المعارضة اتهمت أردوغان بـ«الخيانة العظمى».. وأوجلان غاضب من «الكردستاني»

تسريب محاضر اجتماعات تهدد عملية السلام الكردية ـ التركية بالفشل

TT

تعرضت عملية السلام التركية - الكردية إلى ضربة قوية، مع تسريب محاضر اجتماعات بين زعيم تنظيم حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا، عبد الله أوجلان، مع نواب أكراد زاروه في السجن مؤخرا وحملوا منه رسائل إلى قيادات التنظيم العسكرية والسياسية لاستكشاف موقفها من خطة للسلام تنهي الصراع المستمر منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي.

وتسود مخاوف من أن تؤدي هذه التسريبات، التي وصفتها الصحافة التركية بأنها «أكراد - ليكس» نسبة إلى تسريبات «ويكيليكس» إلى عرقلة مساعي السلام التي كان يتوقع لها أن تثمر وقفا لإطلاق النار في 21 مارس (آذار) الحالي، أي في عيد النوروز الكردي، للاحتفال بقدوم الربيع.

ويبدو من هذه التسريبات أن أوجلان مستاء من السياسات التي يتبعها قادة تنظيمه المقيمون في الخارج ويخوضون حربا ضد تركيا، وفي المقابل، أثارت استياء القوميين الأتراك الذين رأوا في تلميحاته أن فشل السلام سيعني حربا جديدة يسقط فيها 50 ألف قتيل «تهديدا لتركيا».

واتهمت مصادر رسمية تركية من سمتهم «القوى الخفية» بتسريب مضمون اللقاء، ورأت بأنهم «مدفوعون من القوى الخفية، التي لا تريد حلا للصراع، إذ ركزت في تسريباتها على بعض الجمل الذي تلفظ بها أوجلان، مثل: جميعا سنصبح أحرارا، وإذا لم تنجح مرحلة السلام فإن الصراع سيبدأ من جديد وسيقتل 50 ألفا»، وأظهرت هذه الجمل على أساس أنها تهديدات من أوجلان لتركيا.

ونفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» وجود أي دور للاستخبارات التركية في تسريب هذه المعلومات التي سجلت في محضر رسمي من قبل أحد عناصرها حضر الاجتماع، ولمحت إلى دور لنواب حزب السلام والديمقراطية خاصة المتطرفين منهم، الذين لا يريدون حلا للمعضلة بتسريب محضر الزيارة التي قاموا بها لأوجلان»، بينما ذهب رئيس الوزراء التركي بعيدا في صراحته بالقول تعليقا على هذه التسريبات: «يبدو أن نواب السلام والديمقراطية يثرثرون كثيرا». لكن حزب السلام والديمقراطية المؤيد للأكراد نفى تسريب نص الاجتماع، الذي تحدث فيه أوجلان بالتفصيل عن انسحاب المقاتلين من الأراضي التركية والإفراج عن سجناء على صلة بحزب العمال الكردستاني وإصلاح دستوري.

في المقابل، انتقد صلاح الدين دميرطاش، رئيس حزب السلام والديمقراطية المعارض، الغارات التركية على شمال العراق التي حصلت خلال وجوده هناك للقاء قيادات عسكرية كردية. ونفى دميرطاش أن يكون حزبه وراء تسريب مضمون جلسات مفاوضات مرحلة إحلال السلام في البلاد. وأكّد من مدينة السليمانية، الموجود فيها في زيارة رسمية، أن حزبه لا يتعامل مع هذه المرحلة بعقلية المؤامرة. وأعرب عن حرصه على عدم ضياع الجهود الرامية لإحلال السلام بالبلاد، مبديا استغرابه من كيفية تسرب مضامين الجلسات، وأن حزبه يحقق في تلك التسريبات لمعرفة من يقف وراءها.

وأكد البرلماني المستقل عن ولاية ماردين، أحمد تورك، أنه مع زملائه النواب، يحققون بموضوع التسريبات، لافتا إلى أنهم يرون في التسريب تضاربا في المواقف.

وأكد «تورك» أن الوثائق المسربة إلى وسائل الإعلام، تبدو، للوهلة الأولى، أنها لا تمت للواقع بصلة، إلا أنهم سيتحققون من الأمر، بعد ما علموا بموضوع التسريب من وسائل الإعلام.

ورأت المعارضة التركية في هذه التسريبات دليلا على «مؤامرة» من الحكومة. وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليجدار أوغلو: «على طاولة الحوار يوجد طرفان.. الطرف الأول أردوغان، والثاني أوجلان، ترى من منهما الذي سيكون المخاطب لنا؛ أرودغان أم أوجلان؟». أما زعيم حزب الحركة القومية دولات بهجالي، فقد اتهم أردوغان بالخيانة العظمى.

وكان أوجلان قد اتهم المقاتلين الذين يقودهم بعرقلة جهوده لإنهاء الصراع. وفي نص نشرته صحيفة «ميليت»، قدم أوجلان أول رؤية علنية لدوره، وعبر عن شعوره بالإحباط إزاء عملية السلام الهشة، واستيائه من القيادة العسكرية لحزب العمال الكردستاني المتمركزة في جبال قنديل بشمال العراق، ملمحا إلى أنها أقل تحمسا لجهود السلام. وقال: «حتى حزب العمال الكردستاني لا يفهمني. يعتبرونني أخا أكبر أو أبا. أشاطرهم مخاوفهم».

وأضاف أن «القيادة في جبال قنديل متشائمة. وسيكون من الجيد أن يتغلبوا على ذلك الشعور». وتابع: «إنني غاضب منهم» معبرا عن اعتراضه على استراتيجية أو «نظام الحرب» الذي يتبعونه.

وعبر أوجلان أيضا عن قلقه بشأن نية حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحذر الحزب من أي محاولة لفرض حل بشروطه. وقال: «آمل أن لا يسيء حزب العدالة والتنمية فهمنا. إذا أساء الفهم ستحدث كارثة. وإذا حاول حزب العدالة والتنمية أن يملي علينا شروطا فلن نقبل». وحذر من اتساع الصراع ما لم يتم الإفراج عن جميع السجناء المرتبطين بحزب العمال الكردستاني.