المعارضة تتحرك سرا لخوض انتخابات مبكرة تلوح في الأفق بفنزويلا

كراكاس تؤكد «الحالة المعنوية الجيدة» لشافيز وتفند «الشائعات السخيفة» عن وفاته

TT

أكد نائب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن الرئيس هوغو شافيز يخضع لعلاج كيميائي في المستشفى العسكري في كراكاس حيث يرقد منذ عودته من هافانا، وشدد أيضا على أن «حالته المعنوية جيدة». وكشف مادورو للمرة الأولى أن شافيز يتلقى علاجا كيميائيا للقضاء على ورم سرطاني سبق أن أجرى أربع عمليات جراحية في هافانا لاستئصاله، كانت آخرها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وأضاف مادورو، الذي كان يتحدث للصحافة مساء أول من أمس إثر قداس أقيم على نية شافيز في كنيسة صغيرة بنيت خصيصا لذلك في حرم المستشفى، أن شافيز «يتمتع بقوة تفوق العلاجات التي يتلقاها، وهو في حالة معنوية جيدة، ويناضل ويتلقى علاجاته». وأوضح نائب الرئيس أن الزعيم اليساري وأطباءه قرروا البدء بالعلاج الكيميائي والإشعاعي بعدما تحسن وضعه الصحي في يناير (كانون الثاني). وذكر بأن الرئيس قرر في فبراير (شباط) العودة إلى فنزويلا بقوله يومها لمساعديه «سوف أدخل مرحلة جديدة مع العلاجات التكميلية، مرحلة مكثفة أكثر وصعبة أكثر، وأريد أن أكون في كراكاس، لذا افعلوا كل ما يجب فعله كي أعود إلى كراكاس بأمان».

ومضى مادورو وعدد من كبار المسؤولين الآخرين أول من أمس وهم يفندون شائعات قالت إن الزعيم الغائب عن الأنظار منذ عاد من كوبا قبل نحو أسبوعين هو إما توفي وإما ميت سريريا. وقد اتهم وسائل الإعلام الدولية «بشن حملة لزعزعة استقرار البلاد عن طريق الكذب بشأن حالة شافيز». وقال مادورو «يجب أن تتوقف الهجمات على قائدنا.. يجب أن تتوقف الشائعات. يجب الكف عن استخدام هذا الوضع الحساس لنا جميعا من أجل زعزعة الاستقرار». واتهم مادورو، الذي عينه شافيز قبل أن يغادر البلاد إلى كوبا في 10 ديسمبر، نائبا له، صحيفة إسبانية ومجموعة إعلامية كولومبية بشكل مباشر بشن «حملة لزعزعة استقرار فنزويلا عبر التركيز على شافيز» من دون «احترام إنسان يخضع للعلاج». ووصف وسائل الإعلام هذه بأنها «فاشية».

في غضون ذلك، بدأت المعارضة الفنزويلية تستعد سرا للتوافق على مرشح توافقي بينها، في حال تقرر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وتعتقد الطبقة السياسية الفنزويلية أن السلطة قد تدعو إلى إجراء انتخابات جديدة إذا لم يتعاف الرئيس شافيز أو بات عاجزا عن مواصلة الحكم. وقال إنريكي كابريلس، المرشح الأوفر حظا للمعارضة «لم توجه الدعوة لانتخابات رئاسية بعد، لكن ينبغي أن تكون مستعدا. ونحن مستعدون». وكان الرئيس شافيز قد فاز على كابريلس وأعيد انتخابه رئيسا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. لكن زعيم المعارضة فاز على نائبين سابقين للرئيس في انتخابات محلية، ومن المرجح أن ينافس مادورو في حالة وفاة شافيز أو تنحيه. وقال الأسبوع الماضي «تغلبت على نائبين للرئيس بالفعل.. إليّ بالثالث».

ورغم افتقار مادورو (50 عاما) لجاذبية شافيز فقد عمل على تقليد أسلوبه ولغته الخاصة، وهو يظهر يوميا على شاشات التلفزيون لتوبيخ المعارضة وافتتاح مرافق عامة، ويشيد برئيسه في كل مرة. وقال في إحدى كلماته المعتادة في كراكاس «نشعر بأننا أبناء لرئيسنا القائد هوغو شافيز. نريد أن نكون مثل شافيز. كلنا شافيز». ومثل هذا الظهور اليومي ينذر بحملة انتخابات مبكرة غير معلنة. وأكدت مصادر من حزبه الاشتراكي أن الترتيبات تجري لانتخابات محتملة.

وخشية أن يؤخذوا على حين غرة من دون أن تتاح لهم فترة كافية لتنظيم حملة انتخابية عقد زعماء «ائتلاف الاتحاد الديمقراطي» اجتماعات سرية الأسبوع الماضي لبحث الاستراتيجية والشروع في اختيار مرشح يجري التوافق عليه، حسبما أفادت وكالة «رويترز» أمس. وحصل كابريلس على نسبة 44 في المائة من الأصوات عندما هزم أمام شافيز، ويمثل هذا الرقم أكبر نصيب من الأصوات للمعارضة في المنافسات مع شافيز منذ تقلده سدة الحكم في عام 1999. ويبدو أن كابريلس (40 عاما)، وهو حاكم ولاية محب للرياضة، هو الاختيار الواضح للمعارضة. لكن بعض أحزاب الائتلاف أبدت تذمرا لشعورها بأنها نحيت جانبا خلال الحملة الانتخابية الأخيرة. وقد يضر صراع طويل أو غير مقبول بين كابريلس وغيره من راغبي الترشح بالجميع، إذ يذكر الناخبين بالخلافات التي عرقلت المعارضة في السابق. وقال هنري فالكون، أحد ثلاثة حكام في البلاد ينتمون للمعارضة، إن عدم اختيار كابريلس «ضرب من الانتحار».

ويبدو مادورو، في الوقت الحالي، صاحب الحظ الأوفر أمام كابريلس، إذ ينظر إليه على أنه الخليفة المختار وامتداد لحقبة شافيز في مناخ مشوب بالعاطفة يصاحب تنحي شافيز أو وفاته. وذكرت وكالة «هنترلاسيز» المحلية لاستطلاعات الرأي أن 50 في المائة ممن شملهم الاستطلاع يعتزمون التصويت لمادورو مقابل نسبة 36 في المائة لكابريلس في حالة إجراء الانتخابات في الوقت الراهن. وقال مراقب للدوائر السياسية اليسارية في أميركا اللاتينية إن بقاء أفكار شافيز حتى بعد رحيله يبين مدى تفرد أسلوب حكمه الذي استند لسماته الشخصية والثروة النفطية في البلاد.

وكتب يواكين فيلالوبوس، القائد السابق لجماعة ماركسية في السلفادور وهو حاليا مستشار وناقد مستمر لليسار، في مقال في صحيفة «الباييس» الإسبانية «وفاة الرجل القوي ستعزز الحركة والنظام. ستساعد وفاته المبكرة (حركته) على تخطي تبعات عدم كفاءة حكومته».