الرئيس الصومالي يعفو عن القراصنة.. ويستعد بخطط لإعادة إعمار البلاد

طرح خطة بالأمم المتحدة لرفع حظر الأسلحة عن مقديشو لمدة عام

عناصر من بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال ينتشرون شرق بلدة بور - حقبة بعد أن استطاع الجيش الوطني الصومالي طرد عناصر «الشباب» المتطرفة من البلدة (أ.ف.ب)
TT

اقترح الرئيس الصومالي حسن الشيخ محمود، الذي انتخب منذ ستة أشهر، إصدار عفو عن القراصنة الشبان لإعادتهم إلى الطريق القويم وكشف تفاصيل مشاريعه الطموحة «لإعادة بناء دولة في حالة إفلاس». ومن جانب آخر أقر 5 قراصنة صوماليين أمام محكمة أميركية بشن هجوم عام 2010 على سفينة تابعة للبحرية الأميركية هي «يو إس اس» قبالة القرن الأفريقي.

وقال الرئيس الصومالي لوكالة الصحافة الفرنسية «نتفاوض بصورة غير مباشرة مع القراصنة عبر وجهاء» في المدن الساحلية. وتابع: «علينا وضع حد لأعمال القرصنة». وكان انتخاب البرلمان لحسن الشيخ محمود في سبتمبر (أيلول) أعطى آمالا غير مسبوقة لعودة الحياة إلى طبيعتها في هذا البلد الذي يشهد حربا أهلية منذ عقدين.

ويعتزم الرئيس الصومالي الاستعانة بالمجتمع الدولي لمساعدته في منح المئات من الشبان الصوماليين المشاركين حاليا في أعمال القرصنة «وسيلة لكسب عيشهم بطريقة مختلفة».

وقال: «المشكلة هي مشكلة الزعماء (القراصنة). وجهت التهمة إلى البعض وشرطة الإنتربول تلاحقهم.. كما أننا لا نتفاوض معهم ولا نصدر عفوا عنهم. العفو للشبان». وفي ظل غياب دولة قانون في الصومال ازدهرت القرصنة في منتصف عام 2000 حتى وإن شهدت هذه الظاهرة انحسارا العام الماضي بسبب انتشار أسطول من السفن الحربية الدولية في خليج عدن ونشر حراس مسلحين على السفن التجارية.

وقال الرئيس، 57 عاما الذي تعرض أخيرا لمحاولة اغتيال: «أشعر وأعلم بأن حياتي مهددة.. قتل ملايين الصوماليين خلال السنوات الـ22 الماضية وأنا صومالي كأي مواطن آخر». وأضاف: «أعلم بأني سأموت يوما لكن حتى ذلك الحين أفعل ما أستطيع».

وفي بلد يعتبر من الأكثر فسادا في العالم روى الرئيس الصومالي أيضا كيف اقترح عليه رجال أعمال بعد انتخابه المفاجئ مبلغ 200 ألف دولار «يستخدمها كما يشاء». وأضاف أنه طلب منهم بكل تهذيب «ما إذا كان لديهم مانع لإيداع المال باسمهم في البنك المركزي» وقبلوا بذلك.

وقال الرئيس الصومالي إن أولويته هي إعادة بناء دولة حقيقية في حين لا تزال أجزاء كبيرة من البلاد تحت سيطرة ميليشيات وخارجة عن سيطرته، وكذلك مناطق ريفية في الجنوب يسيطر عليها إسلاميون مرتبطون بـ«القاعدة».

ودعا أيضا إلى «أن تشمل أي مساعدة حتى وإن كانت عاجلة عنصرا لإعادة إعمار البلاد». كما طالب الرئيس الصومالي برفع الحظر الدولي على بيع الأسلحة لحكومته وهو طلب يتوقع أن تتخذ الأمم المتحدة قريبا قرارا بشأنه. وقال: «لا يمكننا بناء قوات أمن فاعلة من دون رفع هذا الحظر».

ويوجد حاليا إجماع أو شبه إجماع على الرئيس الصومالي في الأوساط الدبلوماسية التي لم تكن في وقت سابق قريبة من التخلي عن الصومال. وقال الموفد الخاص الأوروبي إلى الصومال ميشال شيرفوني دورسو «إنها المرة الأولى التي لا يكون فيها رئيس صومالي مهتم ببقائه سياسيا بقدر ما هو مهتم بتحسين أوضاع البلاد». وأضاف: «يمكن للصومال أن تصبح للمرة الأولى نموذجا لأن الدينامية فيها إيجابية جدا».

من جهة ثانية أقر خمسة قراصنة صوماليين أمام محكمة أميركية بشن هجوم عام 2010 على سفينة تابعة للبحرية الأميركية هي «يو إس اس اشلاند» قبالة القرن الأفريقي. وكان الرجال الخمسة على متن قارب صغير عندما فتحوا مع شركاء لهم النار من رشاش كلاشنيكوف على السفينة الأميركية التي ردت عليهم ما أدى إلى اشتعال النار بمركب القراصنة ومقتل أحدهم. ثم عمل رجال البحرية الأميركية على إنقاذ القراصنة. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 حكمت محكمة في فيرجينيا (شرق الولايات المتحدة) بالسجن لمدة ثلاثين عاما على الزعيم المفترض لهذه المجموعة الذي أقر بما نسب إليه. وسيصدر الحكم بحق الصوماليين الخمسة مطلع يوليو (تموز) المقبل. وقد يصدر حكم بسجنهم لمدة عشر سنوات كحد أقصى.

إلى ذلك قال دبلوماسيون إن اقتراحا لرفع حظر على الأسلحة عن الحكومة الصومالية لمدة عام طرح بالأمم المتحدة لكنه سيبقي على قيود على أسلحة مثل الصواريخ أرض - جو في ظل انقسام شديد بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن. وطالبت الحكومة الصومالية برفع الحظر المفروض منذ 21 عاما حتى يتسنى لها تعزيز جيشها الذي يعاني نقصا شديدا في التجهيز والانضباط لمواجهة متشددين مرتبطين بتنظيم القاعدة.

وذكر دبلوماسيون أن من المرجح أن توزع على أعضاء مجلس الأمن هذا الأسبوع مسودة قرار لتجديد تفويض قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال التي تدعمها الأمم المتحدة وإعادة ترتيب بعثة الأمم المتحدة واتخاذ قرار بشأن حظر السلاح.

ومن المقرر أن يقترع مجلس الأمن على القرار يوم الأربعاء المقبل قبل انتهاء فترة التفويض لقوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي والتي يبلغ قوامها 17600 جندي في اليوم التالي الموافق السابع من مارس (آذار).

وقال دبلوماسي في مجلس الأمن «ما قد نشهده هو رفع -الحظر- لفترة محددة.. فيما يتعلق بالحكومة ذاتها لكن مع بعض المحاذير.. على سبيل المثال استثناء بعض أنواع المعدات التي سيظل الحظر ساريا عليها».

وأضاف أن الفترة المحددة المقترحة ستكون عاما. وذكر دبلوماسيون أن الولايات المتحدة تحث أعضاء مجلس الأمن على الموافقة على مطالب حكومة مقديشو برفع الحظر المفروض في حين أن بريطانيا وفرنسا عازفتان. وقالوا: إن المفاوضات ما زالت مستمرة.

وفرض مجلس الأمن الحظر عام 1992 للحد من تدفق الأسلحة على قادة الفصائل المتناحرة الذين كانوا قد أطاحوا قبل عام بالحاكم السابق محمد سياد بري وانزلق الصومال إلى حرب أهلية. وأجرى الصومال العام الماضي أول انتخابات منذ عام 1991 لانتخاب رئيس ورئيس وزراء.

وقال دبلوماسي في المجلس متحدثا عن اقتراح رفع الحظر «إنه يثير قلقا شديدا». وأضاف: «هذه الخطوة ستأتي ومعها مخاطر أمنية كبيرة وستمثل سابقة مؤسفة نظرا لأن الوضع ما زال مضطربا بشدة». وأضاف أن الحظر الحالي يتضمن ما يكفي من الإعفاءات لقوات الأمن الصومالية حتى يتسنى تزويدها بما تحتاجه من معدات وأن المجلس منقسم جدا بشأن هذه القضية.

وذكر دبلوماسي آخر في الأمم المتحدة أن مجموعة مراقبة الصومال وإريتريا التابعة لمجلس الأمن وهي لجنة مستقلة تتابع مدى الالتزام بالعقوبات التي تفرضها المنظمة الدولية تحدثت عن أن بعض مقاتلي حركة الشباب المرتبطين بتنظيم القاعدة اخترقوا وحدات من قوات الأمن الصومالية. وقال دبلوماسيون لوكالة رويترز إن مراقبين من الأمم المتحدة حذروا أيضا من أن متشددين إسلاميين في البلاد يحصلون على السلاح من شبكات توزيع مرتبطة باليمن وإيران.

وقال دبلوماسي في المجلس «هناك رأي لا بأس به بإرسال مؤشر قوي بأن الصومال أصبح له الآن حكومة تؤسس نفسها بشكل متزايد كحكومة قادرة على العمل... لكن من ناحية أخرى هناك قلق متزايد بشأن الأمن». وقال بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في وقت سابق من الشهر الجاري أن على المجلس أن يبحث رفع حظر السلاح المفروض للمساعدة على إعادة بناء قوات الأمن الصومالية وتعزيز المكاسب العسكرية التي تحققت في مواجهة مقاتلي حركة الشباب.

وتحارب قوات للاتحاد الأفريقي من أوغندا وبوروندي وكينيا وإثيوبيا متشددي «الشباب» على عدة جبهات في الصومال وأجبرتهم على التخلي عن مساحة كبيرة من الأرض في مناطق بوسط وجنوب البلاد. وأطلق المتشددون الذين اندمجوا مع تنظيم القاعدة في فبراير (شباط) من العام الماضي حملتهم ضد الحكومة في أوائل عام 2007 وسعوا لفرض تفسيرهم للشريعة على كل البلاد.