القاهرة تعرض على طهران المواقع الصالحة لاستقبال السياح الإيرانيين لأول مرة منذ 34 عاما

وزير السياحة المصري مع نجاد في إيران.. وقنديل يلتقي المالكي في العراق الاثنين

TT

في خطوة لافتة في العلاقات بين كل من مصر وإيران والعراق، عرضت القاهرة أمس على طهران المواقع الصالحة لاستقبال السياح الإيرانيين في مصر لأول مرة منذ 34 عاما، في وقت التقى فيه وزير السياحة المصري هشام زعزوع، بالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وذلك قبل يومين من زيارة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل للعراق لمقابلة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين. إلا أن مصادر في الرئاسة المصرية أفادت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأن «التحسن في ملف العلاقة مع إيران لا شك أنه ينعكس بالإيجاب على ملف التعاون الاقتصادي مع بغداد» و«توفير فرص عمل لرجال الأعمال المصريين في العراق».

وتواجه الحكومة المصرية مصاعب اقتصادية كبيرة، منذ الإطاحة بحكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي كان يحظر التعامل مع الجانب الإيراني بسبب تعارض التوجهات الاستراتيجية لكل من البلدين تجاه منطقة الخليج وعملية السلام مع إسرائيل. وزار نجاد القاهرة مطلع الشهر الماضي، وانقسم المصريون تجاه عرضه تقديم عون اقتصادي لمصر، ففي حين قوبل الأمر من جانب جماعة الإخوان بحفاوة بالغة، انتقدت مؤسسة الأزهر والتيار السلفي مواقف طهران تجاه دول الخليج وسوريا ونشر التشيع بالمنطقة.

وتسعى السلطة التنفيذية التي يرأسها الرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، إلى فتح مجالات للسياح الإيرانيين لإنعاش القطاع السياحي الذي تدهور بشدة ويعمل فيه ملايين المصريين، إلا أن مصادر أمنية مصرية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن ملف العلاقات بين مصر وإيران «ما زال تحت المراقبة»، وإن عودة العلاقات التي دعا إليها نجاد تحتاج من طهران إلى تحقيق العديد من الشروط على رأسها إبداء حسن النوايا تجاه القضايا العالقة في المنطقة ومن بينها «التدخل المستمر في شؤون الدول العربية».

وقالت رشا العزايزي، مسؤولة الإعلام بوزارة السياحة المصرية «إلى الآن جميع التصريحات حول دخول السائحين من المغرب العربي أو إيران من دون تأشيرات تعتبر بمثابة مقترحات لدفع عجلة السياحة.. في هذه الأثناء وزير السياحة موجود في طهران لإجراء مباحثات مع القطاع السياحي العام والخاص هناك، وسيتم عرض النتائج حين عودته على الأمن العام في مصر وهيئة الجوازات والهجرة لكي يضعوا الشروط الأمنية الواجب اتباعها».

وتابعت العزايزي قائلة إن وزارة السياحة «من شأنها الأول والأخير فتح أسواق سياحية جديدة لرفع عدد السائحين القادمين للبلد (مصر) حتى تسهم بشكل أو بآخر في جلب العملات الأجنبية في ظل الأزمة المالية التي تسود البلاد». وأضافت قائلة «كما سعينا إلى السوق الأوروبية لفتح آفاق جديدة بتسهيلات في الإجراءات كان على رأسها أن يحصل السائح الأوروبي على التأشيرة عند قدومه إلى مصر وتمت موافقة رئاسة الوزراء والأمن العام على ذلك، ونحن أيضا نطرق أسواقا جديدة كان على رأسها إيران والمغرب العربي، وهناك العديد من الأسواق سوف نطرقها في الفترة المقبلة وليتم طرحها أمام رئاسة الوزراء والأمن العام للموافقة عليها». وعن الأعداد المتوقع قدومها إلى مصر من جراء فتح الباب أمام السياحة الإيرانية أو دول المغرب العربي قالت العزايزي إنها ستكون كبيرة وذات مردود جيد على قطاع السياحة في مصر.

وقام الوزير زعزوع والوفد المرافق له بمقابلة الرئيس نجاد أمس لبحث سبل التعاون السياحي المشترك بين البلدين. وقام زعزوع بمقابلة «السيد جهانيان» نائب رئيس منظمة التراث الثقافي للصناعات اليدوية والثقافية صباح أمس للاتفاق على آليات سفر السائحين الإيرانيين إلى مصر. وعقب تلك المقابلة تم عقد ورشة عمل مهنية قام زعزوع خلالها بإلقاء عرض تقديمي تناول فيه أهم المقاصد السياحية الثقافية والشاطئية والتي يمكن للسائح الإيراني الاستمتاع بها أثناء زيارته لمصر.

وأشار جهانيان إلى أن إيران ومصر تجمعهما حضارات خالدة ذات خلفية تاريخية وأثرية ثرية تقوم بدورها على تذليل أي عقبات تواجه التعاون المشترك بين البلدين في المجال السياحي، كما أشار إلى ترحيب السائح الإيراني بزيارة مصر في ضوء المودة المتبادلة وكذلك الخلفية التاريخية العريقة لمصر والتي قال إنها تعد من أهم أسباب اختيار السائح الإيراني إلى مصر كوجهة سياحية.

كما قام جهانيان بتوجيه الشكر للوزير المصري والوفد المرافق له، وأثنى على الإيضاحات التي قام زعزوع باستعراضها أثناء ورشة العمل وبخاصة تنوع المنتجات السياحية المصرية من منتجات علاجية، وشاطئية، وثقافية، وتاريخية. وأشار إلى رغبة الجانب الإيراني في تنظيم رحلات سياحية إلى مصر في صورة مجموعات سياحية، وتطلع الجانب الإيراني للتعاون السياحي مع مصر.

ومن جانبها، أوضحت الدكتورة عادلة رجب، المستشارة الاقتصادية لوزارة السياحة بمصر، أن زيارة الوزير زعزوع لإيران «كانت موفقة وأسفرت عن نتائج طيبة حيث التقى مع الرئيس الإيراني، وكبار وكلاء السفر، لبحث سبل سفر السائحين إلى مصر وكيفية منح تأشيرات الدخول»، قائلة إن السياحة الإيرانية تعتبر الثانية في دبي والثالثة في تركيا «ولا تستهدف سوى السياحة الشاطئية والتسوق».

ونفت الدكتورة رجب أن يتطرق موضوع السياحة الإيرانية إلى مصر إلى قضية زيارة الأماكن الدينية «حتى وإن طلبوا ذلك، على الأقل في البداية لن تتم الموافقة على ذلك، وسيتم توجيه الرحلات الإيرانية إلى العديد من الأماكن السياحية والأثرية التي تشتهر بها مصر مثل شواطئ شرم الشيخ والغردقة وآثار الأقصر وأسوان».

وقالت الدكتورة عادلة إنه على الرغم من أن تركيا تستقطب سنويا ما يقرب من مليون و900 ألف سائح من إيران بسبب قرب المسافة، حيث يذهب الإيرانيون إليها بسياراتهم الخاصة «إلا أننا في حالة تنظيم رحلات بين مصر وإيران فنحن سنحاول استقطاب أكبر عدد من السائحين وتقريبا سيكون 500 سائح في اليوم».

وحول ما يثار بشأن مخاوف الأمن المصري من السياحة الإيرانية، قالت الدكتورة عادلة إن هذا الأمر ليس له محل من الصحة «لأننا سوف نأخذ إجراءات أمنية مشددة لا يمكن المساس بها أو تجاوزها».

ومن جانبه، قال السفير علاء الحديدي، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء في مصر، إن الدكتور هشام قنديل رئيس الحكومة المصرية سيبدأ يوم الاثنين المقبل زيارة رسمية للعراق، مشيرا إلى أن قنديل يترأس وفدا تجاريا واقتصاديا كبيرا يضم عددا من وزراء المجموعة الاقتصادية.

وتعد زيارة قنديل هي الأولى له إلى بغداد، وستستمر ليومين، بحسب الحديدي، الذي لفت إلى أنها تأتي في إطار تفعيل عمل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، موضحا أن المباحثات سوف تشمل الملفات التجارية والاقتصادية والقنصلية. وقال الحديدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «لقاء رئيسي الوزراء قنديل ونوري المالكي سوف يتطرق لبحث القضايا الإقليمية، وتبادل الآراء حول أهم الملفات السياسية في المنطقة».

ومن جانبه، وصف علي الموسوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي، زيارة قنديل بـ«المهمة للغاية»، مشيرا إلى أنها ستبحث في كل جوانب العلاقات الثنائية وتفعيل عدد من الاتفاقيات في مجالي الطاقة والإعمار. وكشف الموسوي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف أمس عن مقترح مصري بتكرير وتصفية النفط العراقي في معامل التكرير المصرية. ومن المقرر أن تجرى المباحثات على ثلاث مراحل.

إلى ذلك، ذكر تلفزيون «العراقية» الحكومي أن قنديل سيجري مباحثات مع المالكي وكبار المسؤولين بهدف تنشيط العلاقات الثنائية في جميع المجالات خاصة المجال التجاري والاقتصادي ومساهمة الشركات المصرية بالمشاريع الاستثمارية المتنوعة في العراق. ورجحت التقارير أن «يتوصل البلدان إلى إعلان تشكيل مجلس الأعمال العراقي المصري لتوسيع العلاقات بين العراق ومصر في التجارة والاقتصاد».