كيري يحاول إقناع السياسيين المصريين بتشكيل حكومة وفاق والمشاركة في انتخابات البرلمان

الوزير الأميركي يسعى لمساعدة القاهرة اقتصاديا.. وقيادات في المعارضة رفضت لقاءه

وزير الخارجية الأميركي جون كيري والوفد المرافق له (يمين) خلال لقائه د. أيمن نور زعيم حزب غد الثورة، في القاهرة أمس (رويترز)
TT

قالت مصادر من الحكومة والمعارضة في مصر، أمس، إن الإدارة الأميركية تحاول، من خلال الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إقناع الفرقاء السياسيين بالمشاركة في انتخابات البرلمان وتشكيل حكومة توافقية يمكن من خلالها تقديم مساعدات مالية عاجلة يحتاجها الاقتصاد المصري المتدهور، قائلا إن «الاقتصاد المصري يجب أن يقف على قدميه». لكن الأطراف الرئيسية في المعارضة رفضت لقاء كيري، واعتبرت أن الإدارة الأميركية منحازة لحكم جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي، في وقت استمرت فيه أعمال العنف بين المحتجين على حكم «الإخوان» والشرطة في مدن بالدلتا وقناة السويس.

واستبق كيري لقاءاته مع الأطراف المصرية بمقابلة داخل طائرته في مطار القاهرة استغرقت نحو ثلث ساعة مع سفيرة بلاده لدى مصر، وقالت مصادر السفارة إن كيري كان يريد فهم ما يمكن التحاور بشأنه مع الأطراف المصرية التي دخلت في نفق من التناحر منذ عدة أشهر حتى مساء أمس، أسفر عن مقتل العشرات، وأدى إلى تعثر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للحصول على قرض قدره 4.5 مليار دولار.

ومن المقترحات المطروحة، وفقا للتسريبات مساء أمس، مشاركة أحزاب مدنية معارضة، منها الوفد والمصري الديمقراطي وغد الثورة وأحزاب سلفية، مع جماعة الإخوان في حكومة تشكل قبل الانتهاء من عملية الاقتراع لمجلس النواب (البرلمان) التي ستستمر حتى الصيف المقبل. لكن يمكن لإجراءات تقشفية يشترطها قرض صندوق النقد أن تؤجج الغضب في الشارع المصري. وترى الإدارة الأميركية وفقا للمصادر أن الاتفاق على إجراءات مثل تقليص الدعم وزيادة الضرائب يتطلب توافقا سياسيا وحكومة وفاق واستقرارا في البلاد، على الرغم من إعلان أحزاب المعارضة الرئيسية مقاطعة انتخابات مجلس النواب التي سيتم فتح باب الترشح لها بداية من يوم السبت المقبل.

وقالت مصادر مقربة من السفارة الأميركية في القاهرة إنه فور وصول طائرة كيري لمطار القاهرة ظهر أمس صعدت السفيرة الأميركية، آن باترسون، إلى طائرته وعقدت معه اجتماعا استمر نحو 20 دقيقة. ووصل الوزير الأميركي للعاصمة المصرية قادما من أنقرة على رأس وفد في زيارة تستغرق يومين في إطار جولة في عدد من الدول الأوروبية والعربية. وتعد جولة كيري هي الأولى له منذ توليه منصبه مطلع الشهر الماضي، وذلك مع بداية الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما.

وفي أول تصريح له في القاهرة مساء أمس قال كيري إن «الاقتصاد المصري يجب أن يقف على قدميه مجددا بشكل عاجل»، مشيرا إلى أنه «من الضروري جدا النهوض سريعا بالاقتصاد المصري وجعله أقوى»، وذلك بعد لقاء نحو 20 من رجال الأعمال، من بينهم أعضاء في غرفة التجارة الأميركية بالقاهرة في الفندق الذي يقيم فيه في العاصمة المصرية.

ومن المقرر أن يستقبل الرئيس مرسي وزير الخارجية الأميركي اليوم (الأحد) لبحث العلاقات الثنائية والأوضاع الاقتصادية، بالإضافة إلى الأوضاع الإقليمية خاصة الأزمة السورية والقضية الفلسطينية. كما يلتقي كيري خلال الزيارة مع وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الذي يطالبه بعض المحتجين خاصة في مدن قناة السويس بتولي الحكم بدلا من الرئيس مرسي الذي تم انتخابه الصيف الماضي. والتقى كيري أيضا مع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، والأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، وممثلين عن أحزاب مصرية.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي كبير قوله أمس إن كيري سيشدد خلال زيارته للقاهرة على أهمية توصل مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي تدعمه شتى التيارات السياسية في البلاد. وأكد المسؤول أن توصل مصر إلى اتفاق على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد سيتيح أموالا أخرى من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية، مشيرا إلى أن «رسالته الأساسية هي أنه من المهم للغاية أن تقوم مصر الجديدة على أساس اقتصادي متين».

وأضاف المسؤول الذي اشترط عدم نشر اسمه «من أجل التوصل إلى اتفاق على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية بموجب اتفاق مع صندوق النقد ينبغي أن يتوافر اتفاق سياسي أساسي بين كل الأطراف الفاعلة داخل مصر».

ونظم عدد من المعارضين وقفة احتجاجية أمام مبنى وزارة الخارجية المصرية اعتراضا على زيارة كيري. وقالت مصادر من حزب الدستور الذي يرأسه محمد البرادعي، قائد جبهة الإنقاذ المعارضة، إن وزير الخارجية الأميركي وجه الدعوة للقاء عدد من قيادات الجبهة، بينهم البرادعي والمرشحان السابقين للرئاسة حمدين صباحي وعمرو موسى، إلا أن المصادر نفسها أوضحت أن البرادعي وصباحي رفضا تلبية الدعوة التي كانت تتضمن التباحث حول الأوضاع السياسية في البلاد، وذلك اعتراضا على ما سمته المصادر «الدعم الأميركي لحكم جماعة الإخوان المسلمين».

وقال الناشط القبطي نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، إنه ورموز قبطية أخرى رفضوا لقاء وزير الخارجية الأميركي، مشيرا إلى أن كيري يحاول إقناع المعارضة السياسية بمصر بالمشاركة في انتخابات البرلمان القادم، بينما استنكر تيار الاستقلال الذي يضم عددا من السياسيين تصريحات كيري بشأن مطالبته المعارضة بمصر بالتراجع عن مقاطعة انتخابات مجلس النواب.