اتساع مظاهرات الغضب واشتباكات في بورسعيد والمنصورة وعصيان بالإسماعيلية

محتجون بالقاهرة حاصروا «البنك المركزي» وأعادوا إغلاق ميدان التحرير

رجال أمن بملابس مدنية يضربون متظاهرين ضد حكومة الرئيس مرسي بالقرب من ميدان التحرير أمس (رويترز)
TT

اتسعت أمس مظاهرات الغضب ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر ووقعت اشتباكات دامية في بورسعيد على قناة السويس شرق العاصمة، وفي المنصورة شمالا، بينما ضرب العصيان المدني مدينة الإسماعيلية. وفي القاهرة حاصر محتجون المقر الرئيسي لـ«البنك المركزي»، وأعادوا إغلاق ميدان التحرير بعد ساعات من تدخل الشرطة لفتحه. يأتي ذلك في وقت تسعى فيه السلطات المصرية لتهيئة الأجواء استعدادا للانتخابات البرلمانية التي يبدأ فتح باب الترشح لها يوم السبت المقبل.

وعادت مدينة بورسعيد إلى واجهة المشهد مجددا مع اشتعال أعمال العنف بها ردا على ترحيل المحكومين في القضية المعروفة إعلاميا بـ«مذبحة استاد بورسعيد» والتي صدر فيها حكم بالإعدام على 21 من أبناء المدينة قبل نحو شهر.

وأعقب جلسة الحكم في القضية نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي مصادمات أمام سجن بورسعيد العمومي الذي كان المتهمون محتجزون بداخله، بين عدد من أبناء المدينة وقوات الشرطة، هي الأعنف منذ تولي الرئيس مرسي مقاليد السلطة منتصف العام الماضي. وسقط خلال المواجهات التي استمرت لأيام 42 قتيلا ومئات الجرحى. وفرضت السلطات حينها حالة الطوارئ وحظر التجوال على مدن القناة الثلاث؛ بورسعيد والسويس والإسماعيلية، لكن بورسعيد رفعت شعار العصيان المدني على مدار الأسبوعين الماضيين.

ويرجع سبب التوتر في بورسعيد بالأساس إلى حكم الإعدام الذي صدر في القضية المشار إليها بحق 21 من أبناء المدينة من مناصري فريق المصري البورسعيدي لكرة القدم، وهم من ضمن 73 متهما بالتسبب في مقتل 72 من مناصري النادي الأهلي القاهري لكرة القدم، عقب مباراة بين الفريقين أقيمت في بورسعيد شرق القاهرة مطلع العام الماضي. ومن المقرر أن يتم يوم السبت المقبل الفصل في القضية بعدما أحالت المحكمة أوراق 21 منهم إلى مفتي الجمهورية وهو ما يعني عمليا صدور حكم الإعدام بحقهم.

وفي خطوة استباقية قامت قوات الشرطة أمس بترحيل المتهمين إلى سجن وادي النطرون الواقع في غرب القاهرة، وهو الأمر الذي رفضه أهالي بورسعيد وروابط مشجعي النادي المصري البورسعيدي المعروفين باسم «جرين إيجلز»، مما دفعهم لمحاصرة مبنى مديرية أمن بورسعيد الملاصق لمبنى المحافظة.

وقام بعض أهالي المحكومين في القضية وأعضاء برابطة «جرين إيجلز»، بإلقاء الحجارة على مديرية الأمن وتحطيم واجهاتها الزجاجية وإشعال إطارات السيارات لقطع الطرق بالمدينة، فيما ردت تشكيلات من الأمن المركزي بإطلاق وابل كثيف من قنابل الغاز المسيل للدموع تسبب في حدوث حالات اختناق بين المحتجين في المدينة التي يشارك في تأمينها قوات الجيش.

وحطم الأهالي الغاضبون أيضا الواجهات الزجاجية لمحكمة بورسعيد الابتدائية، والمدخل الرئيسي للمستشارين ووكلاء النيابة، كما قاموا باقتحام أبواب النيابات، وحطموا عددا من النوافذ من الداخل.

وقال مصدر طبي بمديرية الصحة ببورسعيد إن نحو 157 شخصا أصيبوا في المواجهات الدائرة في محيط مديرية أمن بورسعيد غالبيتهم بحالات اختناق.

وبينما كانت الأحداث تتفاقم في بورسعيد، قام عدد من أعضاء روابط مشجعي النادي الأهلي المعروفين بـ«ألتراس أهلاوي» في القاهرة بحصار البنك المركزي المصري ومنعوا المواطنين من دخوله، وتحركوا في مسيرة ضمت المئات إلى ميدان التحرير القريب من مقر البنك.

وحذر أعضاء «ألترس أهلاوي» من صدور أحكام مخففة بحق ضباط شرطة متهمين في قضية «استاد بورسعيد» نفسها، كما اتجهت مسيرات «ألترس» إلى طريق مطار القاهرة الدولي في محاولة لقطعه، في خطوة تصعيدية قبل جلسة النطق بالحكم.

وفي رد على استخدام الشرطة العنف ضد محتجين في بورسعيد والمنصورة، قام العشرات من معتصمي التحرير بالاشتباك مع قوات الشرطة في محيط وزارة الداخلية بوسط القاهرة.

وبينما تعم الفوضى الشوارع المحيطة بميدان التحرير، تمكنت أجهزة الأمن أمس، من إعادة فتح الميدان لساعات بعد أن ظل مغلقا لعدة شهور. وقال مصدر أمني إنه تمت الاستعانة بسبعة تشكيلات من قوات الأمن المركزي التي نجحت في إزالة الحواجز التي وضعها المعتصمون لإغلاق الميدان، لكن المعتصمين تمكنوا من العودة إلى الميدان مرة أخرى، وقاموا بطرد قوات الشرطة الموجودة بالميدان، وأغلقوه مجددا.

وبينما تسعى السلطات في البلاد إلى تهيئة الأوضاع الأمنية استعدادا للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها نهاية الشهر المقبل، تواصلت الاشتباكات الدامية في مدينة المنصورة بدلتا النيل، عقب مقتل شاب تحت عجلات مدرعة للشرطة.

وهاجم المتظاهرون مبنى مديرية الأمن بالمحافظة التي تشهد تصاعدا غير مسبوق لحدة الاشتباكات. وقال أعضاء في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي إن قوات الأمن اقتحمت مقر الحزب في المنصورة أمس، وإن عناصرها حطمت المقر. كما أحرق متظاهرون جانبا من مبنى ديوان عام المحافظة.

وفي غضون ذلك، قطع نشطاء في محافظة الإسماعيلية وهي إحدى مدن القناة خط السكك الحديدية إيذانا ببدء حالة العصيان المدني التي دعا لها نشطاء في المدينة، تضامنا مع بورسعيد.

واحتشد مئات من نشطاء الإسماعيلية أمام ديوان عام المحافظة و«جامعة القناة»، مما ينذر بصدام بين المحتجين وقوات الشرطة.

وفي سياق متصل، تزايدت بشكل مضطرد أعداد المواطنين الذين يحررون توكيلا يفوض وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي في إدارة شؤون البلاد، وهو أمر يعكس تطلع قطاع من المصريين لدور للجيش لتفادي التوترات السياسية وتجنب هاوية اقتصادية يبدو أن البلاد متجهة إليها بحسب مراقبين.