«العمال الكردستاني» يتعهد بإطلاق سراح جميع المعتقلين من الجيش التركي

قوة من البيشمركة رافقت وفدا كرديا تركيا إلى جبال قنديل للقاء قادة «بي كي كي»

TT

يبدو أن الرسالة التي وجهها عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني التركي المعارض (بي كي كي)، المعتقل بسجن إيمرالي بتركيا إلى قيادة حزبه بجبل قنديل قد بدأت تؤتي ثمارها، حيث أعلنت تلك القيادة نيتها إطلاق سراح جميع الجنود والضباط المعتقلين والأسرى لديها من الجيش التركي لإظهار حسن نيتها تجاه جهود السلام متعددة الأطراف، التي يقودها تحديدا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والزعيم الكردي أوجلان.

ويأتي ذلك بالتزامن مع بدء قيادة قنديل بمناقشاتها لإمكانية سحب مقاتليها من داخل الأراضي التركية، وصولا إلى التخلي عن السلاح، تمهيدا إطلاق عملية سلام شامل في تركيا تنهي الصراع الدامي المستمر منذ عام 1984.

ففي حين أبلغ الوفد الكردي التركي المشترك من حزب السلام والديمقراطية وحزب المؤتمر الكردي برئاسة السياسي الكردي أحمد تورك في مؤتمر صحافي عقد بمدينة أربيل ، أول من أمس، عن إطلاق سراح جميع المعتقلين والأسرى من الجيش التركي بسجون الحزب بجبل قنديل في غضون أسبوع، أكد مصدر مقرب من الحزب لـ«الشرق الأوسط» أن قيادة الحزب بجبل قنديل تدرس حاليا إمكانية سحب قواتها من داخل الأراضي التركية بناء على طلب من زعيم الحزب أوجلان، وأن تلك القيادة قررت الرد على رسالة أوجلان في غضون 10 أيام، وإبلاغه بالقرار الذي ستتوصل إليه قيادة الجبل، بما فيه إمكانية وضع السلاح والانخراط بالعملية السياسية العلنية في تركيا، في حال توجت الجهود الحالية بتحقيق السلام المقبول من الطرفين.

وبحسب المعلومات التي تمكنت «الشرق الأوسط» من الحصول عليها، فإن المبادرة التي أطلقها زعيم الحزب عبد الله أوجلان، التي عُدّت خارطة طريق لحل الصراع الكردي التركي بتركيا تتضمن عدة نقاط أساسية سوف تمهد الطريق لإطلاق حوار رسمي موسع يضم الأطراف المعنية بالقضية الكردية للاتفاق على عملية سلام تهدف إلى إخلاء جبل قنديل والمناطق الحدودية من مقاتلي الحزب، تمهيدا للسماح للحزب بدخول العملية السياسية في تركيا.

وتتحدد مبادرة أوجلان بإطلاق سراح جميع الأسرى المعتقلين لدى الحزب بسجون قنديل كخطوة أولية، يعقبها إعلان مبادرة وقف إطلاق النار من قبل قيادة جبل قنديل بحلول أعياد نوروز من الشهر الحالي، ثم سحب المقاتلين من داخل الأراضي التركية إلى داخل حدود إقليم كردستان بشكل مؤقت إلى حين صدور العفو العام عن جميع أعضاء الحزب وإتاحة الفرصة أمامهم للعودة إلى تركيا أو الخروج إلى دول أخرى، وإغلاق مخيم مخمور بمدينة أربيل الذي يؤوي عوائل أعضاء الحزب، ويذكر أن الرسالة التي وجهها أوجلان إلى قيادة حزبه، والتي تتألف من 24 صفحة، وجهت نسخة منها إلى الاتحاد الأوروبي لحث دولها على دعم جهود السلام بتركيا.

وكان الوفد الكردي المشترك الذي ضم كلا من السياسي الكردي أحمد تورك الرئيس المشارك لحزب المؤتمر الديمقراطي، وكولتان كشاناك الرئيسة المشاركة لحزب السلام والديمقراطية، وآيسل توغلوك الرئيس المشاركة لحزب المؤتمر الديمقراطي، قد وصل إلى إقليم كردستان للتوجه منه إلى جبل قنديل لإيصال رسالة أوجلان إلى قيادة الحزب هناك، ولكن بسبب تعرض المنطقة إلى قصف جوي مستمر، حال دون تمكن الوفد من الوصول إلى مقر قيادة الكردستاني، فتم الاتصال بالقيادة التركية بأنقرة، التي أوعزت بوقف القصف الجوي لتسهيل وصول الوفد إلى قنديل، وبذلك توجه الوفد تحت حماية قوة من قوات البيشمركة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، إلى جبل قنديل، وتسليم الرسالة إلى قيادة الحزب هناك.

وفي سياق متصل، التقى الدكتور برهم صالح نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني بالوفد الكردي المشترك، وأكد خلال اللقاء دعمه وحزبه لجهود السلام الحالية بتركيا، مشيرا إلى «أهمية أن تتكلل تلك الجهود باتفاقية سلام شاملة تنهي الصراع الدائر داخل تركيا»، مؤكدا أن «استقرار تركيا سيعود بالنفع على إقليم كردستان، لأن تركيا دولة جارة ولها دور مهم على صعيد قضايا المنطقة، ونحن بقيادة كردستان حريصون على أمتن العلاقات مع تركيا، ويهمنا أن تكون الأوضاع فيها مستقرة». وأضاف صالح: «لقد كان الاتحاد الوطني يؤكد دائما على ضرورة اللجوء إلى الحلول السلمية لحل القضية الكردية بتركيا، واليوم هناك آفاق واسعة لتحقيق ذلك، ولذا فإنه يدعم كل الجهود المبذولة حاليا لتحقيق سلام حقيقي يؤدي بالنهاية إلى تمتع الشعب الكردي هناك بحقوقه القومية المشروعة».