السلطة ترفض عرضا إسرائيليا بإبعاد العيساوي بعد 121 يوما على الإضراب

نقل الأسيرين المضربين إلى المستشفى.. وتل أبيب تنفي مجددا تعذيب جرادات

مواصلة المواجهات بين متظاهرين فلسطينيين وجنود اسرائيليين في نابلس على اثر المطالبة بتحرير الأسرى الفلسطينيين (أ.ف.ب)
TT

رفضت السلطة الفلسطينية عرضا إسرائيليا بإبعاد الأسير سامر عيساوي بعد 121 يوما على إضرابه عن الطعام، كما رفضت عرضا مماثلا لإبعاد الأسير المضرب أيمن شراونه، إلى خارج الوطن أو مكان سكناهم. وقال وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع: «السلطة الوطنية ترفض إبعاد الأسيرين المضربين عن الطعام سامر العيساوي وأيمن الشراونه إلى خارج الوطن وخارج مناطق سكناهما». وأضاف في بيان: «نحن لا نشرع الإبعاد، لأن الإبعاد القسري هو جريمة حرب وأدانها القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف». وتابع قراقع القول: «إن الحل الإسرائيلي المطروح في كلتا الحالتين مرفوض وتعسفي جدا، وإن إسرائيل تتحمل المسؤولية عن حياة وصحة الأسيرين المضربين المهددة حياتهما بالموت بسبب الإضراب رفضا لإعادة اعتقالهما دون أسباب قانونية».

ويأتي رفض السلطة في وقت تدهورت فيه بشكل ملحوظ صحة عيساوي وشراونه وقد نقلا أول من أمس من داخل عيادات السجون إلى مستشفيات إسرائيلية. ونقل عيساوي على نحو مفاجئ إلى مستشفى «كابلان» في مدنية رحوفوت قرب الرملة، فيما نقل الشراونه إلى مستشفى «سوروكا» في بئر السبع.

وقال قراقع إن نقل العيساوي المضرب جاء بعد أن أصبح في وضع حرج للغاية. وأوضح إن «العيساوي أصيب بانهيار صحي مفاجئ وفقد القدرة على الحركة مما أصاب إدارة السجن بحالة من الذعر، اضطرتها لنقله إلى المستشفى بشكل عاجل».

وقالت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية إن وضع عيساوي مستقر وأكدت ذلك عائلته. ويواصل عيساوي وشراونه إضرابهما عن الطعام، برغم مفاوضات مصرية إسرائيلية وأخرى دولية مستمرة حول الإفراج عنهما، خصوصا أنهما كانا أحد الذين أفرج عنهم في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 ضمن «صفقة شاليط» التي أبرمتها حماس مع إسرائيل برعاية مصرية، قبل أن يعاد اعتقالهما مرة أخرى قبل نحو 8 شهور بداعي خرقهم شروط الصفقة.

ولا يعرف إلى أي مدى يمكن أن يصمد كل من عيساوي وشراونه اللذين بقيا مضربين وحدهما، بعدما انتهت قضية الأسيرين جعفر عز الدين وطارق قعدان، إثر التوصل إلى اتفاق مبدئي مع محكمة إسرائيلية يقضي بعدم تجديد الاعتقال الإداري لهما. وتسبب رفض إسرائيل بإطلاق سراح عيساوي وشراونه، بتأجيج الغضب الشعبي الفلسطيني الذي ترجم إلى مظاهرات عنيفة في مناطق مختلفة في الضفة الغربية، حذرت معها إسرائيل من إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة. واستمرت المواجهات أمس. وتوتر الموقف إلى حد كبير بعدما توفي الأسير عرفات جرادات من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية داخل السجون هذا الأسبوع، وما زالت وفاته تشكل لغزا وقد تبادلت السلطة وإسرائيل الاتهامات حول الأسباب. وطلبت السلطة تحقيقا دوليا وقالت: إن آثار تعذيب وكسور كانت واضحة على جثته، وهو ما ردت عليه وزارة الصحة الإسرائيلية أمس، بقولها «إن العلامات التي عثر عليها على الجثة سببتها عملية الإنعاش التي استغرقت 50 دقيقة»، وأضافت في تقرير: «لم يتم العثور على سموم أو على أي إصابة بالأعضاء قد تسبب وفاة. والتحقيق لا يزال مستمرا».

لكن السلطة طلبت من الأمم المتحدة أن تجري هي التحقيق في هذه المسألة وليس إسرائيل. وانضم محقق بالأمم المتحدة إلى طلب السلطة، وأيد تحقيقا دوليا في وفاة جرادات. وقال ريتشارد فولك مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في بيان «وفاة سجين أثناء الاستجواب دائما ما تكون مبعث قلق.. لكن في هذه الحالة إذ بدا أن انتهاكات إسرائيل بحق السجناء نمط وسلوك متبع.. تكون الحاجة أشد من أي وقت مضى إلى تحقيق خارجي وجدير بالثقة».ولمح فولك إلى أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ربما يشكل فريقا دوليا من خبراء الطب الشرعي للتحقيق في وفاة جرادات. وقال: إن صابر العالول مدير معهد الطب الشرعي الفلسطيني الذي حضر التشريح وجد «علامات واضحة على جثة جرادات البالغ من العمر 30 عاما الذي كان صحيح البدن في السابق تدل على التعذيب». وأضاف: «ينبغي فتح تحقيق دولي مستقل في ضوء ما توصل إليه الدكتور العالول من أنه لا دليل على مرض أو تلف بالقلب ومن أنه كانت هناك علامات على جثة جرادات تدل على تعذيبه». وأعربت مجموعة حركة عدم الانحياز، في مجلس الأمن، عن قلقها على أوضاع الأسرى الفلسطينيين، وطالبت بإجراء تحقيق مستقل ومحايد في حادثة جرادات. وحث مكتب مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي إسرائيل على إجراء تحقيق شامل وكشف نتائجه. وأعلنت الحكومة الإسرائيلية من جانبها موافقتها على إجراء تحقيق دولي في أسباب الوفاة.

ويوجد في السجون الإسرائيلية أكثر من 4750 أسيرا موزعين على قرابة 17 سجنا ومعتقلا ومركز توقيف. وقال تقرير فلسطيني حديث إنه يوجد من بين جموع الأسرى 186 معتقلا إداريا دون لائحة اتهام، و13 أسيرة أقدمهن لينا الجربوني من المناطق المحتلة عام 1948 والمعتقلة منذ 11 عاما، و198 طفلا لم تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة، و25 طفلا منهم تقل أعمارهم عن 16 عاما، بالإضافة إلى 12 نائبا وثلاثة وزراء سابقين وعدد كبير من القيادات والكوادر الفلسطينية. ويقول الفلسطينيون إن الأسرى في السجون الإسرائيلية يعانون من ظروف معيشية صعبة ويواجهون انتهاكات يومية.