وزير الخارجية الأميركي يحصل على تطمينات بديمقراطية الرئيس وحيادية الجيش

التقى مرسي والسيسي وحث المعارضة على المشاركة في الانتخابات.. ومحتجون حاولوا قطع طريقه للمطار

الرئيس المصري محمد مرسي يستقبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

قالت مصادر في الرئاسة والجيش بمصر أمس إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري غادر البلاد بعد زيارة اطمئن فيها إلى المسار الديمقراطي الذي ينتهجه الرئيس محمد مرسي، وإلى حيادية الجيش، خاصة بعد أن التقى وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي. يأتي هذا في وقت استمرت فيه مصادمات محتجين على حكم الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وقوات الشرطة، بينما حاول متظاهرون تعطيل موكب الوزير الأميركي في طريق عودته للمطار.

وأجرى وزير الخارجية الأميركية في القاهرة أمس لقاءات مع عدد من كبار المسؤولين المصريين؛ على رأسهم الرئيس مرسي، ووزير الدفاع «السيسي»، وجانب من المعارضين، لكن أغلب قادة المعارضة ممثلين في جبهة الإنقاذ التي يقودها الدكتور محمد البرادعي رفضوا حضور لقاء كيري، متهمين الإدارة الأميركية بالانحياز لحكم جماعة الإخوان التي ينتمي إليها الرئيس.

وقالت مصادر الرئاسة المصرية وأطراف من المعارضة إن كيري ركز على الملف الاقتصادي باعتبار أنه محور يمكن أن يجمع الفرقاء المصريين، و«كان سعيدا ومطمئنا لقدرة الرئيس مرسي على السير في طريق الديمقراطية»، بينما أشار معارضون شاركوا في لقاء كيري إلى أن الوزير الأميركي حث الفرقاء السياسيين على المشاركة في الانتخابات النيابية التي سيتم فتح الباب أمام المرشحين لها يوم السبت المقبل، على الرغم من أن معظم الأحزاب المنضوية تحت مظلة جبهة الإنقاذ أعلنت مقاطعتها لها.

وبدا من لقاءات كيري مع الجانب المصري، بما في ذلك رجال الأعمال، أن الوزير الأميركي يركز على الجانب الاقتصادي. وقال كيري إن بلاده ستقدم مساعدات لدعم الموازنة في مصر قدرها 190 مليون دولار، في ضوء تأكيدات الرئيس مرسي على أنه يعتزم استكمال إجراءات الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي قدره 4.5 مليار دولار.

واستقبل الرئيس مرسي بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة أمس الوزير كيري الذي بدأ زيارة إلى القاهرة منذ أول من أمس (السبت) في إطار جولة له بالمنطقة. وجرى خلال اللقاء التطرق إلى العديد من الموضوعات؛ وعلى رأسها العلاقات الثنائية بين القاهرة وواشنطن، وتطورات الوضع الاقتصادي وسبل دعم الاقتصاد المصري للعبور من أزمته الراهنة. كما تم بحث العديد من الملفات الدولية والإقليمية؛ ومنها الملف السوري وتطورات الأوضاع هناك.

كما استقبل الفريق أول السيسي، الوزير كيري وتحدث معه، وفقا لمصادر عسكرية، عن عدم وجود خلافات بين الجيش والرئاسة وأن القوات المسلحة «محايدة» وليست طرفا في الصراع السياسي، مشيرة إلى أن الوزيرين أكدا على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وقضية استمرار تقديم الجانب الأميركي الدعم السنوي للقوات المسلحة المقرر منذ أواخر سبعينات القرن الماضي في عهد الرئيس الراحل أنور السادات الذي عقد اتفاقية السلام مع إسرائيل.

وأعرب الوزير السيسي عن اعتزازه بنمو العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة الأميركية في العديد من المجالات، وتطلعه إلى مزيد من التعاون لبناء وتطوير القدرة القتالية للقوات المسلحة لدعم الأمن والسلام بالمنطقة.

من جانبه، أشاد كيري بالدور الذي تقوم به القوات المسلحة المصرية في حماية الأمن والاستقرار خلال المرحلة الراهنة، مؤكدا حرص بلاده على دعم العملية الديمقراطية في مصر باعتبارها شريكا استراتيجيا في منطقة الشرق الأوسط. وحضر لقاء السيسي - كيري، الفريق صدقي صبحي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وعدد من كبار قادة القوات المسلحة والسفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون. وقالت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية الرسمية: «التقى الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، جون كيري وزير الخارجية الأميركي والوفد المرافق له؛ حيث تناول اللقاء سبل دعم آفاق التعاون العسكري بين البلدين في ضوء عمق العلاقات المصرية الأميركية».

ووصف وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة بأنها علاقات مبنية على التكافؤ والاحترام المتبادل، وأضاف في تصريحات بعد لقاء مع كيري بمقر وزارة الخارجية: «نتوقع من الأصدقاء عموما، ومن الولايات المتحدة كصديق وشريك استراتيجي بوجه خاص، أن تقف بجانب مصر في هذه المرحلة التي نمر بها، خاصة في الموضوعات الاقتصادية»، وأضاف وزير الخارجية المصري: «نعتبر جون كيري صديقا لمصر، ونحن سعداء به ومتفائلون بقدرته على دفع الأمور بالمنطقة في الاتجاه الصحيح».

وقال محمد كامل عمرو أيضا إن زيارة الوزير الأميركي تأتي في وقت تحظى فيه مصر بأول رئيس مدني منتخب انتخابا حرا، مشيرا إلى أن قوة علاقات البلدين تستند على أنها لا تعمل فقط لصالح الدولتين، ولكن لصالح منطقة الشرق الأوسط ككل.

وكان من بين نحو 10 معارضين شاركوا في لقاء كيري، الدكتور أيمن نور زعيم حزب «غد الثورة». وتمت خلال اللقاء الذي قاطعه زعماء من المعارضة الرئيسية الممثلة في جبهة الإنقاذ بقيادة البرادعي، مناقشة التطورات السياسية بمصر وقرار مقاطعة الانتخابات البرلمانية. ووفقا للمصادر، فقد أكد كيري للسياسيين المصريين على أهمية مشاركة المعارضة في الانتخابات من أجل استكمال العملية الديمقراطية وبناء المؤسسات لتجنيب البلاد الدخول في مأزق اقتصادي نتيجة لتردى الأوضاع السياسية، مشيرة إلى أن الوزير أشار إلى أن هذا الوضع يمكن أن يزيد تفاقم الأوضاع في الشارع.

وتشهد مصر احتجاجات عنيفة في عدة محافظات في شرق وشمال القاهرة منذ عدة أسابيع خلفت عشرات القتلى، خاصة في مدن قناة السويس والمنصورة والمحلة، واستمر بعضها حتى أمس. وقامت مجموعات من المحتجين بإضرام النيران في إطارات السيارات أعلى كوبري يؤدي إلى مطار القاهرة الدولي في محاولة منهم لقطع الطريق على كيري أثناء مغادرته البلاد، كنوع من الاحتجاج ضد السياسات الأميركية تجاه مصر. وقامت قوات كبيرة من الشرطة بالتدخل لمنع إغلاق الطريق الرئيسي إلى المطار. كما نظم عدد من المحتجين وقفة أمام القنصلية الأميركية في محافظة الإسكندرية غرب القاهرة شارك فيها ممثلون لـ28 حزبا وحركة سياسية.

من جانبه، صرح الدكتور عمرو دراج رئيس لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان، أن دعوة كيري أحزاب المعارضة للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة تتوافق مع إيمان الإدارة الأميركية بالعملية الديمقراطية، ووصف في بيان بالإنجليزية بثه موقع تابع للإخوان، زيارة الوزير الأميركي لمصر بأنها خطوة جيدة، ومدفوعة بتصميم الإدارة الأميركية على التعامل مع الشرعية الدستورية الحالية في مصر.