توصلت الحكومة التايلاندية مع واحدة من المجموعات الرئيسية التي تمثل سكان إقليم جنوب تايلاند المسلم، أمس، إلى اتفاق أولي لإنهاء أزمة الإقليم الجنوبي الذي تقطنه غالبية مسلمة ويشهد منذ سنوات حركة تمرد.
ووقع مسؤولون أمنيون كبار يمثلون الحكومة مع أعضاء من الجبهة الوطنية الثورية، على «وثيقة التوافق العام لإطلاق عملية حوار» في ماليزيا التي يبدو أنها لعبت دور وساطة في العملية. وبعد ذلك التقت رئيسة الوزراء التايلاندية ينغلاك شيناواترا ونظيرها الماليزي نجيب عبد الرزاق، وأعلنا في ختام اللقاء أن الجولة الأولى من المفاوضات ستبدأ خلال 15 يوما. وقالت ينغلاك شيناواترا إن الهدف هو التوصل إلى «حل دائم، وعلينا أن نتقدم في أسرع وقت ممكن»، بينما شهدت أعمال العنف تصاعدا في الأشهر الأخيرة.
ووقع «وثيقة التوافق العام لإطلاق عملية حوار»، الأمين العام لمجلس الأمن القومي التايلاندي الجنرال بارادورن باتاناثابوتر، وحسن طيب الذي قدم على أنه رئيس مكتب الاتصال لمجموعة التمرد في ماليزيا. وقال حسن طيب للصحافيين بعد توقيع الوثيقة «إن شاء الله سنفعل ما بوسعنا لتسوية هذه المشكلة».
وخلفت الهجمات المتبادلة التي يشهدها إقليم جنوب تايلاند خمسة آلاف قتيل على الأقل منذ عام 2004. ويضرب التمرد البوذيين والمسلمين على حد سواء في المنطقة التي كانت ملحقة بماليزيا حتى مطلع القرن العشرين. والمتمردون ليسوا جزءا من الحركة الجهادية في العالم لكنهم يحتجون على التمييز ضد المالاي المسلمين في بلد يشكل البوذيون غالبية سكانه. وقال دانكان ماكارغو الخبير في شؤون أقصى جنوب تايلاند في جامعة ليدز في بريطانيا، إنه «يجب الترحيب بكل ما يوحي بأن الجانب التايلاندي بدأ يفهم النزاع على أنه مشكلة سياسية». ولكنه دعا إلى «الحذر»، مشيرا إلى أن سلطات بانكوك لم تكن يوما موحدة في موقفها من تسوية الملف بين الهيئات العسكرية والمدنية. وتابع أن عددا كبيرا من محاولات التفاوض فشلت في الماضي. وأكد أن أجهزة الأمن «تميل من جهتها إلى النظر إلى الحوار على أنه طريقة للتعرف إلى قادة التمرد أكثر من الاستعداد لمفاوضات جدية».
والآمال في السلام في هذه المنطقة العالقة منذ سنوات في دوامة من هجمات المتمردين والعمليات العقابية لقوات الأمن، تواجه تعقيدات بسبب الحركة بحد ذاتها التي تتسم بالغموض وتعدد أشكالها.. فبينما تشارك مجموعات في التمرد تبدو الجبهة الوطنية الثورية منقسمة.
وتشكك السلطات التايلاندية في قدرة القادة المعروفين للجبهة على السيطرة على جيل جديد من الناشطين أعنف من آبائهم.
وفعليا، لم تعتبر الطبقة السياسية التايلاندية هذه الخطوة انتصارا. واتهم ثاورن سينيم القيادي الثاني في الحزب الديمقراطي المعارض الجنرال بارادورن بالعمل «من دون مشاورة الجيش». وقال إن «توقيع هذا النص لن يجلب السلام والأمر ليس بهذه البساطة».
من جهته، رحب تاوزين بلينسري مستشار رئيسة الوزراء لشؤون الأمن بالأنباء عن توقيع النص، لكنه قال إن الطريق إلى السلام ما زال طويلا. وصرح هذا المسؤول قائلا: «جرت مفاوضات كثيرة في الماضي لكن العنف عاد بين ليلة وضحاها. لا أعتقد أن (توقيع النص) سيؤدي إلى تغيير كبير».