التوتر الأمني يلف لبنان.. والقوى الأمنية أحبطت تحرك الأسير

الإسلاميون «نسقوا تحركاتهم في كل لبنان»

أحمد الأسير
TT

حالت إجراءات القوى الأمنية اللبنانية أمس، دون تفجر الوضع الأمني في صيدا، بعد أنباء عن عزم أمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير وأنصاره اقتحام شقتين قالوا إنهما تابعتان لحزب الله في محيط المسجد في عبرا شرق صيدا في الجنوب اللبناني.

في غضون ذلك شهدت معظم المناطق اللبنانية أحداثا أمنيا، فقد صعد إسلاميون من تحركاتهم في طرابلس وبيروت التي شهدت اقتحام ستة منهم لمسجد محمد الأمين وحاولوا إنزال مدير عام الأوقاف الإسلامية التابع لدار الفتوى الشيخ هشام خليفة عن منبر خطبة الجمعة.

وأظهر هذا التزامن في التحرك أن «هناك من نسّق ووحّد تحرك الإسلاميين في مختلف المناطق»، على حد تعبير قائد الدرك العميد جوزيف دويهي. لكن الإسلاميين نفوا تنسيق التحرك ظهر أمس في مختلف المناطق اللبنانية، على الرغم من أن الأسير أشار في صفحته على موقع «فيس بوك» إلى أنه «رفضا لاستدعاء الشيخ أحمد الأسير للتحقيق معه بعد رفعه السلاح دفاعا عن بيت الله مسجد بلال بن رباح حين طوّقه شبيحة إيران، انتفضت باقات الأحرار في مختلف مناطق لبنان».

وأوضح رئيس جمعية «اقرأ» الإسلامية الشيخ بلال دقماق، أن الاعتصامات التي لفت المناطق اللبنانية «لها وجه عفوي أكثر مما هو تنظيمي تضامنا مع الشيخ الأسير الذي سلط الضوء على أن السنة في لبنان مستهدفون». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لم ينسق الإسلاميون تحركهم، بل جاء عفوا على ضوء أن السنة يشعرون الآن أنه طفح الكيل، وعليهم أن يتحركوا لكبح جماح حزب الله».

وأشار دقماق إلى أنه «بعد ممارسات حزب الله، كان لا بدّ من التحرك، على الرغم من أنه يمارس دهاء سياسيا لناحية تحييد نفسه عن المواجهة المباشرة مع السنة، وتفويض أتباع له من السنة للتحرك بمواجهة الرافضين له». وقال: «حزب الله يمارس عملا طائفيا بامتياز في سوريا ولبنان، وخطأ أمينه العام أول من أمس يثبت ذلك»، لافتا إلى «إننا نخشى أن يتحول الصراع إلى اقتتال مع حزب الله بسبب الاحتقان الكبير». ودعا السنة في لبنان «للالتفاف حول بعضهم وتشكيل نواة لأهل السنة، تحظى بدعم مباشر من دولة إسلامية عربية، على غرار رعاية إيران للشيعة في العالم».

وبدت صيدا أمس أشبه بمنطقة عسكرية مقفلة، بعد تصعيد الأسير الذي دعا أنصاره أول من أمس لـ«ثورة ضد الاحتلال الإيراني المقنّع للبنان»، كما ورد على صفحته الرسمية على موقع «فيس بوك»، ومنع الجيش الأسير وأنصاره من الخروج من حرم المسجد، كما فرض إجراءات أمنية مشددة في المدينة. أما سكان المدينة، فعاشوا يوما مضطربا، مع تداعي شائعات عن تصعيد أمني. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن شوارع المدينة «بدت مقفرة»، فيما «ساد جو من الترقب والحذر بين السكان تحسبا لأي طارئ». وأقفل القسم الأكبر من المحال التجارية أبوابه، كما أقفلت بعض المدارس أبوابها.

وذكر أنصار الأسير على مواقع التواصل الاجتماعي أن «الآلاف من أنصار الشيخ اعتصموا أمام شقق السلاح»، في إشارة إلى الشقتين التابعتين لحزب الله في عبرا، مقابل مسجد بلال بن رباح، فيما أكدت الوكالة الوطنية للإعلام أن الأسير اعتصم في المسجد «داعيا أنصاره للتظاهر من دون الإخلال بالأمن».

غير أن القوى الأمنية اللبنانية، بدت حازمة بإجراءاتها المشددة «منعا لأي خلل». وذكرت المؤسسة اللبنانية للإرسال أن القوى الأمنية أعلنت منطقة عبرا في صيدا «منطقة عسكرية لا يمكن الدخول إليها إلا بموجب تصاريح أمنية».

وسبق الإجراءات الأمنية اجتماع لمجلس الأمن الفرعي في صيدا، أعلن في ختامه «وضع خطة أمنية محكمة للحؤول دون حصول أي تداعيات أمنية خطيرة أو نتائج سلبية». وأعلن المجلس في بيان أنه «تم الاتفاق على أن يكون الاعتصام داخل حرم المسجد حصرا مع التشديد على منع أي ظهور مسلح أو خروج لعناصر أمنية تابعة له خارج نطاق المسجد، وقد أعطيت التعليمات الأمنية المشددة في هذا الإطار إلى القوى العسكرية والأمنية كل بوجوب التعامل بحزم وجدية ومسؤولية مطلقة أمام أي محاولة لخرق هذه التدابير انسجاما مع القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للدفاع وتعليمات معالي وزير الداخلية والبلديات». وأشار البيان إلى أنه «تم إبلاغ الشيخ الأسير بواسطة أحد معاونيه، بوجوب التقيد التام بهذه التعليمات وأن يمنع الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية مطلقا تخطي هذه الحدود تحت أي مسمى من المسميات».

بدوره، أكد وزير الداخلية مروان شربل أن الشيخ الأسير «تبلغ أن الإخلال بالأمن ممنوع، لا منه ولا من أي شخص ثاني». وقال: «الأسير أو أي شخص آخر يحمل السلاح في صيدا سنتعامل معه بالشكل المناسب»، مؤكدا أن «القوانين تطبق على جميع الأراضي اللبنانية».

سياسيا، انقسمت فعاليات المدينة على خلفية تحرك الأسير، متبادلة الاتهامات فيما بينها. واعتبر أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري «إن أسباب المشكلة في صيدا هي الاحتقان وتطبيقات 7 مايو (أيار) داخل الأراضي اللبنانية». وأضاف: «حزب الله أوصل الوضع إلى ما هو عليه، ويحاول خطف البلاد للمكان، الذي يريده وهذا الأمر لا يمر بسهولة»، مشيرا إلى أنه «بعد عام 2006، حزب الله هو الذي انتهك حرمات وأعراض الناس، وعليه أن يتلقى كل تطرف يحصل».

وبموازاة اعتصام الأسير، دخل إسلاميون إلى مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، محاولين إجبار الشيخ هشام خليفة الذي كان يلقي خطبة الجمعة، على النزول عن المنبر، على الرغم من أن المصلين منعوهم. وقال الشيخ خليفة في تصريح صحافي أن ستة أو سبعة من الإسلاميين «هددوا بأنهم يحملون السلاح، وقالوا إنه يمنع على الشيخ ذكر اسم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري».

وفي البقاع، تحرك إسلاميون داعمون للشيخ الأسير، وأقاموا اعتصامات مؤيدة له. وفي عكار أقام إسلاميون اعتصاما عند مستديرة العبدة - عكار كان دعا له مناصرو الشيخ أحمد الأسير تضامنا معه وتأييدا لطروحاته ومواقفه. أما في طرابلس، فاعتصم عدد من الإسلاميين بعد صلاة الجمعة تضامنا مع الأسير. كما طالب هؤلاء بتسريع محاكمة الإسلاميين الموقوفين في سجن رومية.

وشهد المبنى (ب) من هذا السجن، الذي يضم إسلاميين، حصول احتجاج للمطالبة بالعفو. وذكرت معلومات عن «احتجاز عدد من عناصر قوى الأمن الداخلي في المبنى (ب) بسجن رومية إثر أعمال شغب للإسلاميين»، سرعان ما انتهى بإنهاء احتجازهم للعناصر الأمنية.

وفي سياق متصل، ألقت سيارة مجهولة الهوية قنبلة يدوية صوتية عند آخر جسر سليم سلام في بيروت. وذكرت الوكالة الوطنية إن القوى الأمنية قامت بملاحقتها.