أوساط أميركية: أوباما سيلغي زيارته إذا لم تشكل الحكومة الإسرائيلية

نتنياهو يطلب من بيريس تمديد مهلة تشكيل الحكومة أسبوعين آخرين

TT

وسط ضغوط داخلية وخارجية، بلغت أوجها بإعلان أوساط أميركية أن الرئيس باراك أوباما، سيلغي زيارته لإسرائيل في حال الفشل في تشكيل حكومة جديدة، يتوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف، بنيامين نتنياهو، مساء اليوم إلى رئيس الدولة، شيمعون بيريس، معلنا فشله في تشكيل حكومة جديدة خلال المهلة القانونية (28 يوما)، التي أعطيت له وطالبا منحه مهلة أخرى (يحددها القانون بأسبوعين). وأكد مقربون من نتنياهو أنه سينجح في تشكيل الحكومة في غضون أسبوع واحد، لأنه يقترب من إنهاء المفاوضات مع حزبين أساسيين، وستستند حكومته إلى 68 من مجموع 120 مقعدا. وأنهم لا يرون خطرا على زيارة أوباما.

وكان نتنياهو قد أقام تحالفا أولا مع «هتنوعاة» (الحركة) برئاسة تسيبي ليفني، التي فازت بستة مقاعد. والحزبان الآخران اللذان باتا قريبين من الائتلاف هما: حزب «يش عتيد» (يوجد مستقبل)، وهو حزب جديد أسسه النجم الإعلامي يائير لبيد وفاز بـ19 مقعدا، وحزب «البيت اليهودي» الذي تعتبر نواته في الاستيطان برئاسة نفتالي بينيت وفاز بـ12 مقعدا. وقد أقام بينيت ولبيد تحالفا صلبا بينهما ضد الحزبين الدينيين «شاس» لليهود الشرقيين، و«يهدوت هتوراة» لليهود الغربيين، وهما يتفقان بالأساس على فرض التجنيد الإلزامي للجيش على الشبان المتدينين تحت شعار «المساواة في الأعباء». وقد رفض كل من لبيد وبينيت دخول الحكومة من دون الآخر، مما اضطر نتنياهو إلى الرضوخ إليهما والتخلي عن حلف حزبه التاريخي مع الحزبين الدينيين، على أمل أن يضمهما لاحقا. ورضخ الحزبان الدينيان، «شاس» و«يهدوت هتوراة»، للأمر الواقع وأعلنا أنهما يأسفان للعنصرية ضدهما في أوساط العلمانيين في إسرائيل. وأكدا أنهما لن ينضما إلى الحكومة لاحقا، وأنهما سيخدمان جمهور ناخبيهما من صفوف المعارضة. وهكذا فتحت الطريق أمام دخول لبيد وبينيت وتشكيل حكومة. ولكن هذا التفاؤل يواجه بواقع مغاير، إذ بادرت قوى اليمين المتطرف في حزب الليكود وفي المستوطنات، إلى حملة لتخريب هذا الائتلاف وتبديله بائتلاف آخر يستند إلى اليمين والمتدينين فقط. وقد وجهت هذه الحملة بالأساس إلى بينيت، حتى يتراجع عن حلفه مع لبيد. وقاد هذه الحملة وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة نتنياهو، موشيه يعلون، الذي حاول الإقناع بأن حكومة تضم الأحزاب الدينية الثلاثة (البيت اليهودي وشاس ويهدوت هتوراة) بالإضافة إلى حزب ليفني تشكل أكثرية ثابتة وتكون حكومة يمين بامتياز مثل حكومة نتنياهو - ليبرمان - باراك الحالية. ولكن حكومة تضم لبيد لن تكون مستقرة وستخضع لإملاءات يسارية في قضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وانضم إليه نائب متطرف أكثر في الليكود، هو زئيف ألكين، الذي دعا إلى الاكتفاء بحكومة يمين متطرف من دون ليفني تستند إلى 61 يمينيا خالصا. واتهم بينيت ببيع مبادئ اليمين لصالح حكومة غير مستقرة للعلمانيين واليساريين. وقال إن لبيد سيركب على ظهر الليكود ليصبح رئيسا للحكومة بعد المقبلة. وأضاف أن آخر حكومة قامت في إسرائيل من دون الأحزاب الدينية اتخذت قرارا تعيسا بالانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة في زمن شارون، وهدم المستوطنات اليهودية هناك.

وتوجه وزير المواصلات، يسرائيل كاتسن إلى زعماء المستوطنين ليمارسوا الضغوط على بينيت محذرا أن الاستيطان سيكون أول المتضررين من حكومة بمشاركة لبيد، الذي يدعو على تجميد الأموال المخصصة للمستوطنات.

ولكن بينيت رفض الرضوخ حتى الآن لهذه الضغوط. ولجأ إلى نتائج استطلاع رأي بثت نتائجه القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، ودلت على أن 76% من الإسرائيليين يؤيدون إقامة حكومة من دون الأحزاب الدينية تضم حزبي «يوجد مستقبل» و«البيت اليهودي» وفقط 4% منهم يؤيدون حكومة مع المتدينين. كما يلقى لبيد وبينيت التشجيع من نتائج استطلاع رأي آخر أجري في الإنترنت، يعطي حزب لبيد 31 مقعدا إذا جرت الانتخابات اليوم ويعطي بينيت 13 مقعدا، بينما يعطي نتنياهو 28 مقعدا.

وعقبت رئيسة حزب العمل المعارض، شيلي يحيموفتش، على هذه الأجواء بالقول إن نتنياهو سيقيم حكومة شلل سياسي في كل ما يتعلق بتسوية الصراع مع الفلسطينيين وستقود إلى عزلة إسرائيلية شديدة في العالم. وأضافت أن من المخجل لإسرائيل أن تستقبل الرئيس باراك أوباما في العشرين من الشهر الجاري بحكومة شلل كهذه.

إلى ذلك، أفادت مصادر سياسية في تل أبيب بأن أوساطا أميركية أعربت عن مخاوفها من أن يكون اليمين الحاكم في إسرائيل يعدّ مطبا لأوباما، بخصوص الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، فيفاجئونه بمظاهرات وكتابة شعارات يحولون فيها قضية بولارد إلى قضية أساسية في الزيارة.

وقالت هذه المصادر إن الإدارة الأميركية قلقة من النشاطات الكثيفة التي يعد لها الإسرائيليون للمطالبة بإطلاق سراح بولارد، المواطن الأميركي اليهودي الذي أدين بالسجن المؤبد بسبب تسريبه معلومات عسكرية سرية حساسة لإسرائيل، عندما كان يعمل موظفا في البنتاغون قبل 28 سنة. وإنها تخشى من إقامة مظاهرات شعبية ضد أوباما في هذا الموضوع. وأضافت بلهجة تحذيرية، أن مثل هذه النشاطات سوف تحرف الزيارة عن أهدافها، علما بأن الرئيس أوباما يأتي ليعزز العلاقات الأمنية والسياسية مع إسرائيل.

وكان بيريس، قد صرح بأنه سيطرح مطلب إطلاق سراح بولارد في لقائه مع أوباما. وفي حملة لجمع التواقيع في إسرائيل تمكنت لجنة أنصار بولارد من جمع أكثر من 70 ألف توقيع على عريضة يريدون تسليمها للرئيس أوباما عندما يصل إلى القدس في جولته الإقليمية. وقامت بلدية القدس بتقديم وسام «عزيز القدس» لبولارد بواسطة محاميه، يائير جباي، وزوجته استر. وقام أنصار بولارد بدعوة لورانس كورب، نائب وزير الدفاع الأميركي في فترة اعتقال بولارد، لزيارة إسرائيل. وسيصل مساء اليوم، لكي يشارك في النشاطات الجماهيرية لإطلاق سراح الجاسوس بولارد. وكورب معروف بموقفه العلني بأن بولارد دفع ما يكفي من ثمن لقاء نشاطه التجسسي، وينبغي إطلاق سراحه فورا. وهو يقف إلى جانب عدد آخر من المسؤولين السابقين في الإدارة الأميركية الذين يؤكدون هذا المطلب، وبينهم وزيرا الخارجية الأسبقان، جورج شولتس وهنري كيسنجر. وسيلتقي خلال الزيارة مع الرئيس بيريس ونتنياهو، ترافقه استر بولارد. وسيعقد مؤتمرا صحافيا يعيد فيه موقفه. وقالت مصادر سياسية إسرائيلية لصحيفة «معريب»، أمس، إن «القلق من القلق الأميركي ليس في محله. فهناك أبحاث جدية في واشنطن لإطلاق سراح بولارد. وليس من المستبعد أن يعلن أوباما في القدس عن قراره إصدار العفو عنه».