حرب كلامية بين المعارضة السودانية والحزب الحاكم

حزب الرئيس يتهم المعارضين بالعمالة.. وقيادي معارض تحدى وطالب بالاحتكام إلى القضاء

صادق المهدي و البشير
TT

تبادل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان وقوى المعارضة السياسية الاتهامات بالعمالة وفقدان الاتجاه ولعب كل طرف لأدوار مشبوهة ضد الوطن، بلغة يشوبها مستوى عال من العنف اللفظي.

واتهم الحزب الحاكم، الذي يقوده الرئيس عمر البشير، القوى السياسية السودانية بأنها تقيم «علاقات سرية» مع حركات دارفور المتمردة، والحركة الشعبية التي تحمل السلاح، وبتلقي الدعم المالي والفني من دول غربية وإقليمية، واتخاذ دول أفريقية مقرا لتنفيذ مخططات أجنبية، لتخريب الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في البلاد.

من جانبه، وصف التحالف المعارض الحزب الحاكم بأنه «فاقد للاتجاه، وبلا قضية»، وأنه يحاول التغطية على دوره الأسود في وجه تباشير «التغيير القريبة»، واصفا اتهامهم بالعمالة بـ«الصياح والتهريج». ونقل مركز «إس إم سي» الصحافي المقرب من الدوائر الأمنية والحكومية، عن عضو المكتب القيادي بحزب المؤتمر الوطني د. قطبي المهدي، قوله إن أطراف المعارضة الثلاثة «الحركات المسلحة، الحركة الشعبية، الأحزاب السياسية» تجري اتصالات وتفاهمات مشتركة، لتنفيذ مخططات خارجية لتخريب أوضاع السودان السياسية والاقتصادية والأمنية، وتشويه صورته أمام الأسرة الدولية عن طريق تلفيق تقارير إعلامية كاذبة عن الأوضاع الإنسانية الاقتصادية، وتحريض الدول الغربية لمواصلة الدعم العسكري والمالي للحركات المسلحة للإطاحة بنظام الحكم وحزب المؤتمر الوطني.

وأوضح المهدي أن حكومته وحزبه يتابعان ما سماه «تحركات المجموعات الثلاث»، وأنهم حصلوا على معلومات تؤكد توافقهم على «طريق واحد» لإسقاط نظام الحكم في السودان. ومن دون أن يفصح بذلك، لمح د.المهدي إلى أن المعارضة تسعى لتبني «الخيار العسكري» من خلال وصفه للقاءاتها بأنها «مخططات» بدأت باجتماعات «ألمانيا»، ومخطط «نيروبي»، واجتماعات «جوبا» ووثيقة «كمبالا» أو الفجر الجديد وائتلاف الجبهة الثورية.

من جهته، وصف تحالف المعارضة قيادات الحزب الحاكم بأنها «فاقدة للاتجاه وبلا قضية»، وأنها تردد الاتهامات ضد المعارضة جزافا، لأنها بدأت تحس بأن التغيير وسقوط النظام أصبح وشيكا. واتهم رئيس هيئة قوى الإجماع الوطني فاروق أبو عيسى، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، القيادي في الحزب الحاكم د.قطبي المهدي بأنه يحاول باطراد تغطية «دوره الأسود»، عندما كان مديرا لجهاز الأمن، وأن نبرته ارتفعت هذه الأيام لأن «تباشير التغيير» بدأت تلوح في الأفق، مما جعله يزيد من «صياحه وتهريجه». وتحدى أبو عيسى الحزب الحاكم بشأن تقديم القوى التي وجه إليها الاتهامات بالعمالة للنيابة والقضاء، وقال «ثبوت العمالة جرم كبير في حق الوطن لا يجوز السكوت عليه، فإذا كانوا يملكون قدرا من العقلانية والمهنية، فيجب أن يذهبوا لساحات القضاء، ولا يجوز الحديث عن جريمة خيانة الوطن في الصحف»، واصفا حديث الرجل بأنه «بضاعة رخيصة» تعبر عن حالة الخوف والوجل من المستقبل القريب.

واستبعد أبو عيسى أن تستغل السلطة الحاكمة تلك الاتهامات لحظر نشاط القوى السياسية المعارضة، لأنها حاولت السير في طريق حظر القوى السياسي من قبل، بيد أنها لم تستطع مواصلة السير فيه، لأنها مقيدة بالدستور وبرقابة المجتمع الدولي، و36 ألف جندي أممي جاءوا للسودان نتيجة لتصرفات السلطة الخرقاء، إضافة إلى عين المحكمة الجنائية الدولية التي تراقبهم صباح مساء.

وفي السياق، ذكرت تقارير صحافية أن اجتماع هيئة قوى الإجماع الوطني المعارضة، الذي عقد أمس وأول من أمس، شهد هو الآخر مواجهات لفظية عنيفة بين أطرافه. وذكرت أن قادة الأحزاب أداروا نقاشا ساخنا حول موقف حزب الأمة القومي بقيادة الصادق المهدي، ووجهوا انتقادات حادة لموقفه الذي وصفوه بـ«غير الواضح»، لأنه يحاور النظام، في الوقت الذي يحرص فيه على وجوده داخل التحالف المعارض.

بيد أن أبو عيسى وصف لـ«الشرق الأوسط» تلك التقارير بأنها «تسريبات أمنية غير دقيقة» القصد منها تفتيت العمل المعارض لصالح النظام، وأوضح أن «تحالف قوى الإجماع الوطني» عبارة عن جبهة وطنية ديمقراطية وعضويتها اختيارية، وتلتزم بقواعد العمل المشترك والتحالفات. ولم ينف أبو عيسى بشكل قاطع تلك التسريبات، ودعا قادة التحالف الذي يقوده إلى الالتزام الكامل بالقواعد المرعية في التحالفات، خاصة الالتزام بسرية ما يتم داخل الاجتماعات وعدم مناقشته علنا وفي وسائل الإعلام. وأضاف أن وحدة التحالف تستلزم الشفافية والوضوح في المناقشات والالتزام الكامل من كل أطرافه، والاحتفاظ لكل طرف بحقه في إعادة طرح وجهة نظره مرات عديدة إلى أن يكسب الأغلبية لموقفه.

وأوضح أن قادة المعارضة يناقشون تطوير العمل المعارض بديمقراطية، وأن النقاش يجب ألا يزعج الحادبين على مسيرة المعارضة الهادفة لإسقاط النظام. واعتبر طرح الموضوعات بالوضوح الكافي داخل اجتماعات المعارضة «علامة صحة وعافية»، وأنه لن يؤدي لطرد هذا الحزب أو ذاك الفصيل من التجمع المعارض، وقال «نحن جماعة تدعو للديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر، ولا تعيش بيننا أفكار عزل الآخرين أو فصلهم أو تجميدهم مهما فعلوا، ونحن نتناقش في حرية كاملة لتحقيق مزيد من التماسك ومزيد من المنعة للعمل المعارض».