لبنان: الانتخابات النيابية في حكم المؤجلة «تقنيا»

مع غياب التوافق على قانون مشترك

TT

تتصاعد وتيرة الأصوات اللبنانية المحذرة من إمكانية تأجيل الانتخابات النيابية المقررة في شهر يونيو (حزيران) المقبل لانتخاب برلمان جديد في لبنان، على الرغم من إعلان الكتل السياسية كافة إصرارها على إجراء الانتخابات في موعدها. لكن الإصرار على عدم تمديد ولاية المجلس الحالي يقابله فشل الفرقاء اللبنانيين في التوافق على تصور مشترك لقانون الانتخاب، في ظل سعي كل فريق سياسي إلى تفصيل قانون على قياسه بما يضمن فوزه بغالبية المقاعد النيابية.

ويؤدي التأخير في إقرار قانون الانتخاب إلى تأخير حتمي في إنجاز الاستعدادات التقنية واللوجستية لإجراء الانتخابات.

ومع بدء العد التنازلي لموعدها المقرر، تبدو الانتخابات النيابية في حكم المؤجلة، أقله من الناحية التقنية، بحسب وزير الداخلية والبلديات مروان شربل الذي دعا المسؤولين أمس، على هامش انتخابات بلدية شهدها عدد من البلدات اللبنانية، إلى أن «يجدوا قانون انتخابات، ونحن حاضرون».

وكان شربل قد أبلغ «الشرق الأوسط» بأن «عدم توافق الفرقاء على صيغة قانون انتخاب يستوجب تأجيلا تقنيا لا مفر منه»، موضحا أن «وزارة الداخلية اللبنانية باشرت استعداداتها للانتخابات على أساس قانون (الستين) الأكثري، وهو القانون الذي يلقى معارضتي شخصيا، ومعارضة معظم الكتل السياسية»، وأشار إلى أنه «من شأن إقرار أي صيغة جديدة أن يستدعي مهلة من ثلاثة إلى أربعة أشهر لتتمكن الوزارة خلالها من إنهاء الاستعدادات التقنية واللوجستية»، مما يعني أن موعد الانتخابات بات في حكم المؤجل.

عمليا، لم تؤد النقاشات تحت سقف البرلمان اللبناني وفي الصالونات السياسية إلى التوافق على صيغة موحدة لقانون الانتخاب. ويحظى «الاقتراح الأرثوذكسي»، الذي ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها، بموافقة القوى المسيحية الأساسية مدعومة بموافقة الثنائي الشيعي المتمثل في حزب الله وحركة أمل، لكنه يلقى معارضة باقي الفرقاء، وفي مقدمهم تيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط. وثمة اقتراحات عدة تقدم بها فرقاء «14 آذار» في هذا السياق، كما كان لرئيس مجلس النواب نبيه بري طرح متقدم تم التواصل بشأنه أخيرا، لكنه بادر إلى سحبه مطلع الأسبوع الماضي نتيجة معارضة كتل في فريقي «8» و«14 آذار»، في حين اقترح الأمين العام لحزب الله قبل أيام قانون انتخابات يعتمد لبنان «دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية».

وفي حين لم يوقع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، ويمتنع رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن دعوة المجلس النيابي للانعقاد من أجل إقرار قانون انتخاب، يتخوف نواب وشخصيات عدة من أن يؤدي الإصرار على إنجاز الانتخابات في موعدها إلى اعتماد القانون النافذ حاليا وهو «قانون الستين»، الذي يلقى معارضة عدد كبير من الفرقاء السياسيين. ويقول النائب في تيار المستقبل الدكتور عمار حوري لـ«الشرق الأوسط» إن وزير الداخلية سبق أن أبلغ المجلس النيابي بـ«إمكانية تأجيل الانتخابات تقنيا، في حال لم يتم التوافق على صيغة جديدة، ما يعني العودة إلى قانون الدوحة النافذ، الذي انقلب فريق (8 آذار) عليه بعد خسارته الانتخابات الأخيرة». ويبدي تخوفه من أن يكون الهدف من عدم التوافق «تعطيل الانتخابات أكثر من تأجيلها». ووضع الاقتراح الأخير الصادر عن نصر الله، الذي أعلن النائب علي خريس تأييده من قبل الرئيس بري، في سياق «الهروب إلى الأمام والكيدية، انطلاقا من محاولته زيادة حصته والتقليل من حصة فريقنا السياسي»، معتبرا أنه «عندما يطرح النسبية في ظل السلاح الموجود في كل لبنان، نعرف النتيجة سلفا».

من ناحيته، رأى وزير الدولة محمد فنيش (حزب الله) أن «كل قانون لا يتيح للناس أن تعبر عن إرادتها بشفافية وحرية بمعزل عن المؤثرات التي تحد من ممارسة دور المواطن في المساءلة والمحاسبة، هو قانون يتنافى مع الديمقراطية ومنطقها، وأن الحديث عن (قانون الستين) أو الخمسين دائرة أو ما شابه، إنما هو حديث يريد منه البعض أن يقسم حسب مصالحه لا على مقاس الوطن».