عقيد سوري منشق يخطب في مسجد بحلب داعيا الثوار للانضباط والتوحد

فيما المدن السورية تشهد مظاهرات عارمة ضد النظام

مظاهرة في بستان القصر في حلب يتصدرها الأطفال أمس (رويترز)
TT

بكثير من التحدي، خرجت مظاهرات في مناطق كثيرة من سوريا، لا سيما الواقعة تحت سيطرة الجيش الحر، في يوم جمعة اختير له اسم «أمة واحدة.. راية واحدة.. حرب واحدة»، وهي أول مرة يطلق فيها المناهضون للنظام في سوريا وصف حرب على ما يجري في البلاد، التي جاء تمثلها بفيديو يتهكم بمرارة بثه ناشطون من بلدة معربة في درعا مهد انطلاق الثورة السورية، يظهر مقاتلا في الجيش الحر وقد بترت ساقه على كرسي متحرك يجره ناشط إعلامي، وقد كسر ساعده، وهما يقولان (ويضحكان) إنهما سيشاركان في أعراس جمعة «أمة واحدة.. راية واحدة.. حرب واحدة» بيد واحدة ورجل واحدة.

ومع أن هذه التسمية الدينية ليوم الجمعة لم يتفق معها كثير من المعارضين والناشطين، لا سيما العلمانيين، كونها تعطي للثورة طابع الحرب الدينية، إلا أن المتظاهرين رسخوا الطابع الإسلامي للثورة، عبر التأكيد على هذا الشعار بالإضافة إلى شعاراتهم المطالبة بالحرية.

ومن أبرز ما جرى في مظاهرات أمس ظهور العقيد الطبيب المنشق والملتحق بالجيش الحر عبد الحميد زكريا يلقي خطبة الجمعة من على منبر أحد مساجد حلب وهو يستند على سلاحه، ويقسم بأن «النصر قريب، على أن يكون هذا النصر لله» داعيا الثوار إلى الانضباط والتوحد لـ«إسقاط الطاغية».

وهي المرة الأولى التي تظهر فيها شخصية عسكرية على منبر جامع تلقي خطبة دينية أثناء صلاة الجمعة. كما أنها أول مرة تعلو هتافات تركز على السمة الدينية للثورة في سوريا.

وفي حمص، خرج المتظاهرون في الأحياء المحاصرة من جامع خالد بن الوليد، ووجهوا رسالة للمسلمين في العالم لنصرة أمة الإسلام، وتعهدوا بنصرة المسلمين في كل مكان في العالم، حاملين رايات «لا إله إلا لله» السوداء، وهم يهتفون «هي لله هي لله.. لا للسلطة ولا للجاه»، وينشدون «الجهاد انكتب علينا يا أم الشهيد وعن هدفنا أبدا ما منحيد»، كما رفعوا لافتة تضمنت رسالة واضحة عن توجه المجاهدين في أحياء حمص المحاصرة «إلى المنهزمين نفسيا الذين يقولوا إن الأمة غير مهيأة لحكم الإسلام.. فهل الأمة مهيأة لحكم الكفر؟ تعيبون أمتكم والعيب فيكم». وهتفوا مؤكدين «لا وطنية ولا قومية.. إسلامية.. إسلامية».

لكن في المناطق الأخرى، لم يبلغ التصعيد هذا الحد ففي بلدة عربين في الغوطة الشرقية بريف دمشق تركزت الشعارات على مطلب الحرية والانتقام من رأس النظام «مهما اختلفت آراؤنا وتوجهاتنا يبقى هدفنا الأساسي هو الحرية». وهتفوا: «والله لنأخد بالثار من ماهر ومن بشار» وغنوا «الله الله يا مفرج المصايب نحنا الثوار بدنا نفرجيك العجايب».

وسخر المتظاهرون من رجل الدين سعيد رمضان البوطي أمام الجامع الأموي الموالي للنظام بالقول: «هل تعلم أن البوطي يرى مقاعد الشبيحة بالجنة بصيغة إتش دي»، في غمز من تصريحات سابقة للشيخ البوطي عن رؤيته الرئيس الأسد ومعاونيه مع الصحابة في الجنة.

وشكل الصمت الدولي عن استخدام النظام لصواريخ «سكود» ضد مناهضيه، موضوعا مشتركا في غالبية المظاهرات التي خرجت، وكتبوا «(السكود) علامة الرضا والصمت الدولي». وفي دوما، سخروا من صمت الأمم المتحدة «(السكود) كل يوم يطلق، وبان كي مون إلى الآن لم يقلق»، بينما خرجت في بلدة ببيلا مظاهرة شارك فيها أطفال بأعداد كبيرة، وردوا على ما روجه النظام عن قيام عدد من أهالي ببيلا بإطلاق مبادرة لإخراج المسلحين من بلدتهم، وتوصلوا لاتفاق مع محافظ ريف دمشق حسين مخلوف، وكتب المتظاهرون على إحدى اللافتات «نحن أهالي ببيلا الموجودين داخلها ندعو المجرم حسين مخلوف إلى مبادرة تضمن: إعادة الشهداء للحياة وإطلاق سراح المعتقلين وتنحي بشار المجرم ومحاسبته وإعادة إعمار كل ما تهدم في سوريا».

وعن الاجتماع مع المحافظ، قالوا: «لا يمثلنا كل من حضر الاجتماع ووضع يده بيد قتلة الأطفال وباع دماء الشهداء وآهات الجرحى وصرخات الثكالى».

كما رفع الأطفال لافتة كتبوا عليها: «نحن أطفال سوريا، نحن من نعرى، نحن من نجوع، نحن من نقصف، نحن من نقتل فمن أنتم..؟؟».

وخرجت مظاهرات في مناطق أخرى من ريف دمشق في سقبا وباقي مناطق الغوطة الشرقية وأحياء دمشق الجنوبية، التي سادها الهدوء، صباح أمس، ليتجدد القصف عليها بعد الظهر، وفي مظاهرات مدينة حماه توعد المتظاهرون حزب الله اللبناني وزعيمه حسن نصر الله وسخروا منه «جاينك أيها المقاوم بس نخلص من الممانع». وفي باب قبلي حماه، وجه المتظاهرون تهديدا واضحا لحزب الله «حزب اللات دخلت بقدميك إلى المصيدة.. ستسحق بباسطير الجيش الحر.. بإذن الله تعالى». وانتقدوا مواقف الحكومة اللبنانية بتوجيه رسالة إلى «حكومة ميقاتي المعاقة.. ألا يوجد بينكم سياسي عاقل». واستخفوا بما وعد وزير الخارجية جون كيري بتقديمه للسوريين. وفي حلب شمال البلاد خرج الأطفال والشباب في مظاهرات حملوا فيها رايات ملونة (موف وأخضر وأحمر وأصفر وأبيض) كتب عليها «لا إله إلا الله»، للتأكيد على اجتماع كامل الألوان تحت راية الإسلام، إلى جانب أعلام الثورة، وغنوا «غصب عنك يا بشار نحنا بدنا حرية»، وقالوا: «القمع ضد ثورتنا بدأ.. بطلقة ثم مدفع ثم دبابة ثم طائرة ثم صواريخ (سكود).. والعالم نائم».

وقريب من الحدود مع العراق، شارك في مظاهرات في الميادين والبوكمال العراق، أعداد كبيرة معلنة تضامنها مع المدن العراقية المنتفضة (الفلوجة وسامراء والأنبار والموصل وبيجي ديالي وبغداد)، هاتفين: «الميادين معاكم للموت».