واشنطن ترفض تصريحات صالحي ببدء تخفيف العقوبات على إيران

الكونغرس حذر من تقديم تنازلات * طهران: نصنع 3 آلاف وحدة طرد مركزي متطورة * نجاد يتلقى 480 مذكرة انتقاد من البرلمان خلال عام

وزير الخارجية الإيراني الأسبق علي أكبر ولايتي المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة يتحدث إلى الصحافيين في طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

بينما حذر جمهوريون في الكونغرس الرئيس باراك أوباما من تقديم تنازلات لإيران على ضوء اجتماع الماتي، في كازاخستان، بشأن الملف النووي لطهران، رفضت الخارجية الأميركية أمس التعليق على تصريحات على أكبر صالحي، وزير خارجية إيران، بأن محادثات كازاخستان كانت في صالح إيران، وأن هذه الدول وافقت على رفع بعض العقوبات على إيران، وأن الرفع سيبدأ تدريجيا اعتبارا من يوم أمس الأحد.

وكان صالحي قال، في خبر نقلته أمس وكالة الأنباء الإسلامية الإيرانية حسب ترتيبات الجهاز الدبلوماسي الإيراني، ابتداء من اليوم (أمس)، سنشهد رفعا تدريجيا في العقوبات، وأضاف: «ادعى الأعداء في السنة الماضية بأن العقوبات القاسية ضد إيران ستستمر. لكنهم، هم أنفسهم، اعترفوا بأن العقوبات لم تؤثر على إيران كثيرا». وتابع قائلا: «إذا صرف الأعداء مائة دولار لفرض العقوبات، فإنهم لم يحصدوا حتى على العشرة دولارات نفسها». وقال إن العقوبات فقط أثرت على قدرة إيران على الحصول على عملات أجنبية، لكن إيران تحصل على مائة مليار دولار كل سنة من النفط، كما قال.

ورد متحدث باسم الخارجية الأميركية، في إجابة على سؤال من «الشرق الأوسط»، إن «الخارجية لا تريد التعليق على تصريحات صالحي». وأشار إلى تصريحات باتريك فينتريل، مساعد المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، يوم الخميس، بأن المحادثات في الماتي «كانت مفيدة». وأن الدول الخمسة زائدا ألمانيا قدمت اقتراحات لبناء الثقة، والتي يمكن أن تساعد على مفاوضات تهدف نحو حل شامل طويل المدى. وأن الجانبين اتفقا على عقد اجتماع قادم في إسطنبول يوم 18 من هذا الشهر. ثم العودة إلى الماتي في السادس من أبريل (نيسان).

وعن وصف إيران للاجتماع بأنه كان «ناجحا» و«فتح الطريق أمام رفع العقوبات»، كما قال مسؤولون إيرانيون، قال فينتريل «لا أقدر على الحديث عن الجانب الإيراني أكثر من القول بأنهم أعلنوا آراء عن الاجتماع. لكن، النقطة المهمة هي أننا قدمنا اقتراحاتنا، وقلنا إنها جديدة، وإنها جادة».

وأمس (الأحد)، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تصريحات منسوبة لمصدر حكومي أميركي أن الاختلافات التي نشبت وسط الإيرانيين بعد مفاوضات الماتي جعلت المسؤولين الأميركيين يقللون من تفاؤلهم بأن إيران ستقدم أي تنازلات تدعو إلى تخفيف العقوبات عليها. وأشار المصدر الحكومي إلى تصريحات حجة الإسلام كاظم صديقي، من المقربين إلى آية الله خامنئي، في خطبة يوم الجمعة الماضية بأن إيران تملك حقا مشروعا لإنتاج طاقة نووية.

غير أن أعضاء في الكونغرس انتقدوا التصريحات التفاؤلية من مسؤولين أميركيين كبار، ومنهم مسؤول كبير في رفقة وزير الخارجية، جون كيري، الذي قال يوم السبت، خلال جولة كيري في الشرق الأوسط: «لست متفائلا، لكنى متشجع».

يقود الحملة في الكونغرس ضد هذه التصريحات التفاؤلية السناتور مارك كيرك (جمهوري من ولاية اللينوي) الذي قال أمس إن «السماح لإيران بالعودة إلى تجارة الذهب سيضع خرقا في قوانين معاقبة إيران حتى لا تنتج أسلحة نووية». وأضاف في بيان صحافي: «يجب ألا نتراجع بعد أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه في ضغوطنا على إيران».

إلى ذلك قالت تقارير إعلامية إيرانية أمس، إن إيران تصنع نحو 3000 وحدة طرد مركزي متطورة لتخصيب اليورانيوم في تطور من الممكن أن يزيد من المخاوف الغربية بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وكانت إيران قد أعلنت في وقت سابق هذا العام أنها ستبدأ في تركيب الجيل الجديد من وحدات الطرد المركزي في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم لكن التقارير التي أوردتها وكالات الأنباء الإيرانية أمس، تمثل أول إشارة فيما يبدو إلى عدد هذه الوحدات. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي دواني قوله إن إيران تصنع 3000 جهازا من الجيل الجديد لوحدات الطرد المركزي.

ونقلت وكالة فارس للأنباء عن عباسي دواني قوله «وصل خط إنتاج أجهزة الطرد المركزي تلك إلى نهايته وقريبا سوف تنحي الأجيال القديمة من هذه الأجهزة منخفضة الكفاءة جانبا». وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت سابق هذا العام إن 180 وحدة من أجهزة الطرد المركزي المعروفة باسم «إي آر - 2م» ومن هياكل الأجهزة الفارغة وضعت في المنشأة بالقرب من بلدة نطنز في وسط إيران. ولم يبدأ تشغيل هذه الأجهزة بعد.

وفي حالة تشغيل هذه الأجهزة بنجاح فإنها قد تمكن إيران من تسريع عملية إنتاج وتخزين اليورانيوم المخصب الذي يخشى الغرب أن تستخدمه في صنع سلاح نووي. وتقول طهران إنها تقوم بتخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية فحسب.

من جهة ثانية، توقع مصدر دبلوماسي عربي متابع لقضية الملف النووي الإيراني أن تواجه حكومة طهران هجمة قوية وتصعيدا غير مسبوق من قبل مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يبدأ اجتماعا (دوريا) صباح اليوم، بمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا.

ويدرس الاجتماع تقريرا حديثا رفعه مدير عام الوكالة عن آخر تطورات النشاط النووي الإيراني. وحسب تعبير دبلوماسي عربي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، طلب حجب هويته، فإن «إيران لن تنفعها هذه المرة سياسة المناورة، وكيل الاتهامات للوكالة بالتسييس، الرامية لكسب الوقت أو مد الوكالة بالمعلومات التي تطلبها بالتقسيط؛ نقطة وراء نقطة». وكان مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الياباني يوكيا أمانو قد أورد في التقرير موضع الدراسة معلومات تؤكد أن إيران نصبت، وللمرة الأولى، بمفاعل نطنز 180 جهاز طرد مركزي جديدا من نوعية بالغة التطور والتقنية تعرف ب «آي آر 2 إم» مما يدعم قدرة إيران ويسرع من وتيرة عملياتها لتخصيب اليورانيوم، بالإضافة لما أكده التقرير أن إنتاج إيران من سادس فلوريد اليورانيوم، الذي تم إثراؤه بلغ 8271 كيلوغراما. منها 5974 تم إثراؤها بنسبة 5 في المائة، بينما خضعت الكمية المتبقية لمزيد من المعالجة بنسبة عالية تقدر بـ20 في المائة.

وفي الشأن الداخلي، أكد نائب إيراني أمس، أن برلمان بلاده أصدر، 3,850 مذكرة تحذير للوزراء في حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد، خلال السنة الإيرانية الحالية، منها 480 تتعلق بالرئيس نجاد نفسه. ولم يدلي بتفاصيل حول تلك المساءلات التي تم إصدارها خلال عام.

وفي إشارة إلى الخلافات العميقة بين الرئيس والبرلمان، قال النائب حسين مظفر، في تصريحات نقلتها وكالة «مهر نيوز» إن البرلمان أقر حتى هذه اللحظة 37 قانونا، لكن أحمدي نجاد قام للأسف بتأخير 20 قانون عمدا، فيما قام بتأجيل 12 قانونا آخر إلى الحد الذي دفع البرلمان إلى الإعلان عنها من خلال الصحف الرسمية.

من جهة أخرى أفرجت السلطات الإيرانية عن 14 صحافيا يعملون في صحف إصلاحية اعتقلوا في يناير (كانون الثاني) بتهمة التعاون مع شبكات ترتبط بالغرب حسب ما أفادت صحيفة «شرق» أمس الأحد. وقالت الصحيفة إنه تم الإفراج عن هؤلاء الصحافيين بكفالة، فيما لا يزال أربعة صحافيين آخرين معتقلين. وعند اعتقالهم في أواخر يناير قالت وزارة الاستخبارات في بيان إن الصحافيين ينتمون إلى واحدة من أكبر شبكات الإعلام المرتبطة بالغرب. وذكر بيان وزارة الاستخبارات أن الشبكة أسستها الـ«بي بي سي» وتعمل بالتعاون مع الكثير من الحكومات الغربية.

وأضافت أن هدف الشبكة استغلال ما تعلمته خلال فترة الفتنة في إشارة إلى الفترة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في 2009 وسادتها احتجاجات واسعة وتتهم طهران الغرب ووسائل الإعلام الغربية! ومن بينها الـ«بي بي سي»! بإشعالها.

وأدت الانتخابات التي أعادت الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى السلطة رغم اتهامات المعارضين بالتزوير، إلى موجة احتجاجات واجهتها قوات الأمن الإيرانية بحملة قمع دامية. وانتقدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» اعتقال الصحافيين ودعت إيران إلى الإفراج عنهم. إلا أن وزارة الاستخبارات رفضت تلك الدعوات.

وتعتبر طهران الإعلام الدولي الذي يبث بالفارسية ومن بينه الـ«بي بي سي»، وصوت «أميركا» وراديو «فاردا» الممول من الولايات المتحدة ويبث من براغ بأنه معاد لها. وطبقا للجنة حماية الصحافيين اعتقلت السلطات الإيرانية 45 صحافيا منذ بداية ديسمبر (كانون الأول) 2012. ويعمل الصحافيون لحساب عدد من وسائل الإعلام الإصلاحية ومن بينها صحف «الشرق» و«ارمان» و«بحر» و«اعتماد» وصحيفة «اسيمان» الأسبوعية إضافة إلى وكالة الأنباء الطلابية.