حكومة النسور تحرج مؤيديها من الكتل برفعها أسعار المشتقات النفطية

بعضها يفكر في إعادة موقفها من الترشيح وأخرى ستحاوره

عبد الله النسور (أ.ب)
TT

جاء قرار الحكومة الأردنية برئاسة عبد الله المسور رفع أسعار المشتاقات النفطية أول من أمس، ليحرج مناصري النسور أمام قواعدهم الانتخابية. وبدأت الكتل النيابية التي أعلنت الأسبوع الماضي عن تأييدها لترشيح النسور لتشكيل الحكومة القادمة ضمن المشاورات التي يجريها رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة إعادة تقييم موقفها.

وأعلنت كتل نيابية رفضها قرار رفع أسعار المشتقات النفطية وانتقدت كتل ونواب القرار مطالبين الحكومة بالتراجع عنه. وقالت الناطق الإعلامي باسم «كتلة وطن» النائب خلود الخطاطبة إن كتلتها ستعقد اجتماعا ظهر اليوم لتدارس موضوع دعم الرئيس النسور، خصوصا أن الكتلة اشترطت هذا الدعم بعدم رفع الأسعار والمحافظة على مصلحة المواطن.

وأضافت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إننا سنؤكد على الأسس التي تم ترشيح النسور على أساسها ومعرفة إذا كان سيلتزم بمطالب الكتلة أم لا» مشيرة إلى أن مصلحة المواطن هي من أولويات الكتلة وأنها ستقف ضد رفع الأسعار خصوصا أن الحكومة تجهز نفسها أيضا لرفع أسعار الكهرباء في يونيو (حزيران) المقبل.

من جهتها أكدت كتلة نواب حزب الوسط الإسلامي رفضها لقرار الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية مشددة على أن هذا قرار «استقواء على المواطن واستهتار بهيبة مجلس النواب». وقال الناطق الرسمي باسم الكتلة النائب الدكتور مصطفى العماوي إن الكتلة قررت طلب لقاء رئيس الوزراء النسور للبحث معه في إمكانية التراجع أو تجميد أو تعديل القرار الذي يؤثر سلبا على جميع شرائح المجتمع ومستوى معيشة غالبية المواطنين.

وأوضح العماوي في تصريح صحافي عقب اجتماع عقدته الكتلة أمس أنه على ضوء لقاء رئيس الوزراء ستحدد الكتلة موقفها من استمرار تسمية النسور لرئاسة الحكومة المقبلة أو استبعاده، مشيرا إلى أن اللقاء سيتم تحديده اليوم وستعقد الكتلة بعد ذلك اجتماعا لدراسة وتقييم موقفها من تسمية النسور لرئاسة الحكومة.

ودعا العماوي الحكومة إلى البحث عن بدائل أخرى لتسديد العجز في الموازنة وأن تعمل ما وسعها من جهد لتخفيض أسعار الطاقة وغيرها لتخفيف العبء عن الطبقات الفقيرة وعدم تحميل المواطنين أي أعباء اقتصادية إضافية من شأنها الضغط على الأوضاع المعيشية.

من جهته أكد الناطق الإعلامي باسم كتلة الاتحاد الوطني النائب محمد الردايدة لوكالة «عمون» أن الكتلة (10 نواب) ما زالت متمسكة بموقفها المؤيد لترشيح النسور.

كما أكد رئيس كتلة الوفاق النيابية النائب ميرزا بولاد أن الكتلة (19) نائبا ما زالت تدعم النسور لموقع رئاسة الحكومة، مبينا في حديث لـ«عمون» أن هنالك تشاورات مع كتل أخرى لدعم مرشحهم للرئاسة ضمن الأعمال المشتركة بين الكتل.

من جانبها اعتبرت كتلة التجمع الديمقراطي للإصلاح في بيان صدر عنها أن زيادة أسعار المشتقات النفطية غير مبررة وتأتي في ظل مشاورات على حكومة مقبلة، وقالت: «مع احترامنا للنهج الاقتصادي الحسابي لدى الحكومة، لكن الزيادة ليست ذات شأن كبير على خزينة الدولة». وأضافت الكتلة وفق رئيسها النائب يوسف القرنة أن هذه الزيادة ستضر بمصالح الطبقة الوسطى والفقيرة وذوي الدخل المحدود وتكرس نهج الحكومات المتعاقبة بالاعتماد على جيب المواطن وسيلة وحيدة لتسديد فواتير العجز عن التخطيط وإيجاد البدائل من قبل أصحاب القرار في القطاع العام.

أما كتلة المستقبل فقالت إنها متمسكة بخيارها المعلن حول تشكيل حكومة برلمانية خالصة من مجلس النواب رئيسا وأعضاء. وأضاف النائب مصطفى ياغي رئيس الكتلة أن خياره الثاني هو نائب رئيس الوزراء الحالي وزير الداخلية عوض خليفات، مبينا في تصريحات صحافية أن ذلك يأتي في إطار المشاورات حول ترشيح رئيس الحكومة المقبل.

ولفت ياغي إلى أن الكتلة متمسكة بموقفها من أن تكون الحكومة من رحم مجلس النواب انسجاما مع توجهات الملك عبد الله الثاني وتعزيز مفهوم الحكومة البرلمانية والحزبية ولإرساء قواعد الدولة الحديثة. وقال إنه في حال تعثر تشكيل الحكومة البرلمانية في المرحلة الحالية بسبب الحراك الذي تشهده الكتل وتباين مواقفها من هذا المبدأ، فإن الكتلة والخروج برأي توافقي يحظى بالأغلبية داخل الكتلة ترشح النائب السابق في البرلمان عوض خليفات رئيسا للحكومة على أن يختار ثلثي أعضاء الحكومة من البرلمان. وبين أن ذلك يكون تجربة أولى على طريق الإصلاح ومأسسة الحكومة البرلمانية التي تنسجم مع رؤية الملك، لافتا إلى أنه سيتم التواصل مع الكتل الأخرى.

من جانبه تساءل حزب الجبهة الأردنية الموحدة في معرض انتقاده لرفع الحكومة أسعار المشتقات النفطية: «ما مصلحة الحكومة والرئيس في تدمير سمعة مجلس النواب قبل التشكيل الحكومي المرتقب، وما مصلحة الرئيس في استثارة الشارع وصفع مجلس النواب على وجهه في أيامه الأولى؟».

وأضاف مستغربا في بيان له: «هل يمكن تفسير الإجراء بغير أنه محاولة لتسويق الحكومة والرئيس لنفسيهما في المشاورات الحالية، هل مطلوب منا أن نكون ساذجين إلى حد (الهبل) حتى نصدق أن الدولة لا تستطيع انتظار أسبوعين أو ثلاثة من دون هذا الرفع وإذا كان الأمر كذلك فعلى الدنيا السلام، وعلى الحكومة الرحمة وعظم الله أجرنا فيها وبكل من فيها».

وقال البيان إن مصير مجلس النواب سيكون على المحك، وهو أمام أول استحقاق وطني شعبي حقيقي، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة دفع بكرة الثلج إلى الأمام غير عابئ لا بالمشاورات ولا بالمجلس الجديد ولا بالشعب الفقير.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان أن رئيس الوزراء الأردني يسعى من وراء قراره، وفي هذا التوقيت بالذات، إلى القول لمؤيدي ومعارضي ترشيحه في مجلس النواب، إن سياسة إلغاء الدعم التي تبناها من قبل ليست قابلة للمساومة، ولا مجال للتراجع عنها.

وأضاف خيطان أن النواب ربما هم على بينة من ذلك، لكنها مناسبة لتذكيرهم بثوابت السياسة الاقتصادية للحكومة السابقة واللاحقة، في ما اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب تناقش مشروع قانون الموازنة العامة للسنة الحالية. كما يمكن اعتبار القرار توطئة لقرارات لاحقة بشأن أسعار الكهرباء، التي تم تأجيلها إلى يونيو المقبل، بعد أن كان مقررا اتخاذها مطلع أبريل (نيسان) المقبل.

وقال إن الكتل التي تعارض ترشيح النسور لولاية ثانية، ستوظف القرار لاستقطاب المزيد من النواب إلى جانبها حيث خرجت بالفعل أصوات من داخل كتل دعمت ترشيح النسور، تدعو إلى العودة عن هذا التوجه. وأكد أن انهيار الأغلبية ليس واردا، مشيرا إلى أن النسور سيخسر عددا من الأصوات، لكنه يقترب من أن يكون المرشح الوحيد لتولي المهمة من جديد، وبنفس البرنامج الاقتصادي العابر للحكومات.

يشار إلى أن 4 كتل أعلنت ترشيح النسور تضم أكثر من 70 نائبا إضافة إلى عدد من المستقلين بينما الكتل الأخرى منقسمة بين ترشيح نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية عوض خليفات وبين أن يكون المرشح من رحم المجلس.