بريطانيا ترد على الأسد: تقودون مذبحة.. وتعيشون في أوهام

الرئيس السوري وصف تعامل لندن مع الأزمة بـ«الساذج» وجدد رفضه التنحي

بشار الأسد (أ.ف.ب)
TT

قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أمس إن بريطانيا لا يمكنها استبعاد تزويد مقاتلي المعارضة السورية بالسلاح في المستقبل، ووصف الرئيس السوري بشار الأسد بأنه «يقود مذبحة» وأنه «يعيش في أوهام». وجاءت تعليقات هيغ ردا على تصريحات أدلى بها الرئيس السوري خلال مقابلة تلفزيونية مع صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، جدد خلالها استعداده للتفاوض حول إنهاء الأزمة في بلاده مع المعارضين «الذين يسلمون سلاحهم»، ورفضه التنحي عن السلطة.

وكانت بريطانيا عرضت من قبل أيضا مساعدات غير مميتة على مقاتلي المعارضة مثل أجهزة لا سلكية ودروع وإمدادات طبية. ومن المزمع أن يتحدث هيغ أمام البرلمان الأسبوع الحالي عن تقديم مزيد من المساعدات إلا أنه صرح لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بأن المساعدات لن تتضمن أسلحة. وأضاف في مقابلة أنه «لن أعلن هذا الأسبوع تزويد المعارضة السورية بأسلحة.. لا أستبعد أي شيء في المستقبل»، واستطرد أنه «إذا استمر هذا الأمر لشهور أو أعوام.. وزعزع استقرار دول مثل العراق ولبنان والأردن فلن يكون ذلك أمرا نتجاهله، يمكن أن نصل إلى مرحلة في نهاية الأمر تكون فيها الاحتياجات الإنسانية كبيرة للغاية والخسارة في الأرواح فادحة بشكل يحتم علينا القيام بشيء جديد لكي ننقذ الأرواح».

وكان هيغ يرد على مقابلة الأسد التلفزيونية والتي عرضت في لندن في وقت متأخر من مساء أول من أمس هاجم الرئيس السوري خلالها بريطانيا، معتبرا أن تدخلها في الأزمة السورية أمر «ساذج وغير واقعي».

وأضاف: «كيف يمكن أن تطلب منهم (بريطانيا) أن يلعبوا دورا في تحسين الوضع وجعله أكثر استقرارا؟ وكيف يمكن أن تتوقع أن يقللوا من العنف في الوقت الذي يريدون فيه أن يرسلوا إمدادا عسكريا للإرهابيين». إلا أن هيغ رفض تصريحات الأسد ووصفها بـ«الوهمية»، وأضاف أن «هذا رجل يقود هذه المذبحة. الرسالة التي نوجهها له نحن بريطانيا من يرسل الغذاء ويوفر المأوى والأغطية لمساعدة النازحين عن ديارهم والتاركين لأهلهم بسببه».

وتابع وزير الخارجية البريطاني قائلا إن «الأسد يعتقد، وتقول له الدائرة الضيقة المحيطة به، إن كل ما يحدث هو مؤامرة دولية، وليس ثورة وتمردا حقيقيين من شعبه».

وأشار إلى أن المقابلة الصحافية مع الأسد «ستصنف على أنها أكثر المقابلات المتضمنة للأوهام التي يدلي بها رئيس دولة في هذا العصر».

وتابع هيغ قائلا إنه سيسعى لإحراز تقدم دبلوماسي خلال محادثاته المرتقبة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف ولكنه لا يأمل في تحقيق الكثير الآن. وأوضح أنه «سيكون وزير الخارجية (لافروف) هنا في لندن خلال الأيام العشرة المقبلة وبالطبع ستجري مناقشات أخرى بخصوص سوريا لمعرفة ما إذا كان بالإمكان إحراز تقدم دبلوماسي ولكن ليست هناك مؤشرات على تحقيق ذلك في الوقت الحالي، ومن ثم علينا أن نقدم المزيد في محاولة لحماية أرواح المدنيين في سوريا».

وكان الأسد جدد خلال المقابلة استعداده للتفاوض حول إنهاء الأزمة في بلاده مع المعارضين «الذين يسلمون سلاحهم»، مجددا رفضه التنحي عن السلطة، ورأى الأسد أنه «لو كان صحيحا» أن تنحيه عن السلطة يحل الأزمة كما يقول بعض المسؤولين الغربيين، فمن شأن رحيله أن «يضع حدا للقتال»، لكنه أضاف أنه «من الواضح أن هذا تفكير سخيف، بدليل السوابق في ليبيا واليمن ومصر». وتابع: «وحدهم السوريون يمكنهم أن يقولوا للرئيس ابق أو ارحل، تعال أو اذهب، ولا أحد غيرهم».

وجدد الأسد استعداده للتحاور مع المعارضين، وقال «نحن مستعدون للتفاوض مع أي كان، بمن في ذلك المقاتلون الذين يسلمون سلاحهم»، مضيفا أنه «يمكننا بدء حوار مع المعارضة، لكن لا يمكننا إقامة حوار مع الإرهابيين».

وتابع، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، انتقاداته لبريطانيا قائلا: «بصراحة بريطانيا معروفة بلعب دور غير بناء في منطقتنا في عدد من القضايا منذ عقود، والبعض يقول منذ قرون (...)».

وأكد أن المشكلة مع الحكومة البريطانية «هي أن خطابها السطحي وغير الناضج يبرز فقط هذا الإرث من الهيمنة والعدائية»، متسائلا: «كيف يمكن أن نتوقع منهم تخفيف حدة العنف، في حين أنهم يريدون إرسال معدات عسكرية إلى الإرهابيين ولا يحاولون تسهيل الحوار بين السوريين؟». وأضاف أنه «إذا كان أحد يريد بصدق، وأشدد على كلمة بصدق، أن يساعد سوريا وأن يساعد في وقف العنف في بلدنا يمكنه القيام بأمر واحد هو الذهاب إلى تركيا والجلوس مع (رئيس وزرائها رجب طيب) أردوغان ويقول له: توقف عن تهريب الإرهابيين إلى سوريا، توقف عن إرسال الأسلحة وتأمين الدعم اللوجستي لأولئك الإرهابيين».

واتهم الأسد فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة بأنها «تدعم الإرهاب في سوريا بشكل مباشر أو غير مباشر، عسكريا أو سياسيا».

وحول الغارة التي شنتها إسرائيل قرب دمشق في يناير (كانون الثاني) الماضي، لم يستبعد الأسد رد بلاده على تلك الغارة، وقال إن «الرد لا يعني صاروخا بصاروخ، أو رصاصة برصاصة. ونحن غير مضطرين إلى الإعلان عن الطرق التي سنستخدمها».