة مواضيع قال إن «المعارضة السورية ملت من الإجابة عليها» وتتمحور حول الإرهاب والأسلحة الكيماوية والأقليات، مستنكرا قيام المجتمع الدولي بالنظر إلى ما وصفه بـ«طول لحية المقاتلين» وعدم اكتراثه لـ«دماء الأطفال»، بحسب وصفه.

ولم ينف الخطيب وجود بعض الأشخاص المنخرطين بالثورة ممن يحملون أفكارا متطرفة، لكنه أكد في الوقت ذاته أن هؤلاء «أقلية ولا يعبرون عن الأغلبية السورية التي تميل إلى الوسطية والاعتدال». وقال الخطيب إن خير مثال على «نفسية المقاتلين» في سوريا هو العقيد يوسف الجارد المعروف بأبو فرات الذي «بكى على قتلى الطرف الآخر (نظام الأسد) وبكى على الدبابات المدمرة»، لأن القتلى كانوا سوريين ولأن الدبابات اشتريت بأموال دافعي الضرائب السوريين.

ولخص الخطيب مطالب المعارضة السورية التي طرحها أمام وزراء الخارجية المجتمعين في «مؤتمر روما» بسبعة بنود، تمحور الأول حول ضرورة إجبار نظام الأسد على تأمين ممرات إنسانية إلى المناطق المحاصرة، وذلك تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وخصوصا أحياء حمص القديمة المحاصرة منذ 250 يوما ومدينة داريا بريف دمشق، والتي تعتبر مهد الحركة السلمية في سوريا، مشيرا إلى أن النظام وقواته قاموا بقصف 86 مخبزا خلال يناير (كانون الثاني) الماضي في مختلف المناطق السورية.

وطالبت المعارضة بالحفاظ على الوحدة السورية ضد أي مشاريع تقسيم كمطلب ثان لها، بينما عرف المطلب الثالث ماهية الحوار مع ممثلي نظام الأسد بالشكل الذي يضمن «رحيل النظام وتفكيك الأجهزة القمعية التي تحكم البلد». وجدد الخطيب دعوته لنظام الأسد للحوار «وربما للمرة الأخيرة»، على حد وصفه، قائلا: «يا بشار الأسد، تصرف ولو مرة واحدة كإنسان. كفى هذا الشعب قتلا ومذابح. اتخذ قرارا واحدا عاقلا في حياتك من أجل مستقبل هذا البلد».

وتمحور المطلبان الرابع والخامس حول ضرورة إعطاء الشعب السوري وثواره كامل الحق في الدفاع عن أنفسهم مقابل طلب وقف التسليح النوعي لنظام الأسد. وقال «هناك قرار دولي أو إشارات دولية بعدم تسليح المعارضة السورية بأسلحة نوعية»، مضيفا أنه «إذا كنتم تريدون هذا، أوقفوا إمداد النظام بأسلحة نوعية لا تزال تأتيه حتى اليوم تحت اسم صفقات قديمة»، في إشارة إلى السلاح الروسي الذي يصل إلى نظام الأسد.

أما المطلبان الأخيران فيخصان اللاجئين السوريين ودول الجوار، إذ طالب الخطيب بتسهيل معاملات السوريين في دول اللجوء ودعم الدول المجاورة لما تعانيه. واختتم الخطيب بأن «سوريا هي أم للجميع ومن يرمي سوريا بحجر فكأنما يرمي أمه بحجر».

وفي تطور لاحق، أعلن الائتلاف تأجيل اجتماعه المقرر غدا في إسطنبول لاختيار «رئيس حكومة» إلى موعد لم يحدد بعد، بحسب ما ذكره عضو الائتلاف سمير نشار لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال نشار في اتصال هاتفي إنه «تأجل المؤتمر لكن لا يمكنني أن أقدم سببا»، مضيفا أنه «لم يحدد تاريخ جديد، ولا أستبعد الإلغاء». ورجح نشار أن يكون السبب «محاولة أميركية - روسية لفتح حوار بين نظام الأسد والائتلاف، وهذا ستنتج عنه حكومة انتقالية، الأمر الذي يتعارض مع فكرة تشكيل حكومة مؤقتة من قبل الائتلاف».

وفي هذا السياق، اعتذر الأكاديمي السوري برهان غليون، ورئيس الوزراء المنشق رياض حجاب، عن قبول منصب رئيس الحكومة السورية الانتقالية، في حال عرضه عليهما. وكان اسماهما قد طرحا ضمن خمسة أسماء مرشحة لشغل هذا المنصب، وهي إضافة إليهما، أسامة قاضي وسامي المسلط وخالد مصطفى.