مصادر غربية رفيعة المستوى: مقترحاتنا لإيران لا تنم عن ضعف ولم نقدم أي تنازل

قالت: إذا بقيت طهران على مواقفها فلا نتائج ترتجى من الاجتماعات المقبلة

TT

بعكس التصريحات المتفائلة التي صدرت عن مسؤولين إيرانيين، الذين تحدثوا عن «منعطف» في المفاوضات الجارية منذ سنوات بين طهران ومجموعة «5 + 1»، وعلى الرغم من اتفاق الطرفين على اجتماع «تقني» في إسطنبول في 18 من الشهر الحالي، وآخر على المستوى السياسي في ألما أتا يومي 5 و6 أبريل (نيسان) المقبل، فإن مصادر غربية شاركت في الاجتماع الأخير خرجت بانطباعات مغايرة، ورأت أن الأمر الإيجابي «الوحيد» كان «في الشكل» ولجهة الرغبة المشتركة في استمرار الحوار والمناقشات، مما سمح باعتبار اللقاء «مفيدا».

وبعد جلسة أولى عرضت فيها كاثرين أشتون ورقة المقترحات «المحدثة»، طلب الوفد الإيراني برئاسة سعيد جليلي، مهلة لدراسة العرض وعاد بعدها في اليوم التالي باقتراح مكتوب «خلطوا فيها مقترحات الـ6 بالمقترحات الإيرانية والتدابير الآنية بالأهداف بعيدة المدى»، جاء الرد الإيراني بالتأكيد على حق إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وفق ما تريد، ورفض إغلاق موقع فوردو والاستمرار في المطالبة برفع العقوبات.

وعول الـ6 على مقترحاتهم الجديدة من أجل «خلق مناخ من الثقة»، وهي تنص على السماح لإيران بمعاودة تجارة الذهب والمعادن الثمينة، ورفع الحظر عن بعض مشتقاتها البتروكيماوية، والوعد بالامتناع عن فرض عقوبات جديدة خلال مدة 6 أشهر قابلة للتجديد. وعلى الرغم من أن جليلي بدأ حديثه في الاجتماع بالقول إن العقوبات «تفيد بلاده لأنها تتيح زيادة الصادرات غير النفطية، وبالتالي لا تطرح أي مشكلة»، فإن الوفد الإيراني رد على مقترحات الـ6 بالمطالبة برفع كامل العقوبات مع بدء المفاوضات، بينما الـ6 يرون أن هذا التدبير يجب أن يكون «الهدف النهائي» الذي يتوج تجاوب إيران مع قرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات الوكالة الدولية للطاقة النووية. ويتبنى الـ6 طريقة «التدرج» ومنهج «التبادلية»، التي تتحكم بمنطق العرض الأخير.

وأفادت المصادر الغربية بأن ممثلي روسيا والصين حثوا في الاجتماعين الوفد الإيراني على «التجاوب» ونبهوا إلى أن «الكرة في الملعب الإيراني» وبالتالي عليهم «التجاوب».

ويرى الستة أن اجتماع الخبراء في إسطنبول سيركز فقط على الجوانب التقنية، أي التبادل بشأن الوسائل الممكنة لتنفيذ مضمون الاقتراحات، ولن يكون له تأثير على الاجتماع «السياسي» المقبل في عاصمة كازاخستان. لكن المصادر المشار إليها نبهت إلى أنه «إذا بقي الإيرانيون على المواقف التي عبروا عنها في الاجتماع الأخير، فلا شيء يجب توقعه من المحادثات المقبلة».

ويرى الـ6 أن المفاوض الإيراني هو اليوم في «وضع الطرف الضعيف»، وأن سياسة التمييع وكسب الوقت «تتم على حساب الشعب والاقتصاد الإيرانيين». وتعترف المصادر الغربية بأن إيران «حققت تقدما في برنامجها النووي»، لكنها اليوم في وضع «صعب»، حيث خسرت للعام الماضي فقط 49 مليار دولار من عائداتها النفطية، ونحو 9 في المائة من الناتج القومي الخام إضافة إلى خسائرها من العقوبات المفروضة على تجارتها، ونظامها المالي، فضلا عن ارتفاع نسب التضخم وخلافه.

وبرأي المصادر الغربية، فإن الغرض من العقوبات «إيجاد ميزان قوى يدفع بإيران إلى التفاوض الجدي» حول برنامجها النووي.

وترفض الدول الغربية النظر إلى العرض الأخير على أنه «علامة ضعف» بوجه إيران، إذ إن العقوبات المقترح تخفيفها «ليست عقوبات أساسية»، ثم إنها «لفترة محددة» فيما الهدف الأبعد يبقى التزام إيران بوقف التخصيب، وبالتخلص من مخزونها النووي والتجاوب مع قرارات الوكالة الدولية وقرارات الأمم المتحدة. ووفق هذا المنطق، فإن «الزمن لا يلعب لمصلحة طهران».

وفي السياق نفسه، كشفت المصادر الغربية أن الأوروبيين بدأوا بدراسة فرض عقوبات إضافية على طهران تتوازى مع العقوبات المتضمنة في مشروع قرار جديد في الكونغرس الأميركي. كذلك يستكشف الغربيون الإمكانات التي يتيحها القرار الدولي رقم 1929، الذي فرضت بموجبه رابع سلة عقوبات على إيران.

وتعترف المصادر الغربية بأن هذه القراءة «المتحفظة» تتفاوت بين طرف وآخر في مجموعة الـ6، لكن «التفاوت لا يصل إلى مرحلة الاختلاف» في كيفية استمرار التعاطي مع طهران لحرص الجميع على المحافظة على وحدة الـ6، التي هي علامة «جديتهم».

وتفيد أرقام الوكالة الدولية بأن إيران تشغل نحو 9 آلاف طاردة مركزية في موقع نطنز من أصل 12 ألف طاردة منصوبة من الجيل الأول «آي آر 1» تخصب بنسبة 3.5 في المائة. وبلغ إنتاج إيران 8.5 طنا من هذه النسبة بمعدل إنتاج 230 كلغ في الشهر. ويتضمن موقع نطنز 348 طاردة تتخصب بنسبة 20 في المائة، فيما بدأ العمل بنشر طاردات من الجيل الثاني في الموقع نفسه من طراز «آي آر إم 2».

ويضم موقع فوردو المحمي طبيعيا، الذي يصعب قصفه 696 طاردة مخصصة للتخصيب بنسبة 20 في المائة، ويمكن نصب 3 آلاف طاردة. وبشكل عام، أنتجت إيران 280 كلغ من اليورانيوم بنسبة 20 في المائة في نطنز وفوردو استخدمت جزءا منها (113 كلغ) لإنتاج الوقود النووي الصلب المستخدم في المفاعل التجريبي في طهران لأغراض البحث والمعالجة الطبية. وحاليا، تنتج إيران 15 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة شهريا.

ويريد الـ6 من خلال المطالبة بتجميد إنتاج هذه النوع من اليورانيوم إبعاد طهران عن «عتبة» الكمية الضرورية لإنتاج أول قنبلة نووية والمقدرة بنحو 250 كلغ. وقالت المصادر الغربية إن إيران «حريصة» على عدم الاقتراب كثيرا من هذه العتبة مخافة تعرضها لضربة عسكرية إسرائيلية، بعد أن نبه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيران إلى اجتياز ما سماه «الخط الأحمر».

وترى هذه المصادر أن «الانفتاح» الإيراني قد يكون غرضه إبقاء خيط المفاوضات قائما لتحاشي الخيار العسكري، مضيفة أن أفضل سبيل لتلافي التصعيد الحربي هو إبراز إمكانية الحل السياسي وجديته مدعوما من جهة بالعقوبات الاقتصادية والمالية التي هي بصدد «خنق» الاقتصاد الإيراني، ومن جهة أخرى بعزم الرئيس الأميركي والتزامه منع إيران بالحصول على السلاح النووي. وبرأيهم أنه لو لم تكن إيران «متخوفة» من الخيار العسكري لكانت وضعت حدا للمفاوضات منذ زمن طويل.

ولكن ماذا عن المستقبل؟

تقول المصادر الغربية إنه إذا سارت الأمور على ما يرام، فإن الهدف هو التوصل إلى «خارطة طريق» تبدأ بخفض التوتر بين الجانبين وإرساء مناخ من الثقة والتقدم خطوة خطوة على مبدأ التبادلية ومعالجة كل جوانب الملف. ولذا يتعين التحلي بالصبر لأن المفاوضات معقدة وستأخذ وقتا طويلا.