وزير الخارجية الأميركي يبحث اليوم مع مسؤولين سعوديين جملة من الملفات الإقليمية

يزور العاصمة السعودية وسط تركيز على الملفين الإيراني والسوري

TT

يجتمع اليوم (الأحد) الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي مع نظيره وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الرياض، خلال زيارة الأخير للسعودية في إطار جولته للمنطقة، ويبحث خلالها الطرفان التطورات التي تشهدها المنطقة العربية، وسيعقدان مؤتمرا صحافيا على هامش اللقاء المشترك في ختام الزيارة، التي سيلتقي فيها أيضا جون كيري بعض المسؤولين السعوديين.

ومن المتوقع أن يتصدر الملف السوري أهم الملفات خلال زيارة جون كيري إلى السعودية، إضافة إلى الملفين الإيراني والعراقي، والقضايا الساخنة في منطقة الشرق الأوسط، وبحسب مصادر لـ«الشرق الأوسط»، فسيلتقي المسؤول الأميركي عبد اللطيف الزياني الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي خلال زيارته إلى السعودية، مع عدد من وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، في ظل توقعات بأن تتناول تلك الاجتماعات مسألة التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لدول المجلس.

وكانت بعض دول الخليج اتهمت، في وقت سابق، إيران، بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس، مشيرة إلى أن هذا الموقف لا يعبر عن نية طبيعية، وأن كل المؤشرات الآتية من إيران تؤكد عدم رغبتها في إقامة علاقات طبيعية وتعاون حقيقي ومثمر مع دول المجلس، وبالأخص استمرار احتلالها الجزر التابعة للإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى تهديداتها المستمرة بإغلاق مضيق هرمز، لتتوج باقتراح إدراج الأوضاع في سوريا والبحرين على جدول أعمال اجتماعها مع مجموعة «5 + 1»، بشأن برنامجها النووي.

ويرى مراقبون أن زيارة وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري، إلى منطقة الخليج (السعودية والإمارات)، ليست روتينية فحسب، بقدر ما هي زيارة لاستعادة الثقة تجاه حرص أميركا على أمن المنطقة، وتفهم مواقفها من أبرز القضايا الراهنة، مثل التدخل الإيراني والوضع في سوريا، إلى جانب بحث 5 ملفات ساخنة، تحتاج إلى توضيح أكثر لوجهة نظر السياسة الأميركية حولها.

وتتمحور تلك القضايا في عدد من الملفات المعقدة، تشكل القضية السورية الأهم من بينها، وموقف الولايات المتحدة الأميركية حيال ما يجري في سوريا من جرائم إنسانية، حيث يرى الخبراء أن موقف واشنطن الحالي قد يضعف رؤيتها في الدعوة إلى الديمقراطية، وإيقاف انتهاك حقوق الإنسان، خاصة أن عددا من حلفائها كانوا ينتظرون موقفا أكثر حزما تجاه تدخلات روسيا وإيران في هذا الملف.

وقال الدكتور عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، إن أهم الملفات المطروحة في الوقت الحالي الملف السوري والملف النووي الإيراني، ولكن السؤال: هل هناك ملفات أخرى في المنطقة يجب أن يكون هناك نقاش فيها مع وزير الخارجية الأميركي الجديد؟ وأضاف: «موضوع البحرين يعتبر من المواضيع المهمة بالنسبة لنا في الخليج، والصراع العربي - الإسرائيلي وزيارة أوباما المرتقبة للقدس، وملف اليمن، كل تلك الملفات الخمسة تتضمن تباينا في المواقف، نحن في مرحلة يوجد فيها تباين واضح وفجوة كبيرة بين مواقف السياسة الأميركية والمواقف الخليجية».

وبالعودة إلى الدكتور بن صقر، أشار إلى أن تلك الملفات معقدة ومهمة، وقال: «مع الأسف، لا يوجد هناك وضوح أميركي كامل في تلك الملفات»، مستشهدا بقضية فيتو التسليح، وهو الأمر الذي ترفضه دول المنطقة لكون الحوار السياسي لم يصل إلى نتيجة، والتغيير بدعم الجيش السوري الحر، وهو المطلب الخليجي، كان وما زال هناك عائق أمامه يتمثل في «فيتو» على التسليح و«فيتو» أيضا على التمويل المادي.

وزاد: «في البحرين لا يبارك الأميركان الخطوات الإصلاحية التي بدأتها الحكومة بشكل جيد، ولم يدعموا ذلك التوجه، ودول الخليج تعتقد أن ما يحدث في البحرين من فوضى هي عمليات إرهابية وممولة من الخارج. الأميركان يعتقدون أن ذلك جزء مما يحدث، ولكن الجزء الأكبر يتمحور في مطالب سياسية من قبل المعارضة البحرينية».

وشدد على أن واشنطن لم تقدم شيئا في الصراع العربي - الإسرائيلي، حيث إن إعادة المفاوضات مطلب خليجي، وأن يكون الحوار مفتوحا، وأن يكون هناك طرح أميركي، بالإضافة إلى الملف اليمني الذي يشهد تدهورا في الأوضاع واحتمالية تقسيم البلاد.

من جهته، قال عبد الله الشمري المحلل السياسي السعودي، إن الزيارة بشكل عام تأتي ضمن العلاقات الاستراتيجية التي تربط الرياض بواشنطن، ولا يمكن لأي طرف أن يستغني عن العمل من دون الطرف الآخر، مشيرا إلى أنه «من الواضح جدا وجود تحول كبير في الاستراتيجية الأميركية، التي قد تنبئ بوجود تغير كبير في سياستها التاريخية بالشرق الأوسط، وعدم مراعاة مصالح أو سياسة الحلفاء»، وزاد: «قد تكون الزيارة ضمن زيارة تعارف، ومن الطبيعي أن يتعرف على الوزراء في دول الخليج، الذين سيقابلهم في المملكة»، مشيرا إلى أن ذلك إشارة إلى وضع السعودية المؤثر بين دول المجلس، حيث تظل المملكة هي المركز الأهم.

وقال: «الأزمة السورية أثبتت أن الموقف الأميركي كان أقرب للموقف الإيراني والروسي من المواقف الخليجية والتركية، وبالتالي هناك نوع من الاستغراب على الموقف الأميركي، حيث لم يصل للحد الأدنى المطلوب من التحركات لدولة عظمى، في الوقت الذي يضعف ذلك دعاوى واشنطن لحقوق الإنسان أو الديمقراطية، لكون الأزمة السورية باتت أزمة إنسانية».

وتستمر زيارة كيري يومين إلى السعودية، وتبدأ اليوم وسيلتقي فيها مسؤولي الحكومة السعودية، إضافة إلى 3 وزراء للخارجية من دول الخليج، وستركز الاجتماعات على العلاقات الثنائية بين واشنطن ودول الخليج، إضافة إلى مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.