بدء الحملة الانتخابية لمجالس المحافظات وسط انقسام حاد في الخارطة السياسية في العراق

تنافس شديد في الوسط والجنوب بين «الثلاثة الكبار» يقابله غموض في الغرب والشمال

ملصقات دعائية لانتخابات مجالس المحافظات تغطي جانب جسر في البصرة (أ.ب)
TT

وسط لامبالاة واضحة من العراقيين وانقسام حاد في الخارطة السياسية، انتشرت منذ أول من أمس على نحو لافت صور المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات المحلية التي من المقرر إجراؤها في العشرين من شهر أبريل (نيسان) المقبل.

رئيس ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء نوري المالكي بدأ حملته الانتخابية فعليا من مسقط رأسه محافظة كربلاء أثناء زيارته لها الأربعاء الماضي، سابقا البداية الرسمية للحملة بيومين، حيث طالب البرلمان من هناك بالمصادقة فقط على 5 مليارات دولار بهدف بناء مساكن مجانية للفقراء في حال بقي عاجزا عن إقرار الموازنة المالية العامة للعام الحالي والبالغة نحو 138 مليار دولار أميركي، وهي الأضخم في تاريخ العراق. وبينما تبدو الخارطة السياسية غير واضحة بعد في المحافظات الغربية التي تشهد مظاهرات كبرى منذ أكثر من شهرين، فإن التنافس يبدو على أشده في المحافظات الوسطى والجنوبية بين الثلاثة الكبار هناك (ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم).

وطبقا لما أعلنته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فإن عدد المرشحين المصادق عليهم قد بلغ 8100 مرشح، يتنافسون على مقاعد 14 محافظة «ما عدا محافظات إقليم كردستان الثلاث أربيل ودهوك والسليمانية، فضلا عن محافظة كركوك المتنازع عليها».

إلى ذلك، أكد رئيس الدائرة الانتخابية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مقداد الشريفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المفوضية قد هيأت كل المستلزمات الضرورية لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر في كل المحافظات المشمولة بإجراء هذه الانتخابات». وأضاف الشريفي أن «الدعاية الانتخابية مكفولة للجميع طبقا للضوابط التي وضعتها المفوضية، وأن أي تجاوز من قبل أي كيان لهذا النظام سيواجه بعقوبات رادعة».

وبشأن ما إذا كانت الأرضية مهيأة لإجراء الانتخابات في المحافظات الغربية التي تشهد مظاهرات واحتجاجات منذ أكثر من شهرين قال الشريفي إن «كل شيء جاهز هناك لإجراء الانتخابات المحلية، ولا يوجد أي شيء يمكن أن يكون عائقا دون إجرائها من حيث كل ما يتصل بالجوانب الإدارية واللوجيستية والفنية»، مشيرا إلى أن «المفوضية لا علاقة لها بالكيفية التي يتحرك بها الجمهور أو الكيانات السياسية، لأن دورنا يقتصر على توفير الأجواء المناسبة لإجراء الانتخابات وفق قانون المفوضية».

من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية فارس السنجري (عن محافظة نينوى التي تشهد مظاهرات حاشدة) أن «المظاهرات التي دخلت شهرها الثالث لا علاقة مباشرة لها بانتخابات مجالس المحافظات، لكن هناك بالتأكيد من سوف يتأثر بها أو يعمل للتأثير فيها». وقال السنجري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «أهداف المتظاهرين هي ليست أهداف انتخابات المجالس المحلية، حيث إن الدعاية الانتخابية وما يرفعه المرشحون من شعارات تهدف جميعا إلى الوصول إلى عضوية هذه المجالس، بينما معظم هذه المجالس لم تعمل شيئا مهما لأبناء محافظاتها، في حين أن المتظاهرين يطالبون بالحقوق المشروعة والخدمات الأساسية». وأوضح أنه «حتى المنتخبون حاليا في المجالس القائمة لا سلطات حقيقية لهم، وإن أكثر ما يقومون به هو الإدلاء بالتصريحات الداعية إلى تغيير واقع الحال، بينما أهداف المظاهرات وطبيعة حراكها يؤكد أن أهدافها باتت أكبر وأكثر جذرية». وأشار إلى أن «القضية الأهم في هذه الانتخابات أنه في الوقت الذي تتحمس فيه الطبقة السياسية لها فإننا نجد أن هناك عزوفا من قبل المواطنين للمشاركة فيها نظرا لما أصابهم من يأس».

وفي بغداد، أعلن زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم بدء حملته الانتخابية بالتحالف مع زعيم المؤتمر الوطني أحمد الجلبي، ووزير الداخلية السابق جواد البولاني. وقال الحكيم في كلمة ألقاها خلال حفل أقيم بهذه المناسبة أمس إن «منهاجنا الانتخابي يركز بالدرجة الأولى على توفير أفضل الخدمات للمواطن العراقي من خلال التنافس الشريف الذي يهدف إلى جعل المصلحة العامة نصب أعيننا والابتعاد عن المصالح الشخصية والحزبية»، مشيرا إلى «رفع شعار محافظتي أولا، وجعل هذا الشعار منطلقا لتحقيق وتقديم الخدمات الحقيقية التي يحتاجها المواطن». وبين أن «تطبيق هذا الشعار يعني المنطلق الصحيح لشعار (وطني أولا)». وأوضح الحكيم أن «شعار محافظتي أولا لا بد أن يلمسه المواطن العراقي، ونحن مع المواطن في كل المواطن، وشعار (محافظتي أولا) يعني التسامح والوئام، وهذا يعني انطلاق الخطوة الصحيحة لرفع شعار (وطني أولا) خدمة للمواطن الذي عانى الكثير في السابق، ونحن نعمل للوصول إلى مواقع الخدمة حتى نفيد المواطن ونجعل مصلحته من أولويات عملنا».